حينما تكتب عن شخصية في حجم الراحل الشيخ الجليل الدكتور حسن عبد الله الترابي ، الزعيم الروحي للإسلاميين ، "إن كانوا في وفاق أو إختلاف " ، ماذا تقول عن رجل ملأ الدنيا ، وشغل الناس ،حتى أضحى أي حديث أو تصريح يقول به ، يكون له ما بعده ، كونه أقوى المجددين الذين لا يكتمون ما يعتمل في صدورهم ، فهو لا يخشى في الحق لومة لائم ، بدليل السهام التي وجهت اليه طوال سنواته الحافلة ، فقد ظل كثير من المناوئين لأفكاره وأطروحاته ، يمارسون "اغتيال " الشخصية الممنهج ، ومع كل سهم يتلقاه ،كان يشتد عوده ، فهو قد جعل من سجنه الممتد فسحة للكتابة ، حيث ألف عدة كتب ستبقى علم نافع يؤجر عليه بحول الله. رحل الشيخ الترابي ، وبقي في كل بيت سوداني رجل أوامرأة أو صبي أو صبية يحملون فكره ، ولاشك أنهم سيمضون بفكر التجديد والخروج من مواطن التكلس الى أفاق لاتحدها حدود ، ونحن حينما نكتب مثل هذا الحديث فاننا لاننتمي بحال لحