المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرمان في أول حوار بعد الانتخابات -2-: مرشحو الوطني انهمكوا في التزوير لأنفسهم حتى نسوا رئيسهم
نشر في سودانيل يوم 10 - 05 - 2010

عرمان في أول حوار بعد الانتخابات ل"أجراس الحرية" و"سودانايل" (2-4)
مرشحو الوطني انهمكوا في التزوير لأنفسهم حتى نسوا رئيسهم!!
أحمد إبراهيم الطاهر سلعة منتهية الصلاحية
الحركة هي الحزب الوحيد الذي هزم سياسة(جدادة الخلا)!
القبائل العربية مصالحها هي مصالح"الرعاة" لا "الدعاة"
أفشلنا مخطط إحداث فوضى في الجنوب بعد الانتخابات
فلتخرج المظاهرات شهريا للتذكير ب9 يناير كموعد مقدس للاستفتاء
حوار/ رشا عوض
حملنا كل ما يتردد من تساؤلات في الشارع السياسي السوداني المعارض حول تجربة الانتخابات ووضعناها بين يدي مرشح الحركة الشعبية لرئاسة الجمهورية(المقاطع) صاحب شعار(الأمل والتغيير)، ياسر سعيد عرمان فوجدنا لديه مائدة سياسية وفكرية مضيافة، كما وجدنا روح التحدي والتصميم لم تفارقه، فما زال مراهنا على التغيير، مستعصما باعتقاده في السودان الجديد، مبديا مهارة فائقة في المزاوجة بين التحليق في الفضاءات الثورية بأفكارها وأحلامها والسير باتزان في واقع مثقل بالمثبطات والمتاريس ومحاط بالتحديات، فقلّبنا معه أوراق التجربة الانتخابية منذ الترشيح مرورا بالانسحاب وصولا إلى الموقف من النتيجة، كما توقفنا معه كثيرا عند محطة الاستفتاء ومعركة تقرير المصير، وكيفية التعامل مع الحزب الحاكم في هذه المرحلة ومستقبل تحالف جوبا، ومستقبل الحركة الشعبية ومشروع السودان الجديد في حالة الانفصال فكان هذا الحوار،
* هناك رأي يقول ان الكيفية التي أدارت بها الحركة الشعبية ملف الانتخابات تدل على عدم جديتها في احداث تغيير سياسي في الشمال عبر الانتخابات وأن مشاركتها وانسحابها مجرد مناورات وتكتيكات سياسية في اطار الوصول إلى الاستفتاء والدليل على ذلك أن البنية التحتية لتزوير الانتخابات كانت مكتملة عندما قررت الحركة المشاركة ورشحت لكل المستويات بما فيها رئاسة الجمهورية، فالتعداد السكاني تم تزويره ولم تتخذوا موقفاً حاسماً تجاه ذلك، والسجل الانتخابي تم تزويره وكذلك لم تتخذ الحركة الشعبية وقوى جوبا موقفاً حاسماً.. ما تعليقكم؟
هذا الأمر يرجع إلى الصيغة التي قامت على أساسها اتفاقية السلام، وهذه الصيغة هي قيام نظامين في بلد واحد، النظام الأول الموجود في جنوب السودان وهو خارج سيطرة المؤتمر الوطني، فالمؤتمر الوطني غير متحكم في الجنوب وبالتالي لا يستطيع أن يتحكم في الانتخابات في الجنوب مثل تحكمه في الشمال، وحتى في الشمال تحكمه في جبال النوبة والنيل الأزرق أقل من بقية المناطق.. فهذه الصيغة جعلت المؤتمر الوطني متحكماً في الشمال، والتحول الديمقراطي يجب أن تدور معاركه في الشمال على نحو واسع، هناك أسباب متعددة ومتباينة لم تجعل التحول الديمقراطي في الشمال يتم على النحو المطلوب، الأمر الآخر الذي لا يلاحظه الكثيرون هو أن الحركة الشعبية أتت بطاقة كبيرة لتغيير شامل وجذري في كل السودان ولكنها اصطدمت بحادث جلل هو غياب مؤسسها الدكتور جون قرنق بعد أيام من توقيع الاتفاق، وهذا أدى إلى أن تنكفئ الحركة الشعبية لفترة طويلة على داخلها لتعمل على توحيد رؤاها الداخلية وأن تعمل على تجميع صفوفها، حدث ذلك في وقت كثرت فيه المؤامرات فالمؤتمر الوطني بدلاً من أن يركز على الوحدة الجاذبة وعلى تقديم سياسات جديدة كان تركيزه الأساسي على تفكيك الحركة الشعبية وتحطيمها كمدخل لإعادة سيطرته في الجنوب حيث لم يكتف بسيطرته على الشمال، فالحركة الشعبية عندما غاب قائدها ومؤسسها وهي في (بيت العزاء) وجدت هجوماً مضاداً من الجيران، ففي الوقت الذي كانت تلعق فيه جراحاتها كانت تتصدى للمؤتمر الوطني، وكل حزب شارك في السلطة قام المؤتمر الوطني بتقسيمه وتم تمكين التابعين للمؤتمر الوطني، الحركة الشعبية هي الحزب الوحيد الذي طرد التابعين للمؤتمر الوطني ورفض أن يمارس عليه سياسة (جدادة الخلا الطردت جدادة البيت).. هذه الأسباب جعلت الحركة الشعبية لا تستثمر كل طاقتها لخوض معارك أشمل وأكبر في الشمال، فعدم خوض معارك التحول الديمقراطي لم يكن نتيجة لعدم رغبة أو سياسة من الحركة الشعبية، هامش الحريات الموجود في الشمال الآن بشكل من أشكاله ساهمت فيه الحركة الشعبية بدرجة كبيرة، فحتى اللقاء الصحفي الذي نجريه الآن هو نتيجة لاتفاقية السلام.
