المغتربون عن بلادهم غالبا تجدهم يتابعون بشغف كل أخباره ، يسعدون بالمفرح منها ، ويحزنون على القبيح ، وعندما يعودون إليه قد لايشاهدون التلفاز ،أو يطالعون حتى الصحف، طالما انخرطوا في معايشة تفاصيل تغنيهم عن تلقي الأخبار .. وهاهو خبر صغير أورده من القضارف مراسل " صحيفة الصحافة " عمار الضو بعنوان : " إحباط محاولة تسلل إثيوبيين إلى الخرطوم عبر البطانة" جدير بالتوقف عنده ، وهو يفيد بأن شرطة ولاية القضارف تمكنت من ضبط عربة لوري تحمل ثلاثين إثيوبيا إلى الخرطوم ، وان العربة مغطاة بمشمعات لإخفاء الاثيوبين من الرجال والنساء ،وزاد الخبر بان الاثيوبين تم جلبهم عبر " شبكة" تعمل على نقل الاثيوبين مقابل مبلغ متفق عليه . هذا الخبر الصغير الذي ربما كثير من القراء لم يطلعوا عليه يحمل دلالات كثيرة ، أبرزها بأن السودان أصبح وجهة محببة لسكان دول الجوار ، وان كلف السفر إليه المشاق ودفع الأموال ، طالما سيكون مردود السفر خيرا وبركة.. وربما يقول قائل : ليس هذه الهجرة كون السودان أصبح حلما يراود البعض باعتباران بلادنا أصبحت جاذبة للأحلام والطموحات ، وربما يزيد اخر: ان عاصمة ينقطع عنها التيار الكهربائي في اليوم الواحد عدة مرات ، وتعطش أحيانا لشح المياه في إحيائها ، ليست جديرة بأن تُدفع الأموال وتركب الصعاب بغية بلوغها !! ولكن مهما يقال في ضعف الخدمات الاجتماعية في العاصمة تبقى أفضليتها ،قائمة فهي على الأقل توفر مأوى وعمل للمتسللين إليها ، فهم كما يتسللون إلى المملكة العربية السعودية ، يفعلون الأمر ذاته إلى السودان ، وبطبيعة الحال لن يصادفوا صعوبات كالتي تجابههم في كثير من دول العالم ، فالأجنبي " عندنا" يجد أوضاعا ربما لايحظى بها في بلاده . ولعل مثل هذه الهجرات " السرية" تؤسس لواقع لاتعرف عواقبه ، في مستقبل بلادنا المشغولة بأمر الانتخابات ، وخسائرنا الكروية المدوية ، فالدخول إلى السودان في ظل حدود مفتوحة على عدة دول تعاني مشاكل داخلية ، ربما لايحتاج لترتيبات سرية ، وهو واقع سيشكل مخاطر جمة في المستقبل القريب ، فالعاصمة الخرطوم تئن حاليا من تعدد لغات ولهجات كثير من الجنسيات ،منهم من تسلل إليها " خلسة" ومنهم من أتى على ظهر شركة ، وما أكثر الشركات الباحثة عن الثراء السريع في الخرطوم ، ومن بين الذين استقدموا إلى بلادنا بمكاتبات رسمية وعقود عمل من يرتكب الجرائم في عز الظهر كما هو حال " العمالة البنغلادشية" المنبوذة في منطقة الخليج العربي لسواد سجلها المملؤ بالجرائم !!.. ولكننا لإنزال نتعامل بطيبة و" مسكنة" لم نجن منها غير الضعف والهوان!. .. لانريد ان نفسد مغذى الخبر المفرح " إحباط تسلل إثيوبيين إلى الخرطوم " ، بل نتمنى ان نطالع في مقبل الأيام أنباء من شاكلة : " خليجيون يغزون قرى الجزيرة" ، " القبض على خليجيين لمخالفتهم نظام الإقامة بالبلاد " ، "الخرطوم تتجاهل طلبات مستثمرين أجانب لعدم وجود حجوزات بفنادقها لمدة عام" !. دعونا نحلم بغد زاهر ، في وطن يملك تحقيق المعجزات ان صدقت النيات. مصطفى محكر