فى تسعينات القرن الماضى إبان اشتداد الحرب فى جنوب السودان ، اذا أسعفتنا الذاكرة ، تم ترحيل أكثر من 3000 طفل جنوبى الى الولاياتالمتحدةالأمريكية لتتبناهم أسر أمريكية تحت غطاء العون الإنسانى ، والله وحده يعلم ما حدث لهؤلاء الأطفال ، ويتلخص السبب ، فى أن الحرب الدائر أوارها بشدة في تلك الأيام مكّن بعض المنظمات الأنسانية المشبوهة من تنفيذ أجندتها فى ظل تساهل أو عدم مقدرة حكومة السودان على حسم مثل هذه الأمور . وفى العام ( 2007) نقلت الفضائيات أخبار منظمة ( ارش دو زوى ) الفرنسية وهى تستعد لشحن أكثر من مائة طفل دارفورى كانت قد باعتهم مسبقاً لأسر فى فرنسا وبلجيكا مقابل ( 4000 – 8000 ) دولار للرأس الواحد . وكانت تشاد التى كشفت الخبر لديها أيضاً أطفال قد تم تهريبهم من مطار أبشى بنفس الطائرة. وتعود الأسباب بالطبع الى تفاقم مشكلة دارفور التى تسببت فيها الحكومة والحركات المسلحة والمشاكسة بين الشريكين . واخذت الحادثة بعداً إعلامياً ضخماً وسافرت الوفود من السودان الى تشاد بغرض حث انجمينا على ضرورة محاكمة المتاجرين بالأطفال . ولكن لم يحدث شىء من ذلك بسبب تدهور و سوء العلاقات السودانية التشادية الفرنسية وقتها ومن ثم أطلقت أنجمينا سراح الطائرة التى ما إن وصلت فرنسا حتى تم إطلاق سراح طاقمها.وتبخرت قضية الأطفال المخطوفين في الهواء ولم يسمع عنها خبر منذ ذلك الوقت بسبب عدم متابعة الجهات المختصة بحكومة السودان لهذا الأمر. وفى ) 26) يونيوالماضى توفى الأطفال المشردين بالعاصمة القومية بالجملة في مجزرة جماعية لا إنسانية قل أن يحدث مثيلاً لها في هذ الألفية الثالثة ، وهم ماجرت تسميتهم بضحايا الإسبرت حيث قارب عدد الهالكين المائة هذا غير أولئك الذين فى طريقهم الى الموت أو العمى . والأسبرت كما يقول الأطباء هو نوع من أنواع الكحول الذى يستعمل صناعيا ودوائياً والذى درج المشردون على تعاطيه مثله مثل شم البنزين أو السلسيون بهدف تحقيق نشوة السكر. ثم اليكم هذا الخبر: جاء فى الصحافة أن وزارة المالية صدّقت لإبن أحد الوزراء بمبلغ32.391.70 ) دولارا ) بغرض العلاج في الولاياتالمتحدةالأمريكية . تعليق : جل ما فعله برلمان السودان للتحقيق في هذه المصيبة ، أنهم تشاكسوا وتلاسنوا حول من المسئول عن تشرد الأطفال- المرأة أم الرجل – وهل عمل المرأة ضرورة تبيح إهمال الزوج والأطفال. وردت النساء الصاع صاعين بأن الرجال هم سبب كل البلاوى التى تحدث فى الأسرة. وهكذا تم اسدال الستار على أكبر وألعن كارثة قومية حدثت في السودان يموت فيها البراعم دون أن تحرك أية جهة ساكناً عدا الجهات الشرطية التى تحقق فى الحادث. إن حادثة بمثل هذا الوجع الذى يقتل كل أمل في الحياة ومعناها الذى ضمّنه الخالق سبحانه وتعالى فيها ، لقمينة بالإطاحة بكل الرؤوس التى تعمل في مجال العمل الإجتماعى كالزكاة والشؤون الإجتماعية والشئون الإنسانية بل والدولة ككل وتدمغها بالفشل والإستهتار والفساد وعدم الأهلية لتحمل أية مسئولية تجاه هذا الشعب ، بل أين منظمات المجتمع المدنى والأمهات وناشطو الرأى والمبدعون قي كل مجال . ونحن اذا خاب رجاؤننا في هذه الحكومة التى تناضل من أجل بقائها ، فلماذا هذا الموات الشعبى المذل للأحياء قبل الأموات .إن تكاليف علاج وتعليم وسفر أبناء وزوجات الدستوريين الذين لم يفعلوا شيئاًَ مجدياً لهذه البلاد طوال فترة استوزارهم غير تفتيتها وتمزيقها ، لكفيل بحل مشاكل اليتامى ومجهولى الأبوين والمشردين والمتسولين . وفى تقديرى الشخصى أن كل من لم تحركه هذه المأساة من المسئولين أو حتى من المواطنين العاديين فليراجع نفسه ، لأن الموت الذى أراح هؤلاء الصغار من النوم في الحفر كالكلاب الضالة لحرى بإدراك من ينامون في البروج المشيدة في لمحة من البصر وهم غافلون. ويا من يعزّ علينا أن نفارقهم وجداننا كل شىء بعدكم عدم .