لا تكاد تخلو صحيفة عربية من شكوى الجمهور من الروتين المتفشي في القطاعين العام والخاص والذي يرفع شعار "روح وتعال بكره" ويؤجل كل أعمال اليوم إلى الغد أو إلى أجل غير مسمى ويتسبب في تعطيل المصالح وضياع الوقت ، الجهد والمال، فما هي أهم الآليات التي تمكن المؤسسات والشركات من تنفيذ طلبات الجمهور في يوم تقديمها دون أي تعقيدات إدارية محبطة وغير محتملة؟ من المؤكد أن مشروع صنع وإدارة المعرفة هو السبيل الوحيد لتطوير العمل الإداري ، ويقوم هذا المشروع على ثلاثة محاور ، المحور الأول هو صناعة القرار الإداري وهي مهمة جماعية تستلزم مشاركة كافة الإدارات المتخصصة وقيامها بتحديد المشاكل المتعلقة بخدمة الجمهور وطرح أفضل الحلول لها وتعديل الحلول حسب المستجدات الميدانية ، المحور الثاني هو اتخاذ القرار الإداري ، ويقتضي تفويض أكبر الصلاحيات للمرؤسين وتمكينهم من المفاضلة بين القرارات الجاهزة وتطبيق القرار الأنسب في أسرع وقت ، أما المحور الثالث فهو إدارة المعرفة وهي مهمة مستمرة لا تظهر نتائجها إلا بعد وقت طويل من التطبيق الناجح. ترتكز إدارة المعرفة على دعامتين ، الدعامة الأولى هي تطوير العمل عبر أسلوبين، الأسلوب الأول هو مشاركة المعلومات الأساسية للعمل بين كل العاملين في ذات التخصص عبر برنامج الممارسة التخصصية الذي يستهدف محاربة الفكرة الخاطئة الشائعة في العالم العربي حيث يعتقد أغلب الموظفين أن احتكار المعلومات هو السبيل الوحيد للنجاح الوظيفي والحصول على الترقيات واستبدالها بفكرة ايجابية ترسخ مفهوم العمل الجماعي والعمل على تدريب الموظفين على اتخاذ القرارات دون اللجوء لرؤساء الإدارات في كل صغيرة وكبيرة وتدريبهم على التمييز بين المستندات الأساسية والمستندات غير الأساسية، الأسلوب الثاني هو تفعيل برنامج الاهتمامات المشتركة والذي يهدف لإنشاء وتقوية روابط الزمالة والتعاون بين أفراد الادارات المختلفة ، أما الدعامة الثانية فهي تطبيق البرامج التكنولوجية المتقدمة التي تتم عبرها مشاركة كافة المعلومات الأساسية للعمل بشكل سريع وفعال. إن التنفيذ الناجح لمشروع صنع وإدارة المعرفة ، الذي يستهدف الاستغلال الأمثل للرأسمال الفكري والمهاري والوثائقي عبر إنشاء ، تجميع ، تخزين ، استرجاع وحماية قاعدة بيانات العمل الأساسية بوسائل تكنولوجية متقدمة وضمان نشرها وتقاسمها بين كافة أفراد فريق العمل التخصصي، هو سر تطور الخدمات في سائر الدول المتقدمة إذ يؤدي إلى اكساب الموظفين مهارة اتخاذ القرار الصائب والسريع كما أن اتاحة المشاركة المعلوماتية عبر تغيير المفاهيم الوظيفية المتخلفة واستخدام التكنولوجيا المتقدمة يؤدي حتماً إلى تطوير قدرات الموظفين وتمكينهم من تقديم أفضل وأسرع الخدمات للجمهور بأقل مجهود ممكن. فيصل علي سليمان الدابي/المحامي 55619340 sara abdulla [[email protected]]