ظلت قضية زيادة الاجور معلقة منذ توجيه الرئيس عمر البشير لوزارة المالية برفع الحد الأدنى الى 425 جنيها، وفقاً لتوصية المجلس الأعلى للأجور، على اساس ان يبدأ التطبيق اعتبارا من يناير 2013م وذلك بعد أن تجاهلتها موازنة العام بعد احتدام الجدل حولها بين وزير المالية علي محمود ورئيس اتحاد العمال بروفيسور غندور ابراهيم . غير انه اخيراً اعلنت وزارة المالية على لسان وزير الدولة الدكتور عبد الرحمن ضرار في تصريحات صحفية إنها شرعت في الترتيبات الأخيرة لزيادة الحد الأدنى للأجور بالتنسيق مع الجهات المختصة بالولايات في وقت أعلن فيه غندور الالتزام بزيادة الأجور التى تم الاتفاق عليها مسبقا بأثر رجعي ابتداء من الأول من يناير 2013 م وارجع عدم تطبيقها لجهة ارتباطها بالظروف الراهنة . والشاهد أن هذه الاجور ظلت ضعيفة مقارنة مع ارتفاع تكلفة المعيشة وهو الشيء الذي لم ينكره أحد حيث كان رئيس الجمهورية ذات نفسه قد اقرّ بتدني الحد الادنى للعاملين مقارنة بتكلفة المعيشة والاوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد حيث يبلغ الحد الأدنى للأجور الان ( 165 ) جنيها واكد أمين علاقات العمل باتحاد العمال فتح الله عبد القادر بعدم تغطية دخل العامل للاحتياجات مقارنة مع منصرفاته، حيث لايغطي سوى (11%) من تكاليف المعيشة ويؤكد الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير ان الحد الادنى هذا ليس هو الذي محددا وفقاً لنتائج الدراسة التي اجريت للتوافق بين مستوى المعيشة والدخل بل هو حد ادنى توفيقي تم لمعالجة جزئية . ويبدي بعض الاقتصاديين قلقهم من زيادة الاجور اشفاقاً على معدلات التضخم من التصاعد الامر الذي لم يستبعده غندور بأن تؤثر زيادة الاجور على ارتفاع نسبة التضخم، لكنه اعتبر ان ارتفاع التضخم سببه الرئيسي يعود الى ارتفاع الاسعار الذي يحدث في كل يوم، مشيرا الى ان تصاعد الاسعار تأثيره اكبر من اضعاف اضعاف اي زيادة اجور في وقت جزم فيه مدير ادارة التجارة الداخلية والاسعار بجهاز الاحصاء المركزي العالم عبد الغني بأنه إذا نفذت الحكومة اي زيادة في الاجور والمرتبات قطعاً سيؤدي لرفع التضخم وبرر ذلك في حواره مع (الخرطوم) بقوله ان رفع الاجور في كل الاحوال هو عملية تضخم لأنها نقود تم دفعها للسوق يقابلها تجار يرفعون الاسعار لأن هنالك قوة شرائية وشدد على ضرورة أن تكون هنالك آليات اقتصادية مصاحبة حتى لا يرتفع السوق بشكل غير مقبول غير انه استدرك بقوله " اذا تم عمل سياسات كثيرة لكي تكبح جماح التضخم لا تكون هنالك مشكلة كبيرة بمعنى أن المعالجة ليست بالقرار إنما بالعمليات الفنية". وفي مسألة الحديث عن اثرهذه الزيادة في السوق وعلى التضخم يرى الناير في حديثه ل(الخرطوم) امس ان اثر رفع الدعم عن المحروقات يكون كارثي أكثر من زيادة الاجور لجهة ان الاخيرة اثرها ضئيل جداً عكس الاثر الذي يمكن يحدثه رفع الدعم عن المحروقات ان تم ربطه بهذه المسألة وبرر ذلك بقوله ان ال(200) جنيه موجودة اساساً وكانت تدفع للعاملين فقط الي سيحدث الان هو دمجها في المرتب الاساسي وهذا ما اعتبره لا يُعني ضخ سيولة جديدة في السوق لافتاً الى ان الزيادة ستكون (60) جنيه فقط في الحد الادني ويختلف مع اختلاف الدرجات الوظيفية ،بالتالي اكد ان اثرها على التضخم سيكون طفيفاً لجهة ان اثر السيولة التي يتم ضخها ليست كبيرة لاننا نتحدث عن تعديلات توفيقية للاجور . ويرى بعض المراقبين ان الزيادة التي ستطرأ على الرواتب ضئيلة جداً ورغم ذلك يقابله عاملين برضا تام تحت مقولة (الكحة ولا صمة الخشم ) ويوضح الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير بالنسبة لمعالجة الزيادة انه كان من المفترض ادخال (100) جنيه في المرتب اعتبارا من يناير اما ال(100) جنيه الثانية (منحة الرئيس) اعتبارا من اول يوليو وباضافة ال(200) جنيه للمرتب يصبح الحد الادنى حوالي 360 جنيه والفرق هو ان مطلب اتحاد العمال ان يكون الحد الادنى للاجور (425) جنيه مبيناً انه بهذه الكيفية ان المبلغ الذي يُدفع فعلياً كنقد لا يتجاوز ال(60) جنيه اضافة لما يترتب عليها من ادخال ال(200) جنيه بالمرتب من تعديلات على العلاوات الاخرى . وفيما يفترض ان يتم دفع هذه الزيادة وحسب قرار الرئيس من الاول من يناير (بأثر رجعي) يعتبر البعض ان هذه النقود ستكون فقدت جزءاً من قيمتها الشرائية لجهة ارتفاع معدلات التضخم غير ان الناير اعتبر ان مسألة فقدانها قيمتها هذه تصبح ليست معيار لأن السائد في المعاملات هو دفع ذات القيمة في مثل هذه المسائل فبالتالي اي استحقاق للعاملين يؤخذ بذات النسبة (جنيه بجنيه) وعد مسالة فقدانها قيمتها الشرائية ليست معيار في المفاضلة كما انها ليست معيار لاتحاد عمال السودان الذي يريد تطبيقها بأثر رجعي فقط . والسؤال الذي يفرض نفسه هل وزارة المالية ستكون جاهزة للتطبيق خاصة وان هنالك جدل كان قد لازم مطالبة اتحاد العمال بالزيادة وحجة وزارة المالية في ذلك انها ليست لديها الموارد الكافية لمقابلة زيادة الاجور واعتبرته يزيد من عجز الموازنة وفي ذلك يقول الناير ان قناعته تؤكد ان الموارد متاحة بما يكفي لمعالجة الحد الادنى للاجور واوضح ان المقصود عن ادخال (100) جنيه منذ يناير و(100) جنيه منذ يوليو مسألة تخفيف ضغط على المالية فقط وهي في الاصل مدفوعة منذ فترة لكنها كانت خارج المرتبات الا ان اتحاد العمال طلب ادخالها داخل المرتب بالاضافة الى (60) جنيه . اما بالنسبة الى السؤال عن انه هل هذه الزيادة ستخضع للاستقطاعات التي يخضع اليها المرتب فالشاهد انه كان هنالك منشور اصدرته وزيرة تنمية الموارد البشرية اشراقة سيد محمود باعتماد (100) كعلاوة ولعلّ هذه كان من شأنها ان تؤدي لنقصان في المرتبات غير ان اتحاد العمال رفض ذلك واصرّ على اضافتها للمرتب ما ينبئ بأنها ستطالها الاستقطاعات . ويشير دكتور ميرغني بن عوف الخبير الاقتصادي ومستشار المجتمعات القاعدية توجد دراسات اقتصادية واجتماعية واعلامية تحدد الحد الادني لتكاليف المعيشة للأسرة، بجانب دراسات لظاهرة الفقر وربط الدخول المتدنية بقلة الاستهلاك، مما يخلق ركود فى الأسواق، حيث اثبتت الدراسات أن الأسرة المكونة من (6) أفراد تحتاج شهريا لحد أدنى(2) ألف جنيه شهريا، حيث لايغطي التعليم التجاري والعلاج التجاري بل ترتكز في الحاجات الضرورية من الطعام والشراب والسكن، واضاف: زيادة الأسعار الجنونية في الأغذية والأدوية، والتي لم يقابلها زيادة في الدخل حسبت على افتراض كمية البطالة التي تجاوزت ال(46%)، وأضاف: زيادة الأجور على الرغم من موضوعية المقترح إلا أنه يظل غير كافٍ حيث أن السوق يمتص كافه الزياده ويزيد التكاليف لعدم وجود الانضباط في السياسات السعريه؛ مما يتطلب توسيع قاعدة العمل بتشغيل العاطلين وكبح جنون الأسعار لضمان التوازن بين الدخل والمنصرف، واستحال زيادتها بعد إجازة الميزانية. rehab abdala [[email protected]]