[email protected] السياسة السودانية أمرها عجيب ، فهي دائما مليئة بالمتناقضات التي لا تجد لها تفسيرا منطقيا ، و من عجائبها هذه المرة مسألة اعتقال الحبيبة الدكتوره مريم الصادق المهدي ، التي اعتقلت بعد مشاركتها في مراسم توقيع اتفاقية باريس مع الجبهة الثورية ، و لو هضمنا مسألة اعتقالها في البداية باعتبار أن الجبهة الثورية هي العدو الاول للسلطة ، و السلطة تعتبر مجرد الحديث معها رجس من عمل الشيطان واجب اجتنابه ، إلا أن تطورات الاحداث بعد الاعتقال كانت مؤشرا منطقيا لاطلاق سراحها فورا . فقد حملت الانباء بعد الاعتقال أن السلطة تسعي من خلال السيد امبيكي للتوسط لها للاجتماع مع الجبهة الثورية ، بل أن سفر االبروغ غندور للخارج كان سعيا وراء ذلك ، ان صحت الانباء ، ثم كان لقاء السيد محمد عثمان الميرغني ، شريك السلطة في الحكم مع الجبهة الثورية و اعلان ذلك رسميا ، و ترحيب الحكومة مرارا بمشاركة الجبهة في الحوار و تقديم الضمانات لهم ، كل هذه التطورات و الاحداث تجعل من اعتقال الدكتورة حتي الان امرا محيرا ، نفهم أن تحجز لساعات او ايام قليلة لاستكمال بعض التحريات و جمع معلومات تهم الامن القومي ، اما استمرار حبسها فهو الامر العجيب و الغريب ، و لو ان السلطة تعلم – و هي قطعا تعلم – بأن اعتقال الدكتورة لا يعني بالنسبة لها شخصيا شيئا سوي اضافة سطرا جميلا في وثيقة نضالها التي ستعتز بها يوما و هي تسير في طريق السياسة الطويل ، فسجن النساء و كوبر هما البوابتان التي يعبر من خلالهما كافة السياسيين لتقدم الصفوف و تقلد المسئوليات السياسية ، و لا احسب أن هنالك سياسيا معروفا خلا سجله من شرف الاعتقال بسجن كوبر و سجن النساء ، و كما تغني شاعر الشعب ( و دونا لي شالا و عزتنا ما شالا ، انت البلد خيرها و مستقبل اجيالها ) ، و في عرف اهل السياسة ، كلما طال الاعتقال او الحكم بالسجن و لو كان مؤبدا ، كلما كان ذلك وشاحا في صدر السياسي و يحسب قيمة مضافة لسجله النضالي ، و قد علمتنا التجارب أن كلما كان الحكم بالسجن طويلا كلما كان الحصاد مثمرا ، و كل مدد الاحكام تتشابه من العام للمؤبد لانها تتغير و تتعدل وفقا لما يطرأ علي المسرح السياسي من تطورات ايجابية ، و ما اكثرها خصوصا في السودان ، و ما زلنا نذكر لقاء السيدالصادق بالنميري في بورتسودان بعد فترة قصيرة من حركة الشهيد محمد نور سعد فخرج الجميع في يوم واحد ،و الحكم الوحيد الذي يعتبر خارج هذه القاعدة الذهبية هو حكم الاعدام ، لهذا نعتقد دائما بأن تلغي احكام الاعدام في المسائل السياسية ، و انطلاقا من هذا الفهم لاحكام الاعتقال و السجن ، نراهن بأن النظام باعتقاله لدكتوره مريم يمهد لها الطريق لتتبوأ اعلي منصب في حزب الامة ، و هي تستحق ذلك بلا جدال ، و أبشري يا مريومة كما يسميها اهلنا في الخليج . علاء الدين زين العابدين مستشار قانوني شركة سابك