لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدود الشمال والجنوب .. تبادل المدافع بدلا عن المنافع!! ... بقلم: بهرام عبد المنعم- الخرطوم
نشر في سودانيل يوم 29 - 04 - 2010

تجددت الاشتباكات الدامية في الأيام الماضية على الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب بمناطق "بلبلة" بجنوب دارفور (40) ميل جنوب بحر العرب وفيما تمسك الجيش الشعبي باتهام الجيش الحكومي وتبرئة قبيلة الرزيقات من الهجوم، جدد المتحدث باسم القوات المسلحة المقدم الصوارمي خالد سعد التأكيد على عدم صلة القوات المسلحة بالهجمات التي أدت بحسب المتحدث باسم الجيش الشعبي العقيد مالاك أجوين أجوك لمقتل (84) وجرح (60) آخرين من القوات الحكومية مقابل خسائر جسيمة في صفوف الجيش الشعبي جاري حصرها.. ومن المعلوم أن تجدد أعمال العنف يهدد اتفاق السلام الشامل الذي أبرم في العام 2005م بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان والذي وضع حدا لحرب أهلية دامت عشرين عاما، هي الأطول في أفريقيا. وقال المتحدث باسم الجيش الشعبي العقيد مالاك أجوين أجوك ل"الأحداث" إن قوات الجيش الحكومي وليست قبائل الرزيقات كما أُشيع تحركت الجمعة الماضية من منطقة الضعين بعدد (21) سيارة ماركة "هينو" و(6) شاحنات كبيرة وهاجمت قوات الجيش الشعبي في ذات اليوم الساعة الرابعة والنصف مساء وعاودت الهجوم قبل يومين في حوالي الساعة الثانية والربع ظهرا على سرية للجيش الشعبي قوامها (120) جنديا، موضحا أن جيشه انسحب وأخلى منطقة "بلبلا" لتحتلها قوات الجيش الحكومي، ونوّه أجوك إلى أن قواته انسحبت إلى منطقة تتوفر فيها خدمات "الراديو" لتتمكن من الاتصال بقيادة الجيش الشعبي في جوبا، إلا أن الصوارمي خالد سعد أكد ل"الأحداث" بأن الجيش ليس طرفا فيما يجري بالمنطقة من نزاعات وعدم مهاجمته لأي أحد، وأضاف: "نحن بعيدون نهائيا عن كل الذي يجري".
تضارب أرقام الضحايا:
وفي الأثناء تمددت الاشتباكات إلى مناطق "مشيش وتمساحة" بجنوب درفور وغرب بحر الغزال، وتضاربت أرقام الضحايا من الجانبين, وقال مصدر من قبيلة الرزيقات فور وصوله من أرض المعركة ل"الأحداث" إن حوالي (50) من قبيلته لقوا حتفهم في المعارك بينما جرح نحو (24) آخرون، وأشار إلى أن القتلى من الطرف الآخر قارب المائتين، مشيراً إلى أن المنطقة دمرت بالكامل، لكن السلطات بجنوب دارفور أكدت مصرع (21) من الرزيقات وإصابة (25) بجراح نقلوا إلى مستشفى الضعين للعلاج, بينما قالت مصادر في الحركة الشعبية إن المئات من الرزيقات سقطوا قتلى وجرحى. وأبلغ مدير شرطة جنوب دارفور اللواء فتح الرحمن عثمان "الأحداث" أن الاشباكات تجددت ووصلت حصيلة ضحايا الرزيقات إلى (21) قتيلا و(25) وجريحا ، وأرسلت الولاية وفداً من الإدارة الأهلية للرزيقات وصل المنطقة في محاولة لإيقاف القتال وسحب العوائل والمواشي من مواقع النزاع. وقال فتح الرحمن إن اجتماعا سيلتئم في نيالا بين والي جنوب دارفور عمر عبد الجبار ووالي غرب بحر الغزال فول ملونق بطلب من لجنة أمن ولاية جنوب دارفور لوضع استراتيجية للسيطرة على المنطقة ومنع وقوع نزاعات أخرى. ورفض سكرتير الحركة الشعبية بجنوب دارفور سليمان إسحق تأكيد أو إعطاء أية أرقام عن ضحايا القتال من جانب الحركة, لكنه أكد على إرسال وفد من حركته للوقوف على الأحوال هناك وتهدئة الخواطر. وكان رئيس مجلس شورى الرزيقات قال في وقت سابق إن القتال الذي وقع الجمعة بين الجيش الشعبي وبدو عرب من دارفور في قطاع على الحدود بين المنطقتين أسفرعن مقتل 55 شخصا على الأقل وإصابة (85) بجروح. وقال محمد عيسى عليو ل"فرانس برس" إن عدداً كبيراً من الرزيقات توجهوا إلى القطاع لمساعدة ذويهم، بينما وصلت الجيش الشعبى تعزيزات من بلدات "راجا وأويل وواو"، مضيفا أن البدو العرب كانوا يبحثون عن مراعي لمواشيهم بالقرب من الحدود مع ولاية بحر الغزال الغربية.
