كلام عابر من عمود "اقرأ واسكت في صحيفة "الخرطوم" " الذي يكتبه أخي الأصغر الأستاذ الزبير سعيد الذي اثق في صدقية ما يخطه قلمه ، علمت أن تلميذا في رفاعة قد مات بعد بعد أن قام أحد المعلمين بضربه ضربا أفضى إلى الموت.أن تقع تلك الجريمة أمر سيء وخطير بلا شك، وأن تكون رفاعة مسرحا لهذا الفعل الشنيع ، ورفاعة ارتبطت تاريخيا بالتعليم والتنوير قبل غيرها، أمر يبعث على الحسرة. معلم آخر، ولكن في مصر، ارتكب نفس الجريمة حينما "عاقب" أو اعتدى على أحد تلامذته بالضرب العنيف باليدين والركل بالقدمين حتى فاضت روح الضحية، ولكن المعلم المصري لم يفلت من المحاسبة ونال حكما بالسجن لمدة ست سنوات باعتبار أن القتل غير متعمد. أهل التلميذ استأنفوا الحكم لاعتقادهم أن العقوبة أقل من بشاعة الجريمة... ترى هل ستبلغ واقعة معلم رفاعة القضاء خاصة بعد ما تردد أن أولياء دم الضحية قد عفوا عن المعلم القاتل ؟ هل سيسقط الحق العام؟ اتفق جهاز المغتربين وإدارة القبول في وزارة التعليم العالي على تكوين لجنة مشتركة ودائمة لمعالجة قضايا تعليم ابناء المغتربين واعتماد العمل بالنظام الجديد الذي طبق في العام الماضي باعتماد نسبة 70% من الشهادة التي يتحصل عليها الطالب المغترب و30% من امتحان التحصيل والقدرات ومعاملة الناتج بنظام الرتب ( وهو نظام لم أستطع إستيعابه لكني أعلم أنه مجحف بالطلاب المغتربين من حملة الشهادة العربية). وقرر الاجتماع ارسال وفد لدولة الامارات ل(تعريف) الطلاب وآبائهم بالنظام الجديد. ظل أبناء المغتربين ضحية دائمة لاجتهادات وتحامل المسئولين في وزارة التعليم العالي وكان ابني "عمار" ، وما زال، أحد نماذج ضحايا الشهادة العربية، إذ لم تشفع له نسبته العالية (99%) لدخول كلية الطب في جامعة الخرطوم.لا شك أن الدكتور كرار التهامي ، أمين عام جهاز المغتربين، رجل جدير بالإحترام ويشرف المنصب الذي يشغله ، ويحس ويعيش معاناة المغتربين وأبنائهم أكثر من الآخرين، لكن المسألة تقع خارج نطاق نوايا كرار التهامي الطيبة الصادقة،ولا أتوقع أن تتجاوز المحصلة النهائية للجنة الرحلات السياحية لدولة الإمارات ولغيرها، ثم يلد الجبل فأرا مثل كل مرة وتتواصل المعاناة طالما بقيت تلك النظرة الاستعلائية أسيرة الماضي وسط القائمين على أمر التعليم العالي في بلادنا الذين ما زالوا يتوهمون أن مستوى التعليم في السودان متفوق على غيره من البلدان العربية وأن جيوب المغتربين منتفخة وسخية. كتب لي الأستاذ محمد الشيخ شاكيا من تكرر إغلاق جامعة الفاشر بسبب ما تعاني منه من نقص في الأساتذة والتجهيزات، الأمر الذي أضاع سنوات من عمر ابنه الطالب في تلك الجامعة بالإضافة إلى أن ابنه يضطر للسفر عدة مرات في السنة من الفاشر وإليها بالطائرة التي بلغ سعر المقعد فيها مبلغا خياليا بمقاييس "إياتا" وبأي مقاييس اخرى، مما يشكل ضغطا ماليا كبيرا على موارد الاسرة ويضاعف من معاناتها. ورغم تعاطفي الشخصي مع أخي ود الشيخ ومع ابنه إلا أن جذور القضية تعود لما سمي يومها بالثورة التعليمية التي كان من إفرازاتها عدم الموازنة العلمية بين الكم والكيف، وتمدد الكم على حساب الكيف، وهذا ما يجسده نموذج جامعة الفاشر التي تعتمد في تعليم طلابها إلى حد كبير على الأساتذة "الزائرين" القادمين من الخرطوم الذين لا تملك سبل توطينهم في الفاشر. ومن هنا أعتقد أنها قضية عامة تتجاوز معاناة ود الشيخ وابنه.