الدراما السودانية لا زالت تراوح مكانها بالرغم من المحاولات العديدة لانقاذ (مركبها) وانتشالها من المياه (الضحلة) الى العمق الذي تستطيع معه الابحار والانطلاق الى بحور ومرافئ الدراما العالمية للحاق بركب، على الأقل الدول المجاورة التي سبقتنا، بعض النقاد يقولون المشكلة ليست في الأفراد فلدينا، ما شاء الله، عدد (معتبر) من الدراميين الموهوبين والمؤهلين (أكاديميا)، كما لدينا كادر مماثل من المخرجين الأكفاء ذوي الخبرة والمقدرة على انتاج كمي ونوعي محترم، ولكن المشكلة تكمن في المنتجين الذين لايثقون في قدرة ونوعية الأعمال التي لا تقوى على (خوض) المنافسة والتفوق على الانتاج المصري، الخليجي، السوري أو التركي وغيرها من المعروض على الأسواق (الدرامية)، لذلك فالخوض في مسألة الانتاج يعتبر ضربا من المخاطرة، وهم يتخوفون من الفشل وعدم (انتشار) ونجاح الأعمال الدرامية السودانية لنفس الأسباب التي حدت من انتشار (الغناء) السوداني خارج الحدود. أما المعسكر الآخر من النقاد فيقولون ان سبب (انكماش) وقلة الانتاج في سوق الدراما السودانية هو (دونية) وعدم وجود الممثل السوداني المؤهل والموهوب، ولا يلقون باللائمة على الممثل وحده بل يحملون المخرج السوداني المسئولية فهو أيضا بعيد كل البعد عن المستوى الذي يجعله قادرا على حمل (راية) منافسة الأعمال المطروحة في سوق الدراما المحلية أو العربية لجملة أسباب ومعوقات يجب العمل على تجاوزها والتغلب عليها في سبيل خلق وايجاد دراما سودانية (منافسة) تشجع المنتجين على (استثمار) أموالهم في هذا المجال. وفريق ثالث من النقاد يلقي باللائمة على الدولة التي يعتقدون أنه كان من المفروض عليها دعم الانتاج الدرامي والأخذ بأيدي (الدراما) السودانية لكي تعبر بها الى طريق (الأمان) وبر السلام لكي تتمكن من (كسر) حاجز العجز والظروف الحالية التي تهيمن على أجواء أسواق الدراما السودانية. فأي من تلك الفرق الناقدة محق ياترى في نقده، ومتي تستطيع الدراما السودانية النهوض من (عثرتها) وتلحق بالركب؟؟؟؟ النقد الفني يعاني من المحدودية والمجهودات الفردية الذاتية النقد الفني في السودان يطلق ويراد به لون واحد من ألوان الفن الا وهو الغناء بينما الفن يشتمل على العديد من (الأنشطة)، بما فيها الغناء بشقيه الشعبي و (الحديث)، والفن التشكيلي، والمسرحي، وفن الكاريكاتير وغير ذلك من ضروب الفن الأخرى المعروفة. والنقاد في مجال الفن الغنائي في السودان محدودين وعددهم قليل جدا، على سبيل المثال نذكر منهم شيخ النقاد ميرغني البكري والأساتذه سليمان عبد الجليل وطلحة الشفيع وصلاح الباشا، وقد حمل شيخهم البكري الراية منذ عهد مجلة الاذاعة والتلفزيون (هنا أم درمان)، وما يزال، أطال الله في عمره، يدلو بدلوه من خلال الصحف والفنوات الفضائية (كوسيط اعلامي جديد)، وقد شهدت جزءا من عهد الاستاذ الشاعر الزميل سليمان عبد الجليل، يرحمه الله، الذي كان يشرف على اصدار صفحة الفن في جريدة الصحافة اليومية، وكانت صفحة اسبوعية يورد فيها نشاط الفنانين ويستعرض الجديد من أعمالهم الغنائية والموسيقية، ويتعرض بالنقد لبعض أعمالهم وأحيانا يجري بعض اللقاءات الفنية مع أحد كبار الفنانين يكشف فيها ويلقي الضوء على بعض أعمالهم الجديدة. أما الزميل طلحة الشفيع فكان يمارس النقد من خلال عموده وبعض المقالات الخاصة، والزميل الباشا ينشر بعض المقالات النقدية في أجهزة الاعلام. ولكن كل تلك محاولات فردية محدودة اذ أن العديد من الذين دخلوا هذا المجال لم يكن النقد من (صلب) أو من (صميم) عملهم، معتمدين في ذلك على مجهوداتهم وثقافتهم الذاتية واهتماماتهم الفردية والمواهب الشخصية. وينحصر النقد الفني فقط في مجال الغناء، ولا تجد ضروب الفنون الأخرى حظها من النقد مثلما وجد فن الغناء، وأذكر على سبيل المثال الناقد السينمائي نجدي عبد الرازق شقيق زميلنا الصحفي صلاح عبد الرازق الذي كان له باع طويل في هذا الفن، وقد مارس كاتب هذه السطور بالاشتراك مع الزميل الاستاذ الكوكب الصحفي محمد عثمان (دبايوا) عملية (الاستعراض) الفني (السينمائي)، وكانت مؤسسة الدولة للسينما ممثلة في الأستاذة سعدية (العلاقات العامة) تعرض لنا الأفلام قبل عرضها على مقص الرقيب حتى نتمكن من استعراض تلك الأفلام خلال صحيفة الصحافة. وهكذا نجد أن النقد الفني قد انحصر في لون واحد وبمجهودات فردية ذاتية محضة. المسرح المدرسي أحد الأنشطة المدرسية الهامة المسرح المدرسي له دوره الهام في اكتشاف وصقل المواهب منذ وقت مبكر في الوسط الطلابي كأحد الأنشطة المدرسية غير الأكاديمية التي من المفروض أن (تستوعب) أو تستقطب المواهب وسط الطلاب. وكان للمسرح المدرسي في ما مضي تأثير واضح على تهيئة وتدريب الطلاب الراغبين والموهوبين على ممارسة عملية التمثيل تحت اشراف بعض الأساتذة المهتمين بفنون المسرح من تأليف واخراج وديكور وغيرها من الفنون المسرحية، وكلها محاولات كانت تعتمد ايضا على الاهتمامات الشخصية. والآن وقد توافرت الفرصة لبعض خريجي المسرح من كليات الدراما والمسرح لكي يتم تعيينهم في المدارس كمشرفين مؤهلين لقيادة النشاط المسرحي والاشراف العلمي على كافة الوان الفنون المسرحية. ويجب أن يخرج النشاط المسرحي من النطاق الضيق، من دائرة الغناء الى رحاب اوسع تشمل الفنون المسرحية كافة. وهناك ارث (مسرحي) ثر يمكن اللجوء اليه وعرض الكثير من المسرحيات التاريخية والوطنية والكوميدية وغيرها مما يشبع ويلبي رغبات الطلاب والتلاميذ الذين يشكل المسرح أحد اهتماماتهم كما يمكن أن تكمل الممارسة بمحاضرات أو دروس علمية موجزة للهواة من الطلاب الراغبين في الاستزادة وصقل مواهبهم بشئ من الدراسة العامة التي ستمكنهم بدون شك مستقبلا في رسم وتخطيط رغباتهم الانضمام الى كليات الدراما والموسيقى والمسرح أينما كانت. عليه نأمل أن يجد المسرح حظه من الاهتمام كنوع من النشاط المدرسي غير الأكاديمي شأنه شأن أي لون آخر من ضروب الفن والأدب والخطابة. alrasheed ali [[email protected]]