سيناريوهات مرتقبة:
ونصّ اتفاق السلام الشامل على ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب قبل إجراء الاستفتاء. فنجد على المحك خلافات حول حدود بعض المناطق الغنية بالنفط في السودان، وترسيم الدوائر الانتخابية لإجراء الانتخابات والاستفتاءات، والممرات التقليدية للوصول إلى المراعي والكلأ. ولم تكمل لجنة مشتركة تم تشكيلها من الأطراف المعنية عملها لإيجاد حلّ للنقاط الخلافية حول الحدود، ولم تتخذ خطوات فعلية لكى يمضي ترسيم الحدود قدما.
لكن اللجنة الفنية لترسيم حدود 1-1-1956م بين الشمال والجنوب بدأت أمس الأول المرحلة قبل الأخيرة من عملها والمتعلقة بترسيم الخط الحدودي علي الأرض وقال رئيس اللجنة عبد الله الصادق في مؤتمر صحفي عقده بمقر المفوضيات إن اللجنة فرغت من مرحلتى جمع وتصنيف المعلومات وإعداد الوصف ورسم الخط الحدودي على الورق وأن اللجنة دخلت الآن في مرحلة ترسيم الخط الحدودي الفاصل علي الأرض، موضحا أن تلك المرحل تشتمل على عمليات فنية تتمثل في الإستكشاف الجوي والأرضي النهائي للحدود، تحديد مواضع العلامات الرئيسية والثانوية ، تثبيت العلامات الخرصانية علي الخط الحدودي وإجراءات ومراسم استلام العلامات الحدودية وتوثيقها، ونوّه إلى أن عملية الإستكشاف النهائي التي انطلقت ذات شقين جوي وأرضي لاستكمال التحضيرات المساحية اللازمة ومعاينة مواضع العلامات الرئيسية والثانوية واختيار مواقع معسكرات فرق العمل الحقلي لتكون قريبة من مصادر المياه والطرق المعبدة والبيئة الصحية، لافتا إلى أن التحضير لتلك المرحلة تم بالتنسيق مع مع رئاسة الجمهورية ، حكومة الجنوب ، الولايات المعنية ، مجلس الدفاع المشترك ، وزارة الدفاع الوطني ، الجيش الشعبي ، وزارة الداخلية ، جهاز الأمن والمخابرات الوطني والمفوضية السياسية لوقف إطلاق النار، ونوه إلي أن عملية الترسيم تتطلب التعاون الكامل من قبل المؤسسات المذكورة والمواطنين في المناطق الحدودية بجانب وجود إعلام مسئول يبرز أهداف وأغراض الترسيم المتمثلة في التنظيم الإداري بين الولايات والمصالح الزراعية والرعي دون أن يتضرر أحد من عملية الترسيم. وحول المدى الزمني الذي تستغرقه عملية الترسيم قال الصادق أن اللجنة ستفرغ من عملها قبل الأستفتاء واعتبر عملية الترسيم المنتظر إجراؤها بمثابة عملية ترسيم للحدود في دولة واحدة.