* ولكن هناك قضايا إستراتيجية ترتبط بمصلحة الحركة الشعبية في تقسيم السلطة والثروة مثل التعداد السكاني الذي تم تزويره على أسس عنصرية وكان الجنوب متضرراً من ذلك وأعلن أنه يشكل 21% من العدد الكلي للسكان وأن عدد الجنوبيين في الشمال خمسمائة ألف ألم يكن هناك قصور من جانبكم في إدارة هذا الملف؟
هنالك قصور لا شك في ذلك، فالحركة الشعبية كان يجب أن تتخذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، فتم التأخير في اتخاذ القرارات نتيجة لأسباب كثيرة، ولكن الحركة الشعبية لم تصمت على موضوع الإحصاء بل قاومت التزوير الذي حدث في الإحصاء وكما ذكرت لك فإن الحركة الشعبية مرت بظروف عديدة أربكت كثيراً مؤسسات الحركة وفرضت أولويات مختلفة.
* عندما قررت الحركة الشعبية والقوى السياسية المشاركة في الانتخابات ساد اعتقاد في الأوساط الشعبية أن الانتخابات أداة للتغيير حتى في حالة تزويرها حيث يمكن أن يؤدي التزوير إلى احتجاجات وربما قاد إلى انتفاضة فلماذا انسحبتم وأحبطتم هذا الأمل؟
دعينا نتحدث بوضوح ولا نخلق أي التباس لأحد، لا سيما الذين أيدونا وناصرونا، فقد كان أمامنا اتجاهان، الأول أن نمضي في العملية الانتخابية المزورة حتى النهاية وأن نقوم بانتفاضة واحتجاجات ونمضي في طريق كينيا أو إيران أو زمبابوي، ولكننا أردنا أن لا نقود الجماهير إلى معركة تحتاج إلى استعداد كامل غير موجود الآن، فنحن نعلم أن المؤتمر الوطني لن يتخلى عن السلطة إلا بتضحيات وتكاليف كبيرة، الاتجاه الثاني هو خوض معركة فاصلة مع المؤتمر الوطني نخرب اتفاقية السلام، فنحن في الحركة الشعبية نعتقد أن اتفاقية السلام رغم ما فيها من عيوب يجب الحفاظ عليها، فنحن لا نريد الرجوع إلى الحرب فالسلام بالنسبة لنا قضية إستراتيجية، وفي داخل الحركة الشعبية قوى تؤمن بأن حق تقرير المصير آت لا محالة، والحركة الشعبية درجت طوال سنواتها على التوحيد بين تياراتها المختلفة أي التوحيد بين من ينظرون الى السياسة بمنظار الاستفتاء وبين من ينظرون بمنظار التحول الشامل والجذري في السودان والتحول إلى السودان الجديد، أي التوحيد بين القوتين: القوى المرتبطة بمصالح الجنوب فقط، والقوى الداعية للتحول الشامل في السودان، فهاتان القوتان يجب أن يظلا معاً وفي وجودهما تكمن إمكانيات التغيير ، ويجب أن لا تكون هناك عجلة، فالتغيير قادم قادم ولا شك في ذلك.
