ذكرت في خاتمة مقالي بالأمس أن كافة عناصر الجبهة الداخلية قد تم إعتقالهم قبل ساعات قليلة من إنطلاق القوات لتنفيذ العملية ، و دار سؤال حائر ، من الذي أبلغ السلطات ؟؟ هو شخص بلا شك ملم بكافة المعلومات ، وإلا لما استطاع الامن الوصول لكافة العناصر في ساعة واحدة ، وبعين فاحصة ، و بذكاء فطري ، إستطاع الجميع تحديد الفاعل ، لو لم يكن هو لكان الان موجود مع الجميع ، عدم وجوده هو البينة القاطعة عليه ، وهو ما يعرف قانونا و إجتهادا هنا بمصطلح alibi . وبدأت التحقيقات ، وكانت المفاجأة المذهلة أن الأمن لا يعلم شيئا عن تفاصيل العملية الاساسية ، فالتحقيق يدور حول القيام بتخريب منشآت وتظاهرات ، وهنا كان الاستعجاب الاكبر : لماذا قام المبلغ بالتبليغ عن الاجتماعات ولم يكشف تفاصيل الحركة ؟؟؟!!! و عند الساعة الثانية صباحا تم ترحيل جميع المعتقلين لسجن كوبر ، قسم الطوارئ ، وبدأ الانتظار القاتل لسماع صوت الرصاص . كما أسلفت أن ساعة الصفر للتحرك من المرخيات كانت الساعة السادسة مساء ، ولكن التحرك تأخر كثيرا ، وعلمنا لاحقا ان التأخير كان لسببين : أولهما حسم الخلاف حول زي المقاتلين ، هل يرتدون الزي العسكري للجيش السوداني ، أم يرتدون الملابس المدنية ، و أستغرب حتي الان لماذا لم يحسم هذا الموضوع آنفا !! و جاء القرار بإرتداء الملابس المدنية . أما السبب الثاني للتأخير فقد كان بسبب اللواري التي تم شرائها لنقل المقاتلين ، فقد كانت الاوامر بشراء لواري جديدة لنج لهذه المهمة ، و أتضح أن جميع اللواري كانت مستعملة إن لم تكن خردة ، مما تسبب في تعطلها في الطريق . وهنا يبرز التساؤل : من المسئول عن عملية الشراء ؟ ومن اين لهم الاموال اللازمة لذلك ؟؟ الاجابة علي هذا السؤال ليست سرا من الاسرار التي سأذكرها في هذا المقال ، ولكنها من المعلومات المتداولة علنيا في المحاكمة التي اعقبت فشل العملية ، والتي عقدت بمباني القيادة العامة . لقد كانت المرة الاولي التي نسمع فيها مصطلح النلفاليو Nil value ، و هي الطريقة التي استحدثت لجمع الاموال لتمويل الحركة بالداخل ، اذ يقوم التجار المستوردون بايداع الاموال بالجنيه السوداني في الداخل ، ويستلمون ما يقابل المبلغ بالعملة الصعبة بالخارج ، و لقد دهشنا في المحكمة ونحن نسمع عن تلك المبالغ الطائلة التي رصدت لهذه الحركة ، و صقعنا و نحن نسمع عن اللواري التي تعطلت في الطريق ، فالمبالغ التي رصدت كفيله بشراء أسطول من العربات الفارهة ؟؟!! و كما أسلفت انا لا اذيع هنا أسرار و إنما أذكر وقائع علنية مدونة في سجلات المحكمة مصحوبة بإعترافات قضائية ، سمعتها كمتهم متواجد في تلك المحكمة ، و كنت وقتها طالبا يافعا يسمع للمرة الاولي بمثل تلك الارقام الفلكية !! .فالمحكمة كانت تذخر بأسماء وشخصيات رأسمالية ، لا علاقة لها بالحركة إلا التسليم والاستلام لتلك الاموال الوفيرة . بعد هذا سأرجع لذكر المعلومات الجديدة عن الحركة و أهمها وصول قائد الحركة الشهيد محمد نور سعد للسودان ، و دخوله عن طريق الحبشة !! و مقابلته واستلامه عند الحدود الحبشية بواسطة الاخ الحبيب و الصديق العزيز أحمد يوسف النصيبه ، وكان يعمل مفتش صحة بمدينة سنار ، والذهاب به لامدرمان ليظل مختبئا في منزل الاخ الحبيب السيد مبارك الفاضل لشهور قبل التنفيذ ، وهذه الاسماء قررت ذكرها صراحة حتي يعلم الناس ما بذله هؤلاء الرجال من ثمن غال لاسترداد الديمقراطية المغتصبة . فالمسألة لم تكن كما يتخيل الجميع ، حفنة من المرتزقة المجهولين ، ولكنهم أبناء قبائل ، ورجال بذلوا أنفسهم رخيصة لهذا الوطن الغالي العزيز . و في الحلقة القادمة سأذكر المزيد . علاء الدين زين العابدين مستشار قانوني ينبع الصناعية جوال 00966551731989 Othman, Allauddin Z. [[email protected]]