Othman, Allauddin Z. [[email protected]] في السياسة بشكل عام ، و في السياسة السودانية بوجه خاص هنالك أشياء تثير الدهشة والاستعجاب ، فعلي سبيل المثال تجد الشخص و هو خارج السلطة ينتقد الفعل السياسي للسلطة في كل صغيرة و كبيرة ، للدرجة التي تفترض فيها انه سيحدث تغييرا هائلا إذا سنحت له الظروف و اصبح جزءا من السلطة ، و لكنه ما أن يدخل السلطة حتي ينسي كل مواقفه السابقة ، ويصبح مزايدا و مزاحما لأهل السلطة في كل ما كان ينتقده من ممارسات ، و الذاكرة السياسية تعج بأسماء العشرات من شاكلة هؤلاء الذين كانوا معارضين للسلطة و ما أن دخلوها حتي نسوا كل ما كانوا يقولون . و أقرب الامثلة لذلك السيد النائب الثاني لرئيس الجمهورية الدكتور الحاج آدم يوسف ، ذلك الرجل الذي أنحاز – عند المفاصلة - لجانب المنشية ضد القصر ، و لم يكتفي بذلك بل قاد مؤامرة عسكرية جعلته و لفترة من الزمان من ( المطلوب القبض عليهم ) , اصبحت صورته تزين الصحف اليومية كما في الافلام الاجنبية ( WANTED ) ، و فجأة و بلا مقدمات معلومة ، ترك الرجل معسكر المنشية ، و ترك رفاقه المحكومين في سجن كوبر ، و أصبح نائبا لرئيس الجمهورية ، و هنا يتخيل الانسان الطبيعي أن أول ما سيسعي له السيد نائب رئيس الجمهورية هو العمل بجد و اجتهاد لإطلاق سراح زملائه في المؤامرة لا سيما وهو القائد لهم في ذلك الزمان ، و من الطبيعي أن يكون مؤمنا ببراءاتهم أو علي الاقل مؤمنا بالظروف الموضوعية التي قادتهم للقيام بذلك التمرد ، ولكن العجيب و الغريب أن السيد نائب الرئيس قد نسي تماما أولئك الرفاق ، الذين ما زال البعض منهم يفترش ( النمره ) في سجن كوبر ، والنمره لمن لا يعلمون تعني مصطلح البرش والبطانية التي تمنح لنزلاء السجون . و لتوسيع دائرة الدهشة والاستعجاب دعنا نخرج من نطاق الخصوصية في مسألة السيد نائب رئيس الجمهورية ، ونتناول الموضوع من زاوية أوسع ، و هي زاوية وجهات النظر السياسية التي بني عليها المعارضون للسلطة قرارهم المعارض قبل الانضمام للسلطة ، فجميعها لا تخرج عن نطاق الشمولية و الفساد السياسي والمالي و الازمة الاقتصادية والحروب اللا منطقية في كافة الجبهات ، و هنا يخيل للمرء أن القضايا المذكورة ستشكل هما لذلك المعارض أينما حل ، و سيزداد إيمانه بها إذا سنحت له فرصة حقيقية لتعديلها بحسبانه جزءا مؤثرا في السلطة ، ولكن العجيب والغريب أن الجميع من أولئك المعارضين المنضمين للسلطة ينسون كل تلك القضايا بمجرد وضع قدمهم في داخل سفينة السلطة ، بل لا يكتفون بذلك و يبدأون في المزايدة علي أهل السلطة الحقيقيين ، فيصبحوا كما يقولون ملكيين أكثر من الملك نفسه ؟؟؟!! لا أعرف أحدا قد شذ عن القاعدة ، فكافة من كانوا في أحزاب معارضة ، سواء من المؤتمر الشعبي أو الامة بكافة فروعه ، أو الاتحادي الديمقراطي بكافة مسمياته ، نسوا كل ما كانوا ينادون به بمجرد انضمامهم للسلطة . و هنا يبرز السؤال المنطقي : لما يحدث ذلك ؟؟ هل هو ضعف في المبادئ ، أم ضعف في العزائم ، أم أن السياسة قد أصبحت في مجملها طريق سهل لتحقيق مكاسب شخصية و دنيوية لا علاقة لها بأي شعارات سياسية ترتبط بمصالح جماهيرية ؟؟!! كم تمنيت لو شذ واحد من أولئك عن القاعدة سوي كان من اليمين أو اليسار أو الوسط ، وخرج لنا بعد ( توزيره ) ليحدثنا عن مساوئ الشمولية ، أو يفضح لنا أركان الفساد ، أو يعترف لنا بوجود أزمة اقتصادية يكتوي بنارها الفقراء فقط ، أو يرفع عقيرته مطالبا بإيقاف الحروب العبثية في كافة أطراف البلاد ، للأسف لا أحد ، مما يجعلنا نعتقد بل نجزم أن السياسة في بلادنا ليست سوي وسيلة لتحقيق أغراض خاصة و منافع دنيوية أبعد ما تكون عن مصالح الشعب المسكين ، الذي ترتكب تحت مظلته و باسمه كل تلك الجرائم . علاء الدين زين العابدين مستشار قانوني ينبع الصناعية