وبحسب قراءة مركز العلاقات الخارجية الأمريكي لسيناريوهات تجدد النزاع في السودان والتي ترجمتها صحيفة "الأخبار" السودانية فإن السودان يواجه احتمال تجدد العنف بين الشمال والجنوب خلال مدة تتراوح بين 12-18 شهرا. فحسبما نصت عليه إتفاقية السلام الشامل 2005 م - التي أنهت حربا أهلية دامية أودت بحياة مليوني شخص وشردت أربعة ملايين آخرين - يتعين إجراء استفتاء في جنوب السودان في شهر يناير 2011 م لتحديد ما إذا كان الجنوب سوف يبقى موحدا مع الشمال أم سينفصل عنه. وفي ظل الشعور الشعبي في الجنوب الذي تطغى عليه النزعة نحو الانفصال، يمكن تصور سيناريوهين رئيسيين: أن ينفصل الجنوب سلميا من خلال عملية استفتاء مقبولة، أو الإخلال باتفاقية السلام الشامل فيقاتل الجنوب من أجل الاستقلال، مع استبعاد سيناريو ثالث ببقاء الجنوب موحدا مع الشمال سلميا بعد عام 2011 م. وخلال الفترة الانتقالية، أعادت كل من القوات المسلحة السودانية وجيش الحركة الشعبية لتحرير السودان تسليحهما وتمركزهما على طول الحدود، ولا سيما حول حقول النفط الاستراتيجية. وتتواجد الوحدات المشتركة المؤلفة من القوتين- على النحو المنصوص عليه في اتفاق السلام الشامل- اسميا فقط، ويشكلون أنفسهم مصدرا لكثير من تقلبات المواقف. ومع اقتراب نهاية المرحلة الانتقالية، تزداد احتمالات التصعيد العاجل من خلال ضعف قيادة وسيطرة الضباط ذوي الرتب الأدنى، أو التصعيد المتعمد لتأمين حقول النفط الحيوية.
نقاط ساخنة:
وهناك العديد من النقاط الساخنة المحتملة، يتركز أبرزها في منطقة أبيي. ففي شهر مايو 2008م شنّ اللواء (31) من القوات المسلحة السودانية هجوماً على الجيش الشعبي لتحرير السودان، وأحرق وسط المدينة تماما، ولكن الضغوط الدبلوماسية المكثفة، وصدور حكم محكمة التحكيم الدائمة في يوليو 2009م ساعدت على تهدئة الموقف المتوتر، ولكن تظل الاحتمالات قائمة باشتعال النزاع بين الدينكا الأنواك الأفريقية وقبائل المسيرية العربية، ومن باب أولى الجيش الشعبي لتحرير السودان والقوات المسلحة السودانية. وما زال اللواء (31) من القوات المسلحة السودانية متمركزا شمال المدينة. وعلاوة على ذلك، يمنع المسيرية ترسيم الحدود الشمالية لمنطقة أبيي بموجب حكم محكمة التحكيم الدائمة، وتعمل بعثة الأمم المتحدة في السودان "يونيمس" لوصول قوات حفظ السلام إلى حقول هجليج النفطية التي تقع في هذه المنطقة.. ومما يضاعف من احتمالات تجدد العنف ما يجري حاليا من نزاعات في دارفور ونزاعات محتملة في المناطق المهمشة الأخرى في الشمال. وإذا ما حدث انفصال بالقوة للجنوب، فإن ذلك سوف يعيق الجهود الرامية لحلّ تلك النزاعات، كما سيضاعف من احتمال نشوب قتال عنيف بين الخصوم التقليديين في الجنوب. وسوف يشكل فقدان الأرواح والاضطراب السياسي الواسع تهديدا للاستقرار الإقليمي. ويرتبط تجدد نشوب الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب خلال ال 12 - 18 شهرا المقبلة بالانتخابات القومية، والاستفتاء على تقرير المصير، والخلافات الحدودية والبترول.
