ترتدي اللغة في المنجز السردي للروائي الألماني " هيرمان هسه " الحاصل على جائزة نوبل للآداب في عام 1946 ترتدي الشعر بسحر خاص وجمالية منسوجة على مزج الواقع بالخيال مع اهتمام خاص بالطبيعة والحياة وتجسد ذلك في رواياته ( جرترود ) و ( روشالت ) مع تداخل عالم الموسيقى وعالم الروحانيات في مضمونها الروائي لتتوالى رواياته والتي جاء بعضها تعبيرا عن عبثية الحرب ( الحرب العالمية الأولى ) مثل رواية ( أميل سنكلير ) و ( سد هارتا ) لأصل معكم إلى مجموعته القصصية التي وقع عليها بصري قراءة وتمحيصاً ورصداً وهي بعنوان ( أحلام الناي ) وتضم المجموعة سبع قصص ( طويلة تترواح بين عشر صفحات وأربعين صفحة ) وهي صادرة عن الدار المصرية اللبنانية وترجمها " محمد فؤاد عطاالله " طبعة ثانية عناوين القصص : * أحلام الناي * الشاعر * الممر الصعب * أنباء عجيبة من نجم آخر * حلم مسلسل * أغسطس * زهرة السوسن تشترك كل قصص المجموعة بعناصر مشتركة مثل تصوير الطبيعة بكل تكويناتها ومساحاتها الشاسعة ، والتركيز على الفراغ اللانهائي والزهور بتلاوينها والطيور والحدائق والخيول والغابات يشتغل " هيرمان هسه " بشكل لامتناهي في رسم الطبيعة بفنية خيالية عالية تدنو من الواقع في تعابيرها الحية وكثيراً ما استذكرت ( الأدب الياباني ) الذي يقوم بجميع أجناسه المتعددة على تصوير الطبيعة وتحولاتها المختلفة في رسم فني دقيق في تفاصيله ونسجه الداخلي لقيم جمالية راقية تمثل ذلك في قصة ( أحلام الناي ) و ( الشاعر ) و ( الممر الصعب )وتشترك كذلك شخوص بأحاسيس ( التيه ) وأنها تعيش أحلام وهذه الأحلام تختلط بالواقع والحقيقة بجانب الأسلوب الشاعري الذي يجسد كل هذه المضامين السردية فقد تعددت التقنيات التي أتكأ عليها " هيرمان هسه " في حياكة المشهد القصصي بدءً بتنويع الضمائر ( ضمير المتكلم عبر المونولوج الداخلي ) وضمير الغائب الذي داخل معمار ( القصص ) تتوالى الأحداث بتسلسل حتى لحظة التنوير قصة ( أغسطس ) تمتزج فيها الحكاية بالتصوير والخيال التي تتمدد في أفقه اللغة بدلالاتها الفنية حيث ينثال الحكي متواتراً عن طفل ولد بعد رحيل أبيه تاركاً الأم وحيدة لتتشابك الأحداث بعلاقة الأم بجارها العجوز الذي يتحول إلى الأب الروحي للطفل الذي يشب ويمتاز بجمال رائع وجسم قوي ليتحول بعد تحقق أمنية والدته عند تعميده إلى رجل محطم يحاول الانتحار ويداهمه المرض وتكاد تكون أكثر قصص المجموعة جمالاً في الرصد الشيق للرؤى المزدحمة التي تعتري ( البطل ) وأكثر قوة في صنع وصياغة حدود الشخصية ورسم معالمها وسيكولوجيتها النفسية عبر الحوار فيما بينها أو ( المونولوج ) داخل ذواتها " هيرمان هسه " في ( أحلام الناي ) يحمل القارىء معه إلى جولة حكائية مسقوفة بالشعر وفانتازيا موسيقية تتغلغل بين ثنايا السرد ، وهذا بلاشك يتفق مع بدايات " هيرمان هسه "حيث بدأ مشواره الأدبي شاعراً وكتب أشعاراً رقيقة عن موطنه الأصلي ( ألمانيا ) قبل أن يشرع في كتابة الرواية والقصة . [email protected]