هناك صفات مشتركة بين ابى ذر جندب بن جنادة الغفارى الكنانى المولود بالجزيرة العربية والراحل محجوب شريف المولود فى المسلمية فى الجزيرة السودانية . وهى صفات الزهد والصدق و الاستفامة , و لاعجب فما زلنا نردد رأى الرسول مجمد{ص} فى ابى ذر { مااقلت الغبراء, ولااظلت الخضراء اصدق لهجة من ابى ذر } فقد كان ابو ذرصادفا ..فى باطنه وظاهره و عقيدته و لهجته . و حين رأى نذر المخاطر تطرأ على الدولة الاسلامية الناشئة بعد رحيل أمير المؤمنين عمر, شاهد بأن الدنيا بزخرفها الباطل . وغرورها الضارى توشك أن تفتن الذين كان من المؤمل أن ىكون دورهم فى الحياة رفع راية الله . عارض المحسوبية , وصرف الاموال على الافارب , فنفى الى الشام , وحين رأى بأن جاكمها { معاوية} قد ركن الى جياة البذخ, وقف بشموخ يسأله دون خوف أومداراة عن ثروته فبل أن يكون حاكما, و عن ثرونه بعد أن صار حاكما, ووجه نفس السؤال الى العائشين من حوله الذين صحبوا معاوية الى الشام وصار لبعضهم ضباع وقصور....ولانه يصدح بالجق..نفى من دمشق الى صقع من اصقاع الشام, ثم الى المدينة و منها الى الربذة, وبعد رحلة من النضال والمجابهة ,فاضت روحه فى الربذة , و حضر تجهيز الجنازة صدفة جماعة من المؤمنين و على رأسهم{ عبدالله بن مسعود} الذى وقف على جثمانه وعيناه تفيضان بالدمع يقول صدق رسول الله {ص} حين قال عنك يا اباذر تمشى وحدك, و تموت وحدك .و تبعث وحدك. ومات {محجوب شريف} ونعاه الصادقون من ابناء وبنات هذا الشعب الابى, بل كان الاجساس فى الشارع العام الشعور بفقد عزيز , و اذكر فى الرابع عشرة من يوليو عام الفين وستة كنت اكتب سلسلة مفالات تجت عنوان{ الشيوعية وعلاقاتها باليهودية و الصهيونية} فى صحيغة { الجياة السياسية}, وذكرت فى الحلقة الخامسة بأن هناك نماذج مشرقة لشيوعيين أو متعاطفين معهم..منهم الراحل عبد الكريم مرغنى, والذى كنت قد زرته لاجراء مقابلة معه ابان عملى دبلوماسيا بادارة الاعلام والصجافة ووجدته داخل مكتبته بمنزله العامر, و سألته عما اشيع عن زهده واقترابه من التصوف. فبادرنى بالقول بأن الزهد والتصوف هما اقرب صفتين لما ظلوا يدعوون اليه من اشتراكية و عدالة . و من المعروف أن الراحل كان أقرب للفكر الاشتراكى. واشرت الى نموذج ابن العم {محمد صالح ابراهيم} آخر ممثل لاهلى فى حلفاو المحس و السكوت فى بر لمان الديقراطية الثالثة , كان منزله قبلة كل اهل البلد, فحين تذهب الى منزله لاتجد موطىْ قدم فهناك من اتى للعلاج وآخرين اقاماتهم طويلة للدراسة الى الحد الذى جعل ابن العم الاديب ابراهيم محمد ابراهيم للقول أن محمد صالح كان مشروع تنمية لفضله فى تأهيل الكثيرين للعمل فى مجالات مختلفة ايواءا و تشجيعا و ذكرت بأننى سافرت بمعية وفد الى اديس ابابا لجضور اجتماع رسمى, وكان ضمن الوفد الراحل (عابدين اسماعيل) المحامي ,و قد صرفت له كبقية أعضاء الوفد نثريات السفر بالدولار , وبعد العودة أصر الراحل أرجاع أستحقاقاته من النثريات قائلا بأنه لم يحتاج اليها لأن هناك من أستضافه في أديس أبابا , و عابدين كان أقرب الي اليسار السوداني . وفي مجال الأدبيات المكتوبة كتب الراحل ( عبد الخالق محجوب) مقالا في صحيفة الأيام بتاريخ الخامس من أكتوبر عام الف و تسعمائة أربعة و خمسين تحت عنوان ( الشيوعية في السودان لا تحارب الدين الأسلامي ) ردا علي منشورات و خطب معادية . وفي مايمكن أعتبارة بروستريكا سودانية ذكر الراحل محمد أبراهيم نقد في موجهاته لتجديد برنامج الحزب تحت عنوان ( قدسية الدين و دنيوية السياسة ) بانه في اطار تطوير منهج الحزب في احترام الدين و مقدسات فانه يري ضرورة الأقرار أن الدين مكون أساسي من مكونات وعي و وجدان وهوية شعبنا .الدين الأسلامي و الدين المسيحي و المعتقدات المسيحية هي مكان أحترام تام للحزب , و الصراع السياسي و الأجتماعي الذين يخوضه الحزب لا يمس المقدسات. وفي تلك المقالة .. جاء ذكر الراحل محجوب شريف , بأنني قد ألتقيته مرارا كأنسان نبيل , و معلم مجيد , مرتبط وجدانيا بالحزب الشيوعي , ووجدته ينأي عن مجالس الشراب اي شراب الخندريس علي عكس بعض المدعيين الذين لا يكادوا يفيقون من ضربات الخندريس المعتق , و لا تتبين وجوهم عبر دخان سجائرهم , و أمتدت كروشهم وظنوا ان الشيوعية هي الرفض للمألوف . و محجوب حرص علي التواصل مع الأهل و الأصدقاء و المشاركة الفاعلة في منظمات المجتمع المدني بأريحية متنقلا بالمواصلات العامة , لم يقف يوما يسأل عن استحقاقاته المالية من قصائدة المغناه ..وكان الفان محمد وردي يقول بأنه لم يكن يصدق بأن يجد في عالم هذا الزمان أنسانا زاهدا و عفيفا و صادقا مع نفسه و مبادئه مثل محجوب شريف . ومحجوب كما قال في احدي درره يحب الكلمه لو حرة , و يحب السترة ولو مرة و يعافي الشينه ولو درة , ويحب العفة بنت امه , وحليب السترة في فمه ...وتماما كابي ذر الغفاري كان لا يخاف في الحق لومه لائم , والصدق لكليهما جهر و علن , جهر بالحق و تحد للباطل ؟ طبت حيا و ميتا يامحجوب