تزوير الاستفتاء:
ونجد أن الحركة الشعبية حذّرت شريكها المؤتمر الوطني من مغبة تزوير الاستفتاء لحق تقرير المصير للجنوبيين في 2011م وقالت إن مرشح المؤتمر الوطني عمر البشير شرع فعلا في عملية تزويره لإشارته لدراسة سرية أكدت بأن (40%) من الجنوبيين مع الوحدة، و(30%) ضدها بجانب (30) آخرين لم يحددوا آراءهم. واعتبر نائب أمينها العام ياسر عرمان في مؤتمر صحفي بالخرطوم مؤخرا إجراء الانتخابات بصورتها الراهنة بمثابة "بروفة" لتزوير الاستفتاء، ونوّه إلى أن الوقت الذي يملي فيه المؤتمر الوطني لفرض إرادته على الجنوبيين ولّى ولن يعود أبدا، داعيا البشير للتنازل لشخص آخر من الجنوب لتوحيد السودان باعتباره لن يوحد السودان، سيمّا وأن بضاعته وحزبه أفلحت في السنوات الماضية في تقسيم السودان وليس وحدته. إلا أن رئيس الجمهورية المنتخب المشير عمر البشير جدّد التزامه بحشد الطاقات الوطنية لإنفاذ البرنامج الذي طرحه لمصلحة جميع أهل السودان. وقال البشير في أول خطاب له بعد إعادة انتخابه إن أياديهم وعقولهم مفتوحة لكل القوى العاملة في إطار الدستور، بالتواصل والتحاور والتشاور لتأسيس شراكة وطنية نواجه بها التحديات، والمضي قدما لإجراء الاستفتاء لجنوب السودان في موعده المحدد واستكمال سلام دارفور. كما نجد أن الهيئة التشريعية القومية أجازت في الأشهر الماضية مشروع قانون الاستفتاء في مرحلة السمات العامة بعد عراك بين الشريكين حول القوانين وعلى رأسها قانون الاستفتاء. ووصف رئيس الهئية التشريعية القومية أحمد إبراهيم الطاهر مشروع القانون "بغير العادي" وعدّه أخطر قانون مرّ على السودان منذ 1/1/ 1956م للمسؤوليات الكثيرة المترتبة عليه وأضاف:"المسألة ليست بالشيء الهيِّن ولكن علينا إقرار القانون". وظل نائب الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان يقول مرارا وتكرارا ل"الأحداث" إن الجنوب حال انفصاله لن يكون "جنوب البرازيل".. لكن في الوقت ذاته فإن قيادات المؤتمر الوطني تتخوف من حالات الإرهاب والتخويف التي يمكن أن يمارسها الجيش الشعبي على المواطن الجنوبي في صناديق التصويت على الإستفتاء وقال رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر حينها إن وحدة السودان حال ضياعها سيصعب إرجاعها، وألمح إلى وجود مشكلات ربما تعترض شعب الجنوب في التعبير عن رغبتهم في التصويت بكل صدق، وأوضح بأنهم يريدون التأكد من أن المواطن في الجنوب عالما بمحتوى الورقة التي سيمارس بها حقه بكل إرادة في التصويت في صناديق الاستفتاء.
مسؤولية الشريكين:
وتظل المسؤولية في المقام الأول والأخير تقع على عاتق شريكا نيفاشا "المؤتمر الوطني والحركة الشعبية" باعتبارهما وقعا على اتفاقية سلام جديرة بالاحترام وأوقفت تدفق الدماء السودانية وإزهاق الأرواح البريئة.. فبدلا من تبادل الاتهامات ولعب الأدوار السياسية "الضيقة" عليهما أن يحافظا على الحدود بين الشمال والجنوب باعتبارها أطول حدود ينبغي المحافظة عليها غض النظر عن نتائج الاستفتاء المرتقب إجراؤه في يناير 2011م، فشعب السودان الذي اكتوى بنار الحرب لأكثر من عقدين من الزمان ينتظر ثمار السلام وتذوق طعمه بدلا من إعادة الكرة عليه تارة أخرى بفعل السياسات "الرعناء" التي لا تخدم الوطن في شئ. ويخشى الخبراء من أن اختيار الانفصال سيؤدي إلى غليان مشكلات تجييش منذ فترة طويلة في الجنوب.. فالانقسامات القبلية وغياب الأمن خارج المراكز الحضرية والحكومة التي تفتقر للخبرة والفساد وإشارات إلى أن سلطة الحكم الذاتي في الجنوب تظهر علامات على القمع عوامل أثارت مخاوف من أن جنوب السودان المستقل قد لا ينهي المشكلات التي يواجهها شعب الجنوب. وقال زخاري فرتين من مركز أبحاث المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات: "قد تشهد فترة ما بعد الاستقلال - عندما ينتهي القاسم المشترك الخاص بتقرير المصير- اقتتالا كبيرا وصراعا متزايدا على أسس قبلية". ويخشى مراقبو الأوضاع في السودان من أنه من دون الهدف الموحد الخاص بجنوب مستقل قد يزداد السخط بسبب تدني قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية والفساد والمعاملة الفظة من قبل جيش الجنوب الذي يفتقر إلى التدريب. ودفع التأجيل والتلكؤ في تنفيذ اتفاق السلام الذي أبرم في العام 2005 بين الشمال والجنوب والذي وعد بالتحول الديموقراطي وتقاسم السلطة والثروات والانتخابات والاستفتاء كثيرا من الجنوبيين إلى إعلان أنهم سيصوتون لصالح انفصال الجنوب في الاستفتاء الذي سيجرى في التاسع من يناير العام 2011م.
