الحركة الشعبية لتحرير السودان, سياسة الخداع والابتزاز والتمكين لانفصال جنوب السودان بقلم: الشيخ ادريس عبدالرحمن لاشك ان اتفاقية نيفاشا او اتفاقية السلام الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطنى قد اوقفت حربا طويلة كبلت حركة التنمية والتقدم فى السودان لعقود من الزمان. هذا الهدف الكبير جعل الكثير من القوى السودانية ترحب بهذه الاتفاقية على علاتها الكثيرة و غض الطرف عن الكثير من بنودها المثيرة الشامل التى توصل اليها طرفاها, للجدل والتى تكرس للانفصال وتضع له الاسس الراسخة ليقوم عليها. بل انفراد الجنوبيين بحكم الجنوب ومشاركتهم بنسبة كبيرة فى حكومة المركز والتى هى حسب الواقع ما هى الا حكومة لشمال السودان اذ تكاد تكون سلطاتها الاتحادية معطلة فى جنوب السودان طوال فترة تطبيق الاتفاقية مما يعنى فعليا ان الجنوب اصبح منفصلا فعليا بواقع الحال منذ بدء تطبيق الاتفاقية. كما ان سلوك الحركة وادارتها للجنوب خلال سنوات الاتفاقية ما كان الا تكريسا واضحا للانفصال بمنطق ان الحركة و حكومة الجنوب كانتا تعملان بمنأى عن حكومة المركز فى الشأنين الداخلى والخارجي وتمتعت بتمثيل خارجى مواز للممثليات السودانية فى الخارج تحت اسماء مكاتب حكومة الجنوب او مكاتب تمثيل للحركة الشعبية حسب مقتضى الحال. اما فى الشأن الداخلى فقد منعت الحركة الشعبية جميع السلطات الاتحادية من ممارسة مهامها ومسؤلياتها فى جنوب السودان ولم تعمل حكومة المركز ما كان واجبا لتمتعها بسلطاتها فى جنوب السودان فى حين نجد ان الحركة تمتعت بكل مايليها فى حكومة المركز فى الشمال بل فى احيان اخذت اكثر من ما يحق لها بموجت الاتفاقية. لقد شغلت الحركة الشعبية حزب المؤتمر الوطنى بمشاكسات وقضايا مفتعله ومارست ابتزازا لامثيل له اذ كانت تمثل الشريك والمعارض فى ان واحد وجعلته اسيرا لها فى حين انها فى نفس الوقت تقوم بتسليح جيشها و بنائه بل وتبنى جسور تواصل مع الجتمع الدولى بمعزل عن حكومة السودان التى لم تقم حتى بالاحتجاج على تعامل بعض الدول النافذة مع حكومة الجنوب وكأنها دولة مستقلة. ان الوحدة الجاذبة تعبير أفرغ من محتواه حتى قبل البدء فى تنفيذ الاتفاقيه اذ ان جون قرنق قال للجنوبيين فى الاستفتاء من يريد ان يكون مواطنا من الدرجة الثانية فليصوت للوحده فى الاستفتاء وهو الشعار الذى نسمعه اليوم مرارا وتكرارا فى تلفزيون الحركه - المسمى خداعا تلفزيون جنوب السودان – وعلى السنة قادة من الصف الاول فى الحركة بل على لسان رئيس الحركة وهذا فيه انتهاك صارخ للاتفاقية التى تقر ان يعمل طرفاها من اجل وحدة الوطن. المضح والمبكى فى ان واحد اثارة الحركة مسألة الشريعة والهوية فى هذا الوقت وكأنما ما اتفق عليه بخصوص هذا الامر فى الاتفاقية لم يكن. من كل ذلك يبدو مدى خرق الحركة الشعبية للاتفاقية التى البستها قدسية بموجبها تمنعت حتى فى تأجيل الاستفتاء من اجل التجويد وتنفيذه بشفافية وحياديه لا ترغب فيها الحركة الشعبية.الغريب جدا ان المؤتمر الوطنى كان يعول كثيرا على ان تقوم الحركة بدور اساسى وكبير فى فك طوق العزلة الممارس على جكومته من القوى الغربية والتى لا اسميها المجتمع الدولى كما يحلو لها ان تسمى نفسها. ربما كان ذلك سببا فى سكوت المؤتمر الوطنى عن كل ممارسات الحركه رغم ما توحى بها تصرفاتها العلنية والسرية من انها تعمل لعكس ما ينتظر منها. ما فتئت الحركة يوما بعد اخر تتهم المؤتمر الوطنى بعرقلة وعدم الصدق فى تنفيذ الاتفاقية مما جعله دائما متهما يستميت فى الدفاع عن نفسه بالمزيد من التنازلات وغض الطرف عن عمائل الحركه التى تكرس لتحقيق هدفها الاسمى والذى هو انفصال جنوب السودان وتأسيس دولته بعيدا عن دولة السودان التى فى عرفهم دولة فاشلة ولا يفتخرون بالانتماء لها. مجريات الاحداث وحراك الحركة الشعبية فى مرحلة ما قبل الاستفتاء يثبت بما لا يدعو للشك ان الحركة الشعبية لم يكن على الاطلاق امر الوحدة يشغل بالها عندما وقعت الاتفاقية وانها كانت دائما تظهر غير ما تبطن حتى تتمكن وتحقق هدفها الاسمى والذى هو قيام دولة جنوب السودان والتى للاسف الشديد ستقوم برضاء المواطن الجنوبى او دونه ما دام ان الحركة