نستمر اليوم فى تناول هذه القضية الحيوية بالنسبة للدول النامية تحديدا , ومن بين أهم الجوانب الرئيسية هو كيف يتم تحديد المجموعات الضعيفة بهذه المجتمعات , فى ظل واقع يعرفه الجميع من ضعف القدرات والخبرات المؤسسية بهذه الدول , وما يتطلب ذلك من عمليات الرصد والمؤشرات التى يمكن أن تخلص اليها . فضعف الجهاز التشريعى ومن ثم أجهزة التخطيط بهذه الدول يمثل أحد أهم التحديات , وهو ماتعكسه أستراتيجيات وخطط وبرامج هذه الدول لمعالجة هذه القضية والتى تؤكد المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية عن تفاقم المشكلة عام بعد عام , ويتضح من خلال عمليات التخبط فى رسم السياسات وتغيرها خلال مراحل تنفيذ البرامج المرسومة والتى أصلا لم تعد وفق دراسات علمية مؤسسية , وكذلك تعددية مواقع أتخاز القرار , والتضارب فى الاختصاصات والصلاحيات , وهل حقيقة تعنى تلكم البرامج أصلا باشرائح المستفدة , أم صممت لغايات أخرى بعيدة عن أهدافها المعلنة ؟ ويكون النتاج الطبيعى لذلك الواقع المزيد من أهدار الموارد , وأتساع دائرة الشرائح الضعيفة فى ظل واقع دولى يعانى من شح عمليات الدعم من قبل المانحين على ضوء أفرازات الازمة المالية العالمية وارتداداتها التى تواصل تهديدها لكبريات الاقتصادية , وخير مثال السياسات التقشفية الحادة لكبريات الدول الغربية المعلنة هذا العام ومؤشرات ركود أقتصادى كبير بها . نعود لدراسة الحالة والتى شملت دول (البرازيل , جنوب أفريقيا , الهند , أوغندا وكندا ) , حيث يتمثل التحدى العارم الذى يبرز من خلال تجارب البلدان فى عدم كفاية الاهتمام الموجه نحو تحديد الذين لم يعمل حقهم فى الغذاء . وبغض النظر عن التركيز ضمن بيئة السياسات العامة على الحد من الفقر وأنعدام الامن الغذائى والتغذوى , فان من الضرورى وضع اّليات لتحديد من يعانون من أنعدام الامن الغذائى وفهم الاسباب الكامنة وراء ضعفهم . ويشوب الغموض خطط التنفيذ فيما يتعلق بتحديد الجماعات المستهدفة أو الضعفاء على نحو تفصيلى بما فيه الكفاية لضمان حسن اشتغالها . ولايتعلق الامر بوجود عوائق فنية ترتبط بقدرات جمع البيانات وتحليلها , بل بالنهج الاساسى المتبع فى التعامل مع مسألة التنمية . ويجب أن ترتكز الاستراتيجيات وخطط العمل الى تقييم أجتماعى – أقتصادى معمّق يطال مختلف الجماعات , كى تتمكن خطط الامن الغذائى القطرية من تحديد الجماعات التى تعانى من أنعدام الامن الغذائى والجماعات الضعيفة . ويمكن أن يكون لرسم الخرائط لمناطق الضعف مفيدا فى هذا المضمار . ان النهج القائم على حقوق الانسان , عبر اهتمامه المستمر بالمجموعات التى تعانى من عدم اعمال حقها أو أنتهاكه , لهو أداة ناجعة لشحذ التركيز على هذه الجماعات . وتبرز الحاجة عند تحديد المجموعات الضعيفة الى معالجة وضع من يعانون من فيروس نقص المناعة البشرية / متلازمة نقص المناعة المكتسبة وغيره من الامراض المزمنة , كى يتسنى وضع خطط غذاء وتغذية جامعة لمن يعانون من هذه الامراض وبمشاركتهم . وان وجود مؤشرات للاعمال المطرد للحق فى غذاء كاف ستتيح قياس مدى فعالية أمر السياسات والاطر القانونيةو والمؤسسية . وتتمثل الخطوة الاولية نحو صياغة هذه المؤشرات والنمازج فى التوصل الى فهم مشترك وتوفيق بين الاراء فيما يتعلق بالمؤشرات والنمازج القائمة على الحقوق . كما تبرز الحاجة الى مؤشرات للعمليات ومؤشرات للتقدم تستخدم لقياس فعالية العناصر كاّلاليات القانونية والاصلاح القضائى ومشاركة منظمات المجتمع المدنى . ففى جنوب أفريقيا , قدمت السلطة القضائية توجيها قيّما عما يستلزمه الاعمال المطرد لبعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بيد أن الحاجة تبرز لمؤشرات التقدم المعروفة والخاصة بتقديم الخدمات , كما تحتاج الدولة الى تحديد مقاصد وأهداف أكثر وضوحا . ويعد تحديد الاهداف والنتائج عاملا أساسيا يجب وضعه بالتشاور مع الجماعات الضعيفة , مما سيشكل عنصرا مساعدا للجنة حقوق الانسان فى جنوب أفريقيا المكلفة برصد اعمال أجهزة الدولة لهذه الحقوق الاجتماعية والاقتصادية على نحو مطرد . كما يمكن تحسين ادارة البرامج الرامية الى الاعمال المطرد للحق فى الغذاء من خلال اشراك أصحاب الشأن فى رصد وتصميم المشاريع . وييتطلب هذا الامر وجود ممارسات ميدانية وتنفيذ فاعل . يتضح لنا مما تقدم أن أى حديث عن معالجة قضية الجوع والفقر وأنعدام الامن الغذائى فى غيبة ترجمة حقيقية لاعمال المطرد لحق الغذاء وفق الخطوط التوجيهية الطوعية لاعمال حق الغذاء الذى تم اجازته كأول تفسير لحق أقتصادى وأجتماعى وثقافى للعهد الدولى لحقوق الانسان يعتبر ضربا من اللاواقعية وحرث فى الثراب , ومنعا للتكرار يمكن للقارىء الكريم متابعة تناولنا لهذه الخطوط التوجيهية من خلال سلسلة (أعلان الجمعية العامة للامم المتحدة عام 2012 سنة دولية للتعاونيات ) والتى اّثرت تناولها من خلال القطاع التعاونى بحسبانه القطاع الاقتصادى المؤهل بحسب الفلسفة التى يقوم عليها لاعمال تلكم الخطوط التوجيهية بالدول النامية مقارنة بالقطاع العام والخاص . وحتى نلتقى فى الحلقة القادمة بأذن الله عاطف عبد المجيد محمد عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء – هايدلبرغ – المانيا عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين – بروكسل – بلجيكا الخرطوم بحرى – السودان تلفون :00249912956441 بريد الكترونى :[email protected]