[email protected] مالو لو أغلقوا التدريبات ومنعوا الجماهير من حضورها؟ هو إجراء يعترض عليه العديد من الأخوة الكتاب ، لكنني أراه صحيحاً مليون بالمائة. فالمعروف أن العاطفة عندنا تتحكم في الأمور، وحضور الأعداد الكبيرة من الجماهير لتدريبات أنديتنا يلهب عاطفة اللاعبين ويفقدهم التركيز ولذلك يستحيل أن يطبقوا تعليمات المدربين على الوجه الأكمل. لاحظنا كثيراً أن أكبر نجومنا يتأثرون بصيحات الجماهير خلال المباريات، وما أن يسمع الواحد منهم هتافات وصيحات الإعجاب ( تكبر في رأسه) ويبدأ في اللف والدوران بالكرة حول نفسه دون أن يتقدم شبراً للأمام. وفي التدريبات يحتاج أي مدرب للوقت والتركيز الكامل للاعب حتى يعينه على تطبيق ما يريد. لذلك أرى أن قرار الجهاز الفني بالهلال الخاص بمنع الجمهور والصحافيين من حضور التدريبات صائب ولا غبار عليه. وليت جميع أنديتنا ومنتخباتنا تفعل ذات الشيء. وإن كان لابد من التواصل بين اللاعبين وجمهورهم خلال التدريبات، فليكن ذلك مرة في الأسبوع مثلاً، على أن يخصص باقي وقت التدريبات للمدربين حتى يتمكنوا من تصحيح الأخطاء و النواقص الكثيرة التي يعاني منها اللاعب السوداني. أما أن تتحول جميع التدريبات لما يشبه المباريات فهو أمر غير مرغوب فيه. ولمن يرون أن التفاعل بين اللاعبين مع مشجعيهم ومؤازرة هذه الجماهير لهم ضرورية أقول أن المؤازرة مطلوبة في المباريات وليس التمارين، وحتى في المباريات للأسف الشديد لا يؤدي جمهور الكرة دوره كما يجب. فكثيراً ما شاهدنا جماهير الكرة السودانية تقف حائرة بمجرد تعرض فريقها للهزيمة وبدلاً من أن تكون هذه الجماهير إضافة للفريق تجدها صارت خصماً عليه. فلماذا إذاً الحرص الشديد على تواجد هذه الجماهير في التدريبات! أليس الأفضل أن ندعو هذه الجماهير لمؤازرة فرقها وتشجيعها بحماس مستمر خلال المباريات بدلاً من لوم الأجهزة الفنية على إغلاق التدريبات؟ أتابع هذه الأيام الحديث عن حضور المعلق الإماراتي عدنان حمد للتعليق على مباراة هلال مريخ في العاشر من يونيو فأضرب كفاً بكف. معلق إمارتي نعتبره فاكهة نتلذذ بها!! نحن من أسهمنا في النهضة التي شهدتها دولة الإمارات الشقيقة في كافة المجالات ! بدلاً من الفرح الغامر والإعلان المستمر لحضور عدنان يفترض أن نخجل من أنفسنا ونتأمل ما آل إليه حالنا. لو كان حضور عدنان حمد يأتي ضمن تبادل التجارب والخبرات لما قلنا شيئاً، لكن المؤسف أن عدنان هذا سبق أن حضر إلى بلدنا لتقديم محاضرات لبعض معلقينا. أرأيتم كيف تغيرت الأمور! صرنا نستورد الخبرات من دولة شقيقة كانت حتى السبعينات تعتمد علينا في كل شيء. طبعاً لا أقول ذلك تقليلاً من دولة الإمارات أو المعلق عدنان حمد، بل على العكس فما قصدته هو أن نسأل أنفسنا لماذا تقدم من بدأوا بعدنا بعقود طويلة، بينما استمرينا نحن في التراجع. لو كنت مكان أي معلق رياضي سوداني لفعلت أحد أمرين. فإما الاعتكاف وبذل أقصى جهد لتطوير نفسي خلال أسبوع واحد أو الترجل وإفساح المجال لغيري. المؤسف أن بيننا شباب قادر على التعليق على المباريات بصورة أكثر من رائعة مثل ذلك الفتى الذي قلد المعلق التونسي الشهير عصام الشوالي في مسابقة قناة الجزيرة. طبعاً لا نريد نسخة سودانية من الشوالي لكن الفتي الذي لا يحضرني اسمه الآن قدم نموذجاً رائعاً في سرعة البديهة والحضور الذهني المتقد وهو يقلد الشوالي. ومن يفعل ذلك يستطيع أن يقدم الكثير لو أُفسح له المجال.. لكن! ولا شك أن هناك الكثير من المواهب غير ذلك الفتى لكن من الذي يهتم ومن الذي يحرص على ظهور وجوه جديدة لتحل مكان الأصدقاء والمعارف! حلت علينا أمس الأول الذكرى الثانية لرحيل الفنان القامة والهرم عثمان حسين رحمه الله رحمة واسعة وأنزله منزلة الصديقين والشهداء. تابعت جزءً من الحفل الذي أُقيم على شرف تلك المناسبة العزيزة على أنفسنا واستمتعت كغيري بسماع العديد من روائع الراحل. كانت الدكتورة الوزيرة تابيتا بطرس حاضرة كعادتها في كل ما له صلة بالراحل العزيز، فهي حسبما ذكرت من أشد المعجبين بفنه. لكنني جد مستغرب من تناقض بعض الشخصيات السودانية. فكيف تكون الدكتورة وزيرة الصحة رقيقة ومرهفة الإحساس تجاه روائع الراحل المقيم عثمان حسين وفي نفس الوقت تتحول إلى وحش كاسر عندما يتعلق الأمر بالوزارة. فقد سمعتها أكثر من مرة تقول بالفم المليان أن كل شيء في وزارتها ( مية المية). مية المية كيف يا سعادة الوزيرة ونحن نسمع كل يوم عمن يموتون بسبب الإهمال وعدم توفر الدواء ونقص المعدات الطبية. وكيف تكون أمور الوزارة مية المية وراتب نائب الأخصائي لا يتجاوز 700 جنيه. طربنا لروائع الراحل رغم أن أكبر مطربينا عندما يردد إحدى أغنيات عثمان حسين رحمه الله يبدو كصغير لم يتعد مرحلة الحبو في الغناء. أثناء استماعي لأغنية شجن التي صدح بها المطرب أبو بكر التفت للناحية الأخرى من الغرفة وفي ذات اللحظة سمعت صوتاً نشازاً فقلت في نفسي ما الذي حدث لأبي بكر، فإذا بي أكتشف أن الشافع محمد بدوي حفيد شاعرنا الضخم أبو صلاح ( تشالق) وشاركه الغناء. كلما أسمع محمد بدوي أبو صلاح أو ابن الراحل الرائع سيد خليفة يغنيان تجول بخاطري فكرة أن الإنسان السوداني مجامل أكثر من اللازم. ليس بالضرورة أن يصبح ابن أو حفيد كل فنان مثله يا ناس فأرحمونا يرحمكم الله.