الان تمسك بكل مفاصل جنوب السودان . من الحق ان نثبت ان المؤتمر الوطنى كان صادقا فى تنفيذ بنود الاتفاقية بحرفيتها وكف الطرف عن الكثير من سلوك الحركة الذى لم يكن منضبطا بالاهداف العليا التى تم الاتفاق عليها. ربما نعيب على المؤتمر الوطنى تعامله بحسن نية لدرجة السذاجة فى افساح الملعب السياسى للحركة الشعبية وتنازله حتى عن نسبة الحكم التى تمنحه اياها الاتفاقية للحركة فى حكومة الجنوب مما جعلها لاعبا منفردا فى الساحة السياسية فى جنوب السودان دون رقيب او محاسب مما مكنها من نسج خطط سرية لجعل فصل الجنوب امرا واقعا بنهاية الفترة الانتقالية.والدرس الذى يجب ان ياخذه المؤتمر الوطنى والقوى الساسية كافة فى الشمال هو عدم الثقة فى هذه الحركة وفى كل ما تأتى به ويجب تناول القضايا المطروحة الان مثل الحريات الاربعة وغيرها بحذر شديد اذ انها قضايا حق منظور منها باطل فى اخر المطاف وان يكون التعاون مع الدولة الجديدة تعاون مصالح اكثر من تعاون عاطفى ولا ننخدع بمقولة شعب واحد فى دولتين و نتمنى ان يحظى موضوع الامن الوطنى والاقتصادى بعناية خاصة اذ ان الدولة الجديدة تملك كما من المعلومات عن الشمال و يا حبذ لو سحبت الحقائب الوزارية فى الشمال مباشرة بعد اعلان نتيجة الانفصال من شاغليها الجنوبيين وتحل القضايا المتبقية العالقة بين الحكومتين مباشرة. الاستعجال فى الفصل وفك الارتباط السياسى مع الجنوب فى حالة الانفصال امر هام وعاجل ويجب ان يتم فى فترة لا تتجاوز الثلاثة اشهر ما عدا المجالات التى تحتاج وقتا اكبر مثل البترول والعملة. لقد ظن المؤتمر الوطنى انه بالتنازلات وقبوله بتوقيع اتفاقية السلام قد حقق السلام وحل مشكل جنوب السودان وحافظ عى وحدة البلاد ولكن الواقع اثبت ان أيا من هذه الامور الهامة لم يتحقق. اذ ان السلام لا زال تحت المحك وهنالك الكثير من القضايا التى لا زالت بمثابة شرارة تعيد الجميع الى مربع الحرب مثل قضية اييي وترسيم الحدود وغيرها من الامور الخلافية التى لم يتم التوصل فيها الى حل ونحن على اعتاب استفتاء لايشك احد انه مؤدى الى تقنين انفصال الجنوب القائم اصلا من خلال الخداع الذى مارسته الحركة حتى تمكنت من مفاصل الجنوب بشكل يصعب معه تغيير الواضع القائم فى الجنوب بأى الية حتى لو كان ذلك الحرب. ان المؤتمر الوطنى بعزله للقوى السياسية الشمالية والجنوبية من المشاركة فى الشأن الوطنى الذى يهم الجميع جعل تلك القوى مطية للحركة الشعبية تستقوى بها لاحراز مكاسب تنتقص من المصلحة الوطنية الشاملة وليس المؤتمر الوطنى . المشاركة فى الشأن الوطنى ليس بالضرورة ان تكون من خلال تقديم المناصب الدستورية بل ان المواقف الوطنية الموحده فى القضايا الكبرى يجب ان تكون محور شورى بين كل القوى الوطنية ويكون هنالك حد ادنى و خطوط حمراء وطنية لا يسمح بتجاوزها لاى كان. لقد انفردت الحركة الشعبية بالمؤتمر الوطنى واستعانت عليه بالقوى الداخلية المعارضة المهمشة من قبل المؤتمر الوطنى وفوق ذلك استغلت عداء المجتمع الدولى او القوى الغربية ممثلة فى الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها ومارست الخداع المكشوف المؤدى للانفصال وهى تتحدث عن وحدة جاذبة هى غير راغبة فيها. السؤال الذى يفرض نفسه هو هل كان المؤتمر الوطنى مدركا لاهداف ما تقوم به الحركة فاذا كانت الاجابة بنعم فلماذا لم يحرك ساكنا وهل لنا ان نصدق مقولة ان المؤتمر الوطنى فعلا يريد فصل الجنوب حتى تتمكن الحركة الاسلامية من تحقيق مشروعها فى شمال السودان المسلم. اما اذا كان المؤتمر الوطنى غير مدرك لمالآت سلوك الحركة الشعبية فالمصيبة اعظم.ان الانفصال آت ولا محالة وقد تيقن المؤتمر الوطنى من ذلك ولكن يبقى حل قضايا ما بعد الانفصال امر فى غاية الاهمية وخاصة القضيتين المرحلتين وهما ما كان يفترض حلهما قبل الاستفتاء وهما قضية ترسيم الحدود وقضية ابييى , ان معلجة هذه القضايا امر مهم جدا للغاية اذا كنا نريد ان نعزى انفسنا بتحقيق سلام مهره تجزئة الوطن واذا لم يتحقق السلام المنشود فنكون مزقنا الوطن ودخلنا مستنقع حرب جديدة بين دولتين تكون اشرس من الحرب الاهلية السابقة. ELSHAIKH IDREES [[email protected]]