المؤتمر الوطني يريد أن يدخل في مرحلة جديدة من نقض العهود والمواثيق، وهو لن يفي باستحقاق الاستفتاء على حق تقرير المصير إلا إذا تم عمل جماهيري واسع وكبير، وأنا أدعو كل المثقفين الديمقراطيين وجماهيرنا في جنوب السودان أن يقوموا بعمل جماهيري كبير ومستمر من أجل تقرير المصير، فهو حق ديمقراطي يقع في عمق وصلب القضايا الديمقراطية ويجب أن لا يتردد أي مثقف ديمقراطي سواء كان من الشمال أو الشرق أو الغرب، أو من الوسط في خوضها لمصلحة شعب جنوب السودان، لأن تقرير المصير جزء من العملية الديمقراطية في الدولة السودانية، وأي شخص سليم الوجدان وديمقراطي لا يمكن أن يقبل بوحدة قهرية، ولذلك يجب أن يكون 9 يناير موعداً مقدساً للاستفتاء على حق تقرير المصير، ويجب أن تكون هناك مظاهرات سلمية واسعة داخل وخارج السودان وبالذات في مدن الجنوب وخارج السودان للتذكير بيوم 9 يناير، ففي كل شهر يجب أن يخرج الناس في مظاهرات واسعة في مدن الجنوب للتذكير بأننا على موعد مع حق تقرير المصير، المؤتمر الوطني الآن يعمل على زعزعة استقرار الجنوب مستغلاً القبائل الموجودة في الحدود بين الشمال والجنوب، وهي قبائل مصالحها في استقرار الجنوب ولها مصالح في الشمال والجنوب معاً سواء في حالة الوحدة أو الانفصال، والمؤتمر الوطني يعمل على الدفع بمليشيات لا علاقة لها بالجسم الحقيقي لهذه القبائل، ويعمل على خلق الفتن، ويوحي بأن هذه الحروبات تتم بين القبائل العربية في الحدود وبين الجنوب، والقبائل العربية مصالحها ليست هي مصالح المؤتمر الوطني، فمصالحها هي مصالح الرعاة أما "الوطني" فمصالحه مصالح الدعاة.. وهنالك فرق بين مصالح الدعاة ومصالح الرعاة ويعمل الوطني على تجميع المليشيات مع حزب "التغيير الديمقراطي" ويعمل على إحداث فوضى في الجنوب، وكان هناك مخطط لإحداث فوضى في الجنوب وقد أفشل هذا المخطط بحكم وعي قيادة الحركة الشعبية وامتلاكها للمعلومات الكاملة.. المؤتمر الوطني بعد أن تلاعب بالانتخابات عليه أن لا يتلاعب بحق تقرير المصير، لأن مثل هذا التلاعب سيوحد قوتين كبيرتين قوى التحول الديمقراطي والقوى المدافعة عن حق تقرير المصير، وهما في الأصل قوة واحدة، ونحن نريد لبلادنا أن تستقر ولذلك على المؤتمر الوطني أن يبحث عن حلول لا عن أزمات ومشاكل، فنحن لدينا عواطف قومية ونريد أن نوحد السودان وحدة طوعية ولكننا لسنا سذج لنتبع برنامج المؤتمر الوطني، فنحن على استعداد للتعاون معه فيما يفيد السودان، نحن على استعداد أن نناضل من أجل قضية دارفور مثلما نناضل من أجل مزارعي الجزيرة، ونناضل من أجل عمال الشحن والتفريغ مثلما نناضل من أجل قضية الاستفتاء فالسودان بلد واحد، وكل قضاياه تتطلب التحول الديمقراطي وتتطلب برنامجاً جديداً، وأنا أدعو قيادة المؤتمر الوطني أن لا تخدع نفسها بأن اللجنة الحزبية التي دعمت ترشيح البشير هي اللجنة التي ستأتي بالوحدة، فهذه لجنة لا تجد القبول لا في الجنوب ولا في الشمال، على المؤتمر الوطني أن يستغل نصوص الاتفاقية وأن يتخذ ترتيبات دستورية جديدة، وأن يغير الخرطوم تغييراً شاملاً وكاملاً، وعلى قيادة المؤتمر الوطني أن تستخدم الطاقات التي أوصلتها إلى نيفاشا للوصول لترتيبات دستورية جديدة وتقدم عرضاً جديداً لشعب جنوب السودان، عرض دستوري مكتمل يغير طبيعة السلطة في الخرطوم لمصلحة الجنوب ودارفور والشرق والجزيرة ولمصلحة الولاية الشمالية وولاية نهر النيل، هذه دعوة مخلصة نقدمها للمؤتمر الوطني، ونقول له ان العمل على تحويل لجان حزبية إلى لجان من أجل الوحدة لا يجدي، لأن هذه لجان فاقدة الثقة ولا أحد يكترث لها مثلما لم يكترث أحد لزيارات "الرئيس للجنوب" ولذلك يجب على رئيس المؤتمر الوطني المشير عمر البشير أن يفطن لهذه الأوضاع المعقدة ويتجه لترتيبات دستورية جديدة تعطي فرصة للوحدة الطوعية ، وفي ذلك سيجد السند والدعم من الكافة، أما اذا أراد منا أن ننفذ برنامج المؤتمر الوطني فلن نفعل ذلك مهما يكن، ولكننا على استعداد لتنفيذ برنامج وطني عريض شامل يضع مصلحة السودان أولاً، لا المصلحة الحزبية الضيقة لحزب المؤتمر الوطني.
* ولكن خطاب المؤتمر الوطني الآن قائم على أنه حصل على تفويض شعبي عبر الانتخابات وأنه سيطبق برنامجه وهو يدعو القوى السياسية للمشاركة في الحكومة المقبلة استناداً الى ذلك فما هي رؤيتكم لكيفية المشاركة؟
مسألة التفويض الشعبي هذه نكتة لا يصدقها حتى أهل المؤتمر الوطني أنفسهم، فهم فازوا بأيديهم الآثمة في التزوير وهنالك رفض شعبي وجماهيري لنتيجة هذه الانتخابات، قبل عدة أيام ذهبت الى المتمة في ولاية نهر النيل لعزاء، ولم أجد في "بيت العزاء" من صدق نكتة شرعية المؤتمر الوطني ولم يتركني الناس لأشرح لهم بل قاموا هم بالشرح لي ما تم من تزوير للانتخابات في قريتهم وأعطوني معلومات جديدة، فالمؤتمر الوطني معزول أتى عن طريق السلطة لا عن طريق الجماهير، وتفويضه سلطوي وليس جماهيرياً، ولذلك على المؤتمر الوطني أن يستخدم السلطة للوصول الى ترتيبات جديدة تخاطب جنوب السودان ودارفور ومناطق أخرى وفي ذلك سيجد عوناً وسنداً، وإذا اختار الطريق الآخر فهو من سيتحمل النتيجة.
مشاركتنا في السلطة منصوص عليها في الاتفاقية ففي المرحلة ما بعد الانتخابات يمثل الجنوب بثقل سكانه، والآن يجري تحايل ، فنظراً لتزوير التعداد السكاني فمن المفترض اضافة 60 نائباً جنوبياً الى البرلمان، والآن اصبحو 46 نائباً، هؤلاء النواب إن لم يؤدوا القسم في الجلسة الافتتاحية للبرلمان ستكون هناك معضلات كبيرة بين الحركة الشعبية وبين المؤتمر الوطني، والحركة الشعبية لن تتخلى عن زيادة نصيب جنوب السودان الى ما يقارب ال 30% فهذا حق ودين مستحق، فعلى المؤتمر الوطني أن يبتعد عن كتابة نفسه دائماً في صفحات نقض العهود والمواثيق ويكتب نفسه في صفحة جديدة يمكن أن تدفع به وبالبلاد الى الأمام وأنا متأكد من أن الهيئة البرلمانية القادمة ستقود معركة عنيفة من أجل زيادة عدد النواب، البرلمان سيكون برلمان حزب واحد الغالب فيه هو صوت المؤتمر الوطني وأتمنى أن لا يرتكب المؤتمر الوطني خطأ جديداً ويأتي بأحمد ابراهيم الطاهر رئيساً للبرلمان فهو فاقد الصلاحية لهذا المنصب، فهو "سلعة انتهت صلاحيتها" ويجب على جمعية حماية المستهلك ان لا تسمح لها بأن تعرض مرة أخرى، لأن ذلك سيضر بالمؤتمر الوطني قبل الآخرين، أحمد ابراهيم الطاهر شخص ضيق ومحدود ولا يستطيع أن يدير البرلمان في مرحلة سياسية معقدة مصلحة "الوطني" أن يأتي بآخرين يدركوا طبيعة هذه المرحلة فالبرلمان سيكون ضعيفاً وكذلك الجهاز التنفيذي، وقد سمعنا من أحد النافذين في المؤتمر الوطني أن الجهاز التنفيذي سيكون تابعاً للرئيس ومن شاء أن يتبع الرئيس فليتبعه! مما يعني اننا خرجنا من مرحلة تحكم المؤتمر الوطني الى مرحلة تدشين عصر جمهورية الفرد وهذا لن يفيد لأننا نحتاج الى برنامج لمواجهة القضايا الكبيرة ممثلة في الوحدة الطوعية ودارفور والتحول الديمقراطي وأي برنامج لا يحتوي هذه القضايا سيكون معزولاً وضيقاً لن يحفل به أحد. المؤتمر الوطني في الانتخابات الأخيرة لم يفطن حتى لشرعيته كحزب، بل ترك باب التزوير باباً مفتوحاً للنهب فتحول المشروع الحضاري إلى سوق مواسير وتم التزوير على طريقة (دعّه يزوّر، دعّه يمر)، وانشغلوا بالتزوير لأنفسهم حتى نسوا رئيسهم فتم تدارك أمره أخيراً، فالرئيس لم يكمل النصاب لأن الذين انهمكوا في التزوير في الولايات نسوا أن "كبير العائلة" لم يتم احكام أمر التزوير له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.