أخذت أسرح في قلبه الرقيق ..ونبع حنانه الجارف .. وعينيه الضاحكتين ،ويديه الحانيتين ... كان فارس أحلامي ، لم نحلم سوي بعش صغير يجمعنا سوياً ، ولكن لم يكتمل النصاب ..! هكذا روت لي (س) حكايتها مع حبيبها ومضت قائلة : "كل شي كان تمام لحد ما جه البيت يخطبني.!" .. لم تكن (س) بحاجة لكي تكمل قصتها فمن المؤكد أن العريس قد اصطدم بلستة مطالب بدءاً من " فتح الخشم والشيلة والشبكة والحنة والكوافير وفطور العريس و....و..و..إلخ..إلي ما لا نهاية ..!؟ فكيف لشاب في مقتبل العمر يبلغ راتبه حوالي ألف ونصف _هذا إن افترضنا انه دخل متوسط_ أن يوفر ما يحقق لأهل العروس (البوبار) ، (الفشخرة) أمام المجتمع والناس..!؟ كثير من الاهل يغالون في مطالبهم لأي متقدم لطلب يد ابنتهم ..ولا تنأي سياسات الدولة نفسها بالضغوط الاقتصادية التي تحاصر المواطنين البسطاء وغير البسطاء من تحمل مسئولية الوقوف امام زواج الشباب ..أو مايسمي بظاهرة العنوسة التي بدأت تتفشي في مجتماعتنا ، إضافة لشبح عزوف الرجال أيضا الذي أصبح يهدد قطاعات واسعة ..أو في أحسن الاحوال تأخر سن زواج الرجال للثلاثينيات أو الاربعينات لحين (تكوين أنفسهم) ..!؟ السيناريوهات المتوقعة لقصص الفتيات والشبان في المرحلة المقبلة لا يبدو مع موجة الغلاء أنها ستصل لنهايات سعيدة وسنسمع قصص كثيرة كهذه : " ذهبا سوياً لشراء الشبكة فوجدوا سعر الجرام قد وصل ل 200 جنيه..، فقال لها : "عذراً حبيبتي سعر الدولار ارتفع ، لا داعي للشبكة إنها مجرد شكليات وكما قال الرسول (ص) التمس ولو خاتماً من حديد..". حبها الشديد له دفعها للقبول فردت عليه : " مافي مشكلة يا حبيبي المهم نكون سوا ما دايرة دهب ". أعادها للمنزل وهي مصابة بالاحباط ..لتحدثه في اليوم التالي : "حبيبي الليلة مواعيدنا عشان نجيب العفش " ، ذهبا لمعرض الأثاث أقل غرفة نوم كانت بثلاثة الاف ونصف جنيه ..وارخص طقم جلوس كان بألفين والأسعار كلها نااااااااااااار ، فما كان منه إلا أن قال لها عذراً حبيبتي لا داعي للأثاث فالدولة منعت الاستيراد وأربعة جدران وحدها تكفي لنكون سويا. تذمرت قليلا ً، وذرفت كثير من الدموع لكن قلبها غلب عقلها ..فأومئت رأسها بالموافقة..، ولكنها لم تكن نهاية سلم التنازلات ..ليفاجئها مرة أخري بأن الأربعة جدران التي ارتضت أن تحتمي بهما لن يستطيع توفيرها أيضا لأن راتبه المتوسط لن يمكنه من استئجار شقة إلي جانب توفير متطلبات الحياة اليومية العادية من مواصلات وخضروات وسكر وشاي ولبن وغيرها ... وفي نهاية المطاف قال لها : سامحيني إن كنت شابا محدود الدخل ..فأهلي لم يتركوا لي ميراثاً ..وبلادي لم تفسح لي المجال لاقتناء ما أريد أو لزواج من أحب ..وأخيراً اعذريني إن كنت قد دخلت إليكي من باب الخروج..!؟