تقارير عن قرب:
وانشغلت الحركة الشعبية لتحرير السودان حركة التمرد السابقة التي حاربت حكومة شمال السودان الإسلامية بسبب الآيديولوجية والدين والعرق والنفط والتي تهيمن على حكومة جنوب السودان بضمان تنفيذ اتفاق السلام ما ترك التوترات تحت سطح جنوب السودان دون حل. وجرى تسليط الضوء على الخلافات العرقية في العام 2009م إذ قتل 2500 شخص في أعمال عنف قبلية. وكثير من القتلى من النساء والأطفال الذين قتلوا في هجمات قاسية وشديدة التنظيم على ما يبدو على القرى الكبيرة. ويتهم الجنوبيون الخرطوم بتسليح الجماعات القبلية المتصارعة كما فعلوا أثناء الحرب بين الشمال والجنوب ولكنهم لم يتمكنوا من تقديم دليل مقنع. ويعتقد البعض أن المنافسات بين الساسة الجنوبيين والفراغ الأمني خارج المراكز الحضرية هي المسئولة. وقال فرتين ل"رويترز" من المرجح أن تتزايد المناورات السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات والاستفتاء. وتابع يجب أن تكون هناك درجة عالية من التعاون إذا كانوا سيشكلون دولة جديدة تتوافر لها مقومات البقاء. ونزع السلاح من أناس يتبارزون بالأسلحة بعد عقود من حرب أهلية أودت بحياة مليونين وأدت إلى نزوح أربعة ملايين من بيوتهم كأكبر عملية دموية. وقال تقرير صادر عن معهد السلام الأميركي وهو مركز أبحاث مستقل:" كثير من الجماعات تساورهم شكوك بشأن قدرة الجيش على حماية المجتمعات غير المسلحة. كثيرا ما ينظر لجهود نزع السلاح على أنها متحيزة... وغير متماثلة". وشهد الجيش الهائل الذي يكافح الجنوب لدفع مرتبات جنوده اقتتالا داخليا ويتهم بانتهاكات لحقوق الإنسان. وقال تقرير لمنظمة "آي كي في باكس كريستي" وهي منظمة هولندية غير حكومية إن الجيش بشكل عام ليس جيشا موحدا ولكنه مجموعة من المليشيات السابقة والجماعات العرقية وهناك حاجة مستمرة لإحداث توازنات للحفاظ على وحدته. ويشكو الأجانب ولاسيما عشرات الآلاف الوافدين من شرق إفريقيا الذين يشكلون جزءا حيويا من الاقتصاد الوليد من المعاملة الفظة حيث أطلقت النيران على خمسة كينيين الشهر الماضي. وغادر معظم أبناء شمال السودان الجنوب بعد أن تعرضت شركاتهم لهجمات منذ العام 2005، وشكت بعض الأحزاب السياسية من المضايقات. وتتقدم جماعة منشقة يتزعمها وزير خارجية السودان السابق لام أكول من الحركة الشعبية لتحرير السودان بالتماس للمحكمة الدستورية العليا بعد أن قالت إن حكومة جنوب السودان اعتقلت زعماء الجماعة وأغلقت مكاتبها. وواجه الصحافيون أحيانا تحرشات يقولون إنها تتعارض مع حرية الصحافة التي يكفلها الدستور. ويخشى كثيرون من اشتراطات ترخيص وسائل الإعلام المتشددة التي يضعها قانون مقترح للإعلام. وقال حكيم موي، من رابطة الإعلام في جنوب السودان، من المؤكد أن الترخيص سيستخدم للرقابة أو لرفض التجديد لوسائل الإعلام المستقلة التي تعتبر إما منتقدة للحكومة أو تشكل تهديدا للمصالح الراسخة. ومن المعلوم أن مواطنو الجنوب سيدلون بأصواتهم في استفتاء يناير 2011م بشأن الانفصال عن الشمال أو الوحدة الطوعية، وها هىي الجهات المسؤولة أعلنت نيتها عقب تشكيل الحكومة المنتخبة الجديدة عقد أول اجتماع للحكومة في جوبا في بادرة جديدة لتعزيز فرص الوحدة الطوعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.