اوضحنا في مقالاتنا السابقة أن المؤتمر الوطني اضاع فرصة ذهبية تاريخية بعد توقيع اتفاقية نيفاشا، اذ كان من شأن تنفيذ الاتفاقية وبقية الاتفاقات الأخري(القاهرة، ابوجا، الشرق،...الخ)، أن يحدث اختراقا حقيقيا في جدار الشمولية، من خلال انجاز التحول الديمقراطي وتحقيق التنمية وتحسين الأوضاع المعيشية، والالتزام بدستور سنة 2005م، وان يكون جهاز الأمن مهنيا مهمته جمع المعلومات وتحليلها ورفعها، وتكوين مفوضية انتخابات حرة ومحايدة، واحصاء سكاني وسجل انتخابي متفق عليه، وخدمة مدنية مستقلة، وفرص متساوية في اجهزة الاعلام التي يحتكرها المؤتمر الوطني، وقضاء مستقل، وانجاز الحل الشامل والعادل لقضية دارفور، مما يفضي في النهاية الي انتخابات حرة نزيهه تفكك النظام الشمولي، وتفتح الباب للوحدة الطوعية والديمقراطية للبلاد. ولكن المؤتمر الوطني ابي واستكبر استكبارا في الارض ، وخرق العهود والمواثيق وزّور الانتخابات تزويرا مفضوحا، حماية لمصالح الفئات الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية القابضة علي مفايتح السلطة والثروة في البلاد. وهاهو النظام يعود مرة أخري الي سيرته الاولي، وتندلع الحرب في دارفور بشكل اكثر عنفا بعد ازمة سوق(المواسير) وشمال كردفان، وتتفاقم الحروبات القبلية في الجنوب ومناطق التماس مع الجنوب، علما بان طريق الحرب مسدود بعد تجربة عشرين عاما ، والذي كانت تكلفته باهظة من: الاف القتلي والجرحي وملايين المشردين والنازحين. وخرق المؤتمر الوطني للعهود والمواثيق ادخل البلاد مرة اخري في درب الالام والموت واشتعال نيران الحرب والتي من المتوقع ان تكون اوسع من الماضي. كما اتضح للقاصي والداني فرية الفوز في الشمال بنسبة تفوق ال 90%، واذا كان الأمر كذلك فلماذا اطلاق النار علي مسيرة متضرري سوق(المواسير) السلمية؟، ولماذا اعتقال د. حسن الترابي، واغلاق صحيفة(رأي الشعب) واعتقال محرريها وكتابها( ناجي دهب، وابوذر الامين)، في خرق واضح وفاضح للدستور، مما ادي لاستنكار قوي الاجماع الوطني لذلك والتي طالبت باطلاق سراح المعتقلين. وبالتالي، من المهم خلق اوسع جبهة للدفاع عن الحريات ووحدة الوطن ومنع الانزلاق مرة أخري لمربع الحرب والديكتاتورية المدنية باسم انتخابات زائفة، والمطالبة باطلاق سراح المعتقلين فورا، وضد مصادرة الحريات والحقوق الديمقراطية، الغاء المواد في قانون الأمن الوطني التي تجيز الاعتقال التحفظي لمخالفتها الصريحة لأحكام المواد:27(3)،(4) و28 و29 ، 34 (2) من الدستور الانتقالي، والتي تهدر التحول الديمقراطي وتنتهك سيادة حكم القانون. فالعودة لمربع الحرب ومصادرة الحريات سياسة مقضي عليها بالفشل، وحتما سوف ينتزع شعب السودان الحريات والحقوق الديمقراطية ويطيح بالشمولية والديكتاتورية، كما حدث في اكتوبر 1964م وانتفاضة مارس- ابريل 1985م. alsir osman [[email protected]]