كان الفكي عبد الحميد وهو رجل أزهري يطوف بقري الجعليين وضواحي مدينة شندي يلقي دروسه علي الناس وكان ينتظر بالمسجد لما بعد صلاة العشاء حتي يعود المزارعون من غيطهم وأحيانا بعد صلاة الفجر(( قبل خروجهم )) إلي الزراعة وكان يحدثهم أن الله خلق الإنسان وكرمه وأمر الملائكة أن تسجد لهذا المخلوق العظيم وأن الملائكة كلهم قد سجدوا إلا إبليس أبي أن يكون مع الساجدين (( وعلي طريقة الفكي عبد الحميد )) أن إبليس رفض السجود لآدم وهو أبو البشر وقال لله أنا لا أسجد له لأني مخلوق من نار وهو قد خلقته من طين ... إبليس أبي ورفض السجود لآدم وعصي أمر الله وكان أحد الجعليين ممن يحضرون الدرس قد رد السؤال علي الشيخ :آالشيخ قلت إبليس دا أبي إسمع كلام رب العزة ذاتو وقالوا ما بسجد لآدم فقال له الشيخ نعم يا جعلي قال ذلك بعضمة لسانو فقال الجعلي : إنبقي إبليس دا عمل كدا و قال الكلام دا لربنا ذاتو علي الطلاق راجلا مكمل الرجالة . ونسمع اليوم عن خمسة ولاة طلب منهم رئيس الجمهورية أن يتقدموا بإستقالاتهم كل لمجلس ولايته التشريعي علي طريقة البروفسير الزبير بشير طه الوالي السابق لولاية الجزيرة (( الذي إرتاح من فتح البلاغات في مواجهة الصحفيين والصحفيات وإقتيادهم إلي نيابة الصحافة بمدينة ود مدني )) ولكن بقية الولاة لم يضعوا قرار الريئس موضع التنفيذ كما فعل الزبير بشير طه فهل هذا من باب الرجالة بأن لا تقوم بتنفيذ ماقرره في حقك ريئس الجمهورية أو وجهك بالقيام به علي سبيل وضع الموجهات السياسية للحزب الحاكم في هذا الخصوص موضع التنفيذ ولا يمكن أن نطلق علي ما حدث غير أنه رفض للقرار وقد صار أمر رفض القرار الرئاسي واضحا وجليا وليس مجرد إحتمال من الإحتمالات وهو حديث الناس في الشارع وفي كل مكان وقد عبر عنه والي سنار أحمد عباس الذي وصف الطريقة التي يتم بها إعفاء الولاة من مواقعهم بأنها أقرب إلي الفوضي في إشارة إلي أن هؤلاء الولاة منتخبون ( بواسطة الجماهير) ولكن مأساة هؤلاء الولاة جلهم أو بعضهم أنهم كانوا ولاة بالتعيين قبل أن يصبحوا منتخبين في الإنتخابات الأخيرة التي فاز فيها بعض الولاة في جاه السيد رئيس الجمهورية حيث قامت الهئية العامة للإنتخابات بهندسة الأمر ولو تركوا لوحدهم لما إنتخبهم الناس بل إن بعض المعارضين كانوا أقرب إلي الفوز بمنصب الوالي من كثير من الولاة الحاليين إن لم يكونوا فازوا بها بالفعل ...وبالعودة قليلا إلي الوراء فإن هؤلاء الولاة جميعا كانوا ضد فكرة إنتخاب الوالي من قبل الجماهير مباشرة عندما إتخذت الحركة الإسلامية والمجلس الوطني قرار إنتخاب الوالي بواسطة الشعب وقام الرئيس عمر البشير بحل المجلس الوطني وإلغاء مواد من دستور 1998م التي تنص علي إنتخاب الوالي وليس إختياره بواسطة مجلس الولاية الذي كان يرشح ثلاثة لمنصب الوالي (يختار رئيس الجمهورية واحدا منهم )وكان ذلك في قراراته المعروفة بقرارات الرابع من رمضان لعام 1999م وعليه فإن الأمر ليس مبدأ من مبادي أحمد عباس والي سنارالمبدئية التي عليها يحي وعليها يلقي الله إن شاء الله كما يقول الإسلاميون في شعاراتهم ولكنالأمر له تفسير واحد وهو التمسك بالسلطة وعدم ترك كراسي الحكم وهذا تؤكده رغبة الولاة الحاليين في الترشح من جديد والفوز في الإنتخابات القادمة علي ذات الطريقة التي تمت في إنتخابات 2010م وليس مهما ماذا قدم هذا الوالي من تنمية وتعمير وخدمات لولايته والدليل علي ذلك أننا لم نسمع بأحد هؤلاء الولاة قد عبر عن زهده في منصب الوالي أو عمل علي خلق كوادر جديدة يمكن أن تقود الولاية من بعده بل إن هؤلاء الولاة قد قضوا علي كل من يعتقدون أنه يمكن أن يكون بديلا لهم في سلم القيادة بالتهميش والتوريط في قضايا ومواقف لاتجعلم بديلا للوالي الحالي إن لم يكونا أسوأ منه . وإذا كان أمر الإستقالة هذا مرتبط بفساد بعض الولاة كما يتردد في بعض وسائل الإعلام فإن القرار الصائب هو أن يتم فتح بلاغات في مواجهة الذين إعتدوا علي المال العام من الولاة أو قاموا بتبديده وفي هذه الحالة يتم رفع الحصانة وتقديمهم للمحاكمة بعد أن يتركوا موقعهم ولاينبغي أن تكون هناك مجاملة أو إستثناء في محاربة الفساد سواءا جاء ذلك من الوالي نفسه (فنحن لا ندري من هو الوالي الذي أفسد شخصيا من الولاة الذين تم توجيههم بتقديم إستقالاتهم ) ولكن من الممكن أن يكون الفساد قد قام به معاونوا الوالي ومن غير علمه كما حدث مع والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر وفي كل الأحوال لابد من المحاسبة المساءلة والإستقالة وحدها لا تكفي في حق بعض الولاة والمحاسبة السياسية في هذه المرحلة ضرورية لإحداث التغيير المنشود علي طريق الحوار الوطني الشامل . ////////