Amna A.Hashim [[email protected]] يحضرني بشدة مقالا قرأته قبل فترة لكاتب سعودي يعلق فيه على الحملة العنيفة التي تقابل بها الأصولية الإسلامية المتطرفة عيد الحب أو الفالنتاين عيد الذي يوافق الرابع عشر من شهر فبراير من كل عام وكيف قارن الكاتب بين تكريس ثقافة الكراهية ثقافة الكراهية بديلا عن ثقافة الحب وكيف أن محنة القديس فالنتاين تحولت إلى رمزية جميلة تقدس الحياة وبها يقضي العشاق سويعات في هذا اليوم يتبادلون الهدايا والعبارات الجميلة بعيدا عن المرجعية الدينية فهو رمز إنساني لشيء جميل عرفته الإنسانية منذ الأزل ونعيشه واقعا مع أزواجنا وأحبائنا وقارن الكاتب بين أعياد كثيرة لا تعني شيئا لهذه الفئة وكيف أن عيد مثل عيد الأم يمر عند البعض ولا يعني شيئا في حين أن الأم هي العطاء وهي استمرارية الحياة. وتحدث الكاتب عن كيف أن رابعة العدوية المتصوفة استطاعت أن تكرس لثقافة الحب بدلا عن الكراهية وكيف أن غاندي استطاع أن يقابل الإساءة بالإحسان واستخدم سياسة اللاعنف واللاكراهية ولعل سبب هذا الاستحضار أغنية أعجب كثيرا من طرب البعض بل كثير من السودانيين لها أغنية" قتلوها وصقيرا حام" وكيف أن هذه الأغنية كما قال أستاذي فيصل محمد صالح تكرس لثقافة الكراهية وتتوارى أمامها ثقافة الحب والسلام فهي أغنية لا تمت للحماسة والشجاعة بأي صلة بل تدعو إلى عدم مراعاة حرمة الموتى "بالدفن حتى" مهما كان العدو فظروف المعركة شيء وان يعجب الناس بكلمات هذه الأغنية شيء أخر فهي تدعو إلى ترك الجثث حتى تتعفن وتأتي الصقور لالتهامها أين نحن من "يجو عايدين ضباطنا المنتصرين" أين نحن من"كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية " كل هذا تغنى به الشعب السوداني ولكن أن تنال هذه الأغنية هذا الزخم بين شيبنا و شبابانا هو ما يحير ؟! هل تجردنا من إنسانيتنا إلى هذا الحد هل صرنا لا نبالي بأي شئ ؟ أن الأغنيات تعكس ثقافة المجتمع فكيف تدهورنا وصرنا نحو الأسوأ وهنالك أغنية أخرى جعلت الحب كالحرامي يأتي عبر الحيطان والجدران أغنية "حرامي القلوب تلب" التي يطرب لسماعها بنات وشباب بلدي أينما طرب وكان مفردة الحب اختزلت في الستر والخفاء وهذا يعكس واقع مؤلم يعيشه شبابنا فكثر الزواج العرفي وقلت الصراحة بين الأبناء وذويهم وصار الحب مبتذلا ومستغلا لأقصى درجة وصارت ثقافة شبابنا بعيدة كل البعد عن الفن الأصيل واللغة الجميلة وقد ذهب الإمام الصادق المهدي في كتابه الدين والفن إلى ما يشير إلى ذلك فقال:"إن للثقافة والإنتاج الثقافي والفني دورا هاما في بناء الوطن ولكنه ظل دائما يعاني من مشاكل الانكفاء على الماضي من دون تدبر أو الاستلاب للخطاب العربي وإهمال الخبرة الفنية والثقافية التقليدية وفنونها ونال فيه المبدعون والمثقفون تنكيلا واسعا وحكم على الثقافة بالثوابت الأحادية الحزبية للحكومات الدكتاتورية وعرقلت مسيرة التطور الطبيعي ومنع التلاقح" حقا أنها مأساة امة !!!