في العام 1987.. وكنت في أول المرحلة المتوسطة حينها.. وفي عصر يوم جمعة شتوية، كنت في منظر غريب.. أقرب إلى الدراويش .. كنت أرتدي بدلة رياضية كحلية كاملة وحذاء رياضي أبيض و(طاقية) كحلية عليها هلال وأحمل في يدي علماً للهلال أجوب به شوارع الحي.. كانت مباراة الهلال مع الأهلي القاهري في نهائي كأس الأندية لأبطال أفريقيا ستبدأ عند الخامسة في القاهرة.. وطبعاً في الخرطوم انتهت المباراة بالتعادل.. وفعلها لاراش والثعلب وعدنا بثنائية مصرية.. ولئن طلبتم تشكيلة المباراة لسردتها لكم من ذهني الآن.. وأبشركم بأني ما زلت أشجع الهلال حتى الآن ولكن نفسي تهذبت جداً.. لا بفعل صلاح فيها، ولكن بفعل (الخمسات) و(السبعات) التي كانت تأخذها فرقنا في الخارج.. وفي معظم الأحيان تكون بدون مبرر.. وأيقنا بالوصفة الرياضية لفرقنا بأننا لا نملك فريق بطولات.. فرأينا أنه لا داعي (لحراق الدم).. يعني فوز فوز، هزيمة هزيمة، (ما فارقه). حسناً.. فليكن واضحاً.. ونكررها للمرة الثانية في هذه المقالات.. بأننا لسنا فأرة يلعب بها من يشاء.. فمن كانت له مشكلة شخصية مع شداد فليعالجها بالطريقة التي يراها.. (وياكل ناره). أما ما نراه من (لخبطه) الآن ويسوّق لنا في شكل مبررات قانونية ودكتاتورية وفساد مالي.. فذاك هو اللعب بالرؤوس الذي عنينا.. وأقول مفصلاً .. أولاً يتحدث القوم عن أن القانون يمنع ترشح الشخص لأكثر من دورتين.. من سن هذا القانون يصلح أن يكون منظّراً لدولة في القمر.. لأن كرة القدم من المعروف أنها يحكمها قانون الاتحاد الدولي لكرة القدم وكان من المفترض أن يصدر هذا القانون من جمعية الاتحاد العمومية.. أكاد أجزم بأن كل من يحمل وزر هذه المخالفة ليس بأعلم من الدكتور شداد بقوانين اللعبة.. محلية كانت أو عالمية.. ولا يتناطح في ذلك عنزان.. وقد صُنع هذا القانون في نظري من أجل إبعاد هذا الرجل، ويتحدثون عن احترام القانون.. من الذي يحترم قانوناً في هذا البلد.. احترام القانون الذي جف قلم المهندس والكاتب الصحفي عثمان ميرغني وهو ينادي به.. تبدؤونه بشداد!.. وأظنه سيكون الختام أيضاً!.. لا .. ما زلت أوقن بأن القوانين في هذا البلد.. منذ عهد الاستقلال.. كانت عجوة يصنعها صانعوها ويتركون فيها من الثغرات ما يجعلهم يلتهمونها مع أول (محك). ولئن افترضنا أن هذا قانوناً سارياً ووجب احترامه، فلماذا يُسنّ لشداد فقط، لماذا شداد فقط والذي أتى بإرادة جماهير الاتحادات الفرعية والجمعية العمومية.. لماذا شداد فقط والذي مازالت ذات الجماهير والاتحادات ترغب في إعطائه أصواتها في جو ديمقراطي ونزيه..لماذا شداد فقط؟!، ألم يحكم النميري ستة عشر عاماً بدون انتخاب من أحد، ألم يحكم الصادق المهدي في 1964، وكررها في العام 1986، وما زال ينتظر أن يحكم مجدداً، ألم يكن هو الإمام ورئيس الحزب منذ 1964، أين هي القوانين التي تتحدث عن العطاء، والسن، وترك الفرصة للشباب!. ألم يكن الترابي زعيماً للحركة الإسلامية منذ العام 1964 واستمر حتى 2000 بدون انتخاب، كم دورة هذه، والسكرتير العام للحزب الشيوعي ما زال هو هو، والميرغني هو هو، والإنقاذ عشرون عاماً والآن هي بتفويض من الشعب، وهذا الأمر صفة عامة حتى في كياناتنا المهنية كالطبية والهندسية وغيرها.. لم تروا كل هؤلاء.. وتريدون أقناعنا باحترام القانون في شداد.. لا.. من لديه أفكارا يريد تنفيذها، عليه بإقناع القواعد بها، لديكم جمعية عمومية معلومة العدد والاتجاه، قودوا التغيير وقدموا برنامجكم ومن بعد، فإن كانت الدائرة عليكم، فعليكم أن تتوكلوا على الله و(تسوّقوا) أفكاركم في مكان آخر وتأتوننا في الجمعية القادمة إنشاء الله. شداد بالذات، فليحكم أبد الدهر إن كانت الجمعية العمومية هي التي ترتضيه، هل هناك عدل أكثر من هذا.. وهل هناك التفاف على القوانين أوضح من ذاك. ويعلم راعي الماعز في الخلاء قبل الجميع عن نزاهة الدكتور شداد وبراءته من أي فساد أو إفساد، ويشهد له بذلك الأعداء، وإن كانت ثمة مخالفات مالية فمكانها ليس أحاديث القيل والقال والتي يراد بها كسب المعركة والسلام.. فجور في الخصومة.. إن كان ثمة فساد فمكانه المحاكم مباشرة.. ولن نجامله في قرش من المال العام وله كامل الحق في الدفاع عن نفسه، أما الحديث على صفحات الصحف فمردود عليكم. وثمة صوت لا يعلم عن الرياضة شيء يتحدث عن خلو فترة الدكتور شداد من الانجازات.. مثل ماذا مثلاً.. أن نفوز بكأس العالم!.. لا .. لا نريد مثل هذه الانجازات.. نطالبه بذلك عندما يكون الهلال مثل الأهلي المصري فائزاً بألقاب افريقية لأكثر من سبعة مرات، والمريخ مثل الزمالك فائزاً بمثلها، ومنتخبنا القومي مثل منتخب مصر فائزاً بكأس الأمم الأفريقية لثلاث دورات متتالية.. لم تحدثونا عن طبيعة الانجازات التي تريدونها .. ولئن بدأنا في سرد منجزات على أرض الواقع سنجدها متوفرة مقارنة بالوضع العام لبلد مُرهق ليست الكرة.. تركل بالقدم أو تُرمى باليد.. ليست من أولوياته ولا ثانوياته، دعونا من أمر الانجازات هذا.. فهو للاستهلاك الإعلامي. وثمة من يتحدث عن خطأ استعانته بالأجنبي على وطنه.. يقصد الفيفا.. وذلك قول مردود واستعداء للدولة ضد الرجل وطعن في وطنيته مرفوض، ألم يكن كل هؤلاء يتابعون كأس العالم قبل أيام.. ألا تتبارى فرقكم مع أخرى خارج إطار القطر السودان.. ألم تقف البلد كلها على أصبع واحد تنفيذاً لقرار الفيفا في أمر إعادة مباراة مصر والجزائر بالخرطوم.. ألا تتشدقون باحترام القوانين.. هذا قانون الفيفا، عليكم باحترامه.. ولئن كانت قوانين الأممالمتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية بمثل هذا لكنا أول المطالبين باحترامها.. والمقارنة معدومة.. فذلك عداء آيدولوجي وسياسي وفق مخطط مدروس، وهذا قانون ينظم أمر اللعبة يسري على الجميع، ودونكم نيجيريا التي تراجعت، وفرنسا التي اعتذرت وكوريا الشمالية التي نفت، كوريا الشمالية التي تعاني من ذات القوانين الدولية ذات الكيل بمكيالين، أعلنت احترامها لقانون الفيفا وعدم تعرضها لمدرب وأفراد منتخب بلادها.. تحترم قانون الفيفا لأنه يسري على الجميع. هذا الرجل.. شداد.. يعلم كيف يتعامل مع خصومه بالقانون لجهلهم به، ويعرف كيف ينتصر عليهم ديمقراطياً لأنهم لا جماهير لهم.. ويتأدب في أدب الخصومة معهم لأنه يمارس حقاً ديمقراطياً مكفولاً له، ويدافع عن حق يريدون سلبه إياه بأساليب ملتوية. اكتب ما أكتب، ولم أقابل شداد في حياتي.. وانقطع اتصالي المباشر بدنيا التشجيع والكرة.. ولكن الأمر صار شأناً عاماً.. ولا يصلح لفوضى الرياضة والرياضيين إلا رجلاً بقوة شداد.. ويتمنى مناصرو فريق المريخ أن تزداد المعركة اشتعالاً، وتقع عقوبات الفيفا ويتم حرمان الهلال من المشاركة في دور الثمانية لكأس الكونفدرالية لخروجهم منها صفر اليدين.. كل على ليلاه يغنى .. الحق يقال.. نحتاج لهزة عنيفة وابتلاء يميز الخبيث الذي اختلط بالطيب في هذا البلد حتى ينصلح حاله، ونحتاج لكارثة تحل بهذا القطاع.. قطاع الرياضة.. تجعل هؤلاء البشر يفوقون من سكرتهم عسى ولعل أن تأتي بعدها الفكرة.