سأختتم هذه المقالات بالمحاكمة العسكرية التي انعقدت بالقيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم ، وكانت تختص بمجموعة الجبهة الداخلية ، أما المجموعة الاخري التي جاءت من ليبيا فقد تم محاكمتهم في المحكمة العسكرية التي انعقدت بالسلاح الطبي بأم درمان شملت محكمة القيادة العامة كافة ألوان الطيف السياسي السوداني بما فيهم الاخوة الجنوبيين ، ولذلك قصة ، فعند التحقيق مع الدكتور الفاضل الجاك– رحمة الله عليه - وكان يمثل رئيس الجبهة الوطنية في ذلك الوقت ، قرر الرجل توسيع دائرة الاتهام لتشمل كافة الفعاليات السياسية ، و قد اجتمع بنا لاحقا نحن شباب حزب الامة في القيادة العامة لتوضيح مغزي ذلك الموضوع ، فأوضح ان التاريخ سيذكر له أنه قد انقذ حزب الامة من الابادة ، لان الامن كان يعتقد أن العملية قد نفذت بواسطة حزب الامة فقط ، مما يعني وقوع كامل المسئولية علي حزب الامة ، و بالتالي تحمل الحزب كافة المسئولية لوحده ، لذا قرر أن ينقذ حزب الامة ويوسع دائرة المسئولية ، ليتقاسم الجميع العقوبة وليس حزب الامة منفردا ، لهذا لم يترك شخصا اجتمع به سياسيا قبل الحركة إلا و ذكر اسمه ، وتم اعتقال الجميع ، من كافة الاحزاب السياسية و قدموا الي المحاكمة ، و أذكر أن هذا الامر قد أغضب السيدة / سارة الفاضل المهدي – رحمة الله عليها – غضبا شديدا ، و كانت ضمن المتهمين بالقيادة العامة ، فطلبت منا أن لا ننادي الرجل بالفاضل الجاك بل بالفاضح الجاك ، و أذكر هنا ما كانت تتمتع به السيدة سارة من شجاعة ملفتة للنظر وهي تدافع عن السيد الصادق المهدي ، ولا تذكر إسمه ابدا إلا مقرونا بكلمة ( سيادة السيد ) . و كانت هنالك أيضا في المحكمة أمرأة أخري شجاعة ، وهي السيدة /ليلي عبد الحميد صالح كريمة الدكتور عبد الحميد صالح - رحمة الله عليه – فقد ورد في الافادات أن الدكتور كان يلقب بكلمة ( الكاذب ) ، وكانت كلما ذكرت هذه الكلمة تقوم السيدة ليلي من مقعدها وتصيح بالغة الانجليزية ( My father is not a liar ,my father is a hero ) أي ان والدها ليس كاذبا بل بطلا . و من النوادر اللذيذة بالمحاكمة ، أن أحد المتهمين ويعمل تاجرا بسوق الشهداء قد قبض عليه بسبب إفادة تقول أنه كان يقوم بإيواء احد عناصر الحركة في منزله لفترة قبل تنفيذ العملية ، و قد انكر هو ذلك و أفاد بأنه لم يكن يعلم الحقيقة ، و أن الشخص المعني قد أحضر اليه علي أساس انه طالب مريض ، وليس له أقارب بالعاصمة ويحتاج للعلاج ، وأن الطبيب كان يحضر يوميا لعلاجه ، وقد طلب إحضار ذلك الشخص للشهادة في المحكمة ، وكان الشخص المعني هو الاخ الصديق محمود أبشر ، و كانت قد تمت محاكمته بالسجن في محكمة السلاح الطبي ، و أخذ لسجن كوبر ، و في اليوم المحدد أحضر مقيدا لأداء الشهادة أمام المحكمة ، وبعد أداء القسم ، طلب من الاخ المتهم استجوابه ، فأنتصب واقفا وهو يغلي من الغضب و سأله ( محمود أبشر ، منذ بدء الخليقة هل تعرفني ؟ ) فأجابه محمود ( لا) ، وانتهت الشهادة ، و قد ظل الاخ الدكتور / عثمان عبد النبي – رحمة الله عليه - القيادي الاتحادي المعروف يضحك كثيرا كلما تذكر ذلك السؤال قائلا ( هذه المرة الاولي التي يسأل فيها إنسان شخص آخر إن كان يعرفه منذ بدء الخليقة !!!) كانت أيام المحاكمات بالقيادة العامة من أحلي الايام التي قضيناها ، فقد أعقبت أياما سوداء قضيناها في مباني الامن القومي ، شاهدنا فيها الوانا من العذاب المر ، ثم تحول الحال في القيادة العامة ، بوجود عدد من رجالات الرأسمالية الوطنية الذين كما ذكرت سابقا أنهم كانوا يحاكمون بسبب عمليات ال نل فاليو (Nil value)، فقد سعدنا في وجودهم بتناول ما لذ و طاب من أنواع الطعام الذي يحضر اليهم بواسطة عائلاتهم الكريمة . إنتهت محاكمات القيادة العامة ، و نقل جميع المتهمين إلي المنطقة العسكرية بجبل أولياء في إنتظار صدور الاحكام ، وقضينا أياما هناك حتي صدرت الاحكام و قام بتلاوتها الشاعر الحسين الحسن – رئيس القضاء السكرى – ثم تم نقل جميع المحكومين الي سجن كوبر ، و من ثم توزيعهم علي كل سجون السودان ، التي قضوا فيها جزءا من محكوميتهم ، حتي تم إطلاق سراح الجميع بعد المصالحة الوطنية ما بين الجبهة الوطنية بقيادة السيد الصادق المهدي والرئيس جعفر نميري . علاء الدين زين العابدين مستشار قانوني ينبع الصناعية جوال 00966551731989 Othman, Allauddin Z. [[email protected]]