كان في دنيانا والي 3 أيام خلت، رجل بيننا له من اسمه نصيب وافر.."عاقل"
يمد لك القلب يدا للمصافحة، لسانه يشجي أذنك بحديث هو المحبة الخالصة..لا يعرف سفه القول أو سقط الكلام، يمناه جزلة العطاء، وقدمه تسبق خفة جسده في الزيارة والملمات، والمجاملات، وما أكثرها....
رجل يعني أشياء كثيرة لأناس كثر، يحبونه حبا جما، ويقدرونه تقديرا لا ينعقد إلا للقلائل من البشر....
عاقل هذا، ياسادتي، رجل هين ولين ... وبلا خصومات . يعمر مجالس المدن وديوانيات العمل اليومي حاملا معه ذات الخصال. ففي الخرطوم هو ذات "العاقل " الذي عرفته واشنطن ، وفي ردهات وممرات البنك الدولي الرخامية هو نفسه "العاقل" الذي عرفه بلاط وزارة المالية بأسوده وأبيضه : رجل متسق ، متسامح مع ذاته النقية التي لا تري في الآخرين إلا الجميل لأنها مبرأة من موبقات الخبث والقبح سلوكا وقولا ...
رجل لا يضن بشئ ...إذا ضحك ، ضحك عاليا وبقهقهة متصاعدة تحسبها ستحبس أنفاسه ، وإذا جامل أغدق وبذل كل شئ وكانت صحته في صدارة المصروفات غير مكترث بتوأم جراحات القلب والصدر المثقل بما ترك نطاسيوه ........
رقة عاقل وظرفه البين ما أقعداه يوما عن المنافحة بما سارت به قناعاته غير هياب أو وجل ، سليل خلاصة ملكية نوبية شامخة : حلفاوي بن حلفاوي أبن حلفاوية كامل الدسم ، الذي يجري به لسان رطان !
رجل وطني محب لهذا السودان البديع ، غيورا عليه ....تراه مشاركا متابعا في كل مناشط الإثراء الفكري والتحلقات الاجتماعية برهط زوار العاصمة "دي. سي" ، حيث عرفته في خريف 1986 . في هذه اللقاءات كان أما مشاركا بفعالية المصتنت بوعي ، أو مدافعا برؤى حسنة التركيب ، أو مبديا تحفظا هو مزيج من سؤال تحفه أطروحة ثاقبة ، أو معلقا بما خبر من إدارة الشأن المالي للدولة من موقع الوكيل :قاطرة التنفيذ الفعلية في كابينة الوزارة ... وبين كل هذا وذاك كان ماعونه لا يضيق أبدا مهما ومهما ...!
عاقل رجل جمع التضاد في أبهي صوره : تواضع في النفس رغم الإرث المعرفي الصلب ، دماثة خلق لم تفسدها حصيلة مناصب إدارية رفيعة تعاور عليها ، وتنوع وانفتاح علي مكونات المجتمع رغم جاذبية الانغلاق والسكون والاكتفاء بخاصة الأهل والعشيرة والأقربين . هذا الجانب الأخير نطقت به" الخيمة- الميدان" التي ضاقت بمن حضروا للتهنئة في زواج كريمته علي ابن صفيه السفير إبراهيم طه أيوب .كانت الخيمة الميدان هي السودان، وعلي المستوي الشخصي فإنها وفرت فرصة نادرة للالتقاء بالكثير من الأحباب بعد تفرق الخطي في دروب الحياة !
منذ ثلاثة أيام و" الخيمة الميدان" هذه تكبر وتكبر ، فما غدت "المعمورة " تسعها ،فتجاذبنا أوتادها وشددناها في حيشان عواصم أخر كل حيث بلغه الخبر الصاعق ، فعاقل " في كل بلد سوالو أحباب " .انه لنعي يشق لرجل هو رحابة السودان وكل تعقيد أخر لطرائق أعالي البحار !
اللهم ، أن عاقل عطا المنان ، عبد من عبادك خرج من روح الدنيا وسعتها ، وغادر أهله ومحبوه فيها إلي ظلمة القبر ووحشته . اللهم نشهدك بأنه كان يشهد أن لا اله إلا أنت، وان محمدا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به... اللهم انه نزل بك ، وأنت خير منزول به ، وأصبح فقيرا إلي رحمتك ، وأنت غني عن عذابه.... اللهم نزل علي قبره الضياء والنور والفسحة والسرور..اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وان كان مسيئا فتجاوز عنه ولفه برحمتك وأجره من عذابك حتي تبعثه إلي جنتك يا أرحم الراحمين ...اللهم اجزه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا
( يا أيتها النفس المطمئنة، أرجعي إلي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) صدق الله العظيم [email protected]