يسعد المغترب أيما سعادة حينما يتخذ احد مكوني دائرته في الاغتراب " صديق أو زميل أو قريب أو جار" قرارا شجاعا بأنه قرر الاستقرار بشكل نهائي في الوطن ، حينها يهب الجميع لمساعدة هذا المغترب الشجاع الذي اتخذ قرارا بأن يبقى داخل وطنه بعد سنوات من الاغتراب ،قد تكون حُسبت عليه او له بمعيار ماتحقق من انجازات على الأرض ،المهم يبقى الجميع في حالة دفع بهذا الشجاع وكأن الجميع يتنفس من خلال هذا الفعل الذي يعجز كثيرون عن القيام به ، خشية من عودة قد تجلب السخرية ، أو هكذا يخيل للبعض .. وعندما يستقر هذا المغترب الهمام الذي اتخذ القرار الشجاع ، تلاحقه الأسئلة عبر الهاتف ، "بالله كيف لقيت البلد .. وكيف استقبلوك الجماعة ..وناس الشغل الزمان رجعت ليهم ولا "سويت شنو".؟ّ!.وتتوصل سلسلة الأسئلة التي لاتنتظر غير جواب يطمئن كل سائل بأن "البلد تمام" ، لاينقصها غير وجودكم يامعشر المغتربين ، الذي يسألون عن كل التفاصيل لعلكم يحظون بإفادات تدفع بهم في اتجاه العودة الطوعية الى الوطن . وعندما يتحقق الاستقرار لأي من العائدين ويسهب في مدح ما اقدم عليه من فعل ، يصبح الأمر فاتحا لشهية من كانوا معه أو حوله في عالم الاغتراب ، ويصبح الكل يحدث نفسه بالعودة ، وهو يقلب الأوراق القديمة ، ويترجع شريط الذكريات الذي يعيده الى حيث كان قبل مجيئه الى الغربة ، ويصبح يرسم الخطط ويضع سيناريوهات العودة ، طالما هناك متسعا في حضن الوطن لأبنائه العائدين . وعلى الجانب الأخر يقف فريق من المغتربين وهم يتحسرون على وضع رفيقهم الذي نصحوه بعدم العودة الى الوطن ، غير انه " ركب راسه" ، وغادر دون الاكتراث لافاداتهم ، وكانت النتيجة انه اصب حالان يستنجد بكفيله في الخليج كي "يدبر" له فيزا تنقله من السودان جوا إلى الخليج العربي ، وهو يعبر عن أسفه لاتخاذه قرار على عجل من أمره .. وفي مثل هذه الحالة التي ضاق عنها الوطن ، يصاب عدد كبير من المغتربين بالإحباط ، كون ان خططهم وسيناريوهات الخاصة بالعودة ضربت في مقتل. يبقى ان القول أن المغترب في حاجة لجهود الدولة بوضع برامج حقيقة تستوعب عودته ، والاستفادة من خبراته في المجال اذلي ظل يبعد فيه لشعرات السنوات في ارض الاغتراب ، ولا يليق بأي دولة في العالم أن تترك مواطنيها "يتخبطون" في كيفية العودة الى الوطن ، وماذا يغعل المغترب بعد عودته ، ولعله امر مؤسف ان ينتظر البعض نجاح تجربة مغترب بعينه ، حتى يبني عليها جسور عودته ، ا وان يتخذ أخر قرار ببقائه في المهجر لطالما فشل صديقة "فلتكان الفلتكاني" .. يتوجب ان يكون الأمر مؤسسا ، وجاذبا لعودة طوعية لأبناء الوطن الذين طالت غربتهم ،رغم أن الشوق والحنين الى الوطن يسيطر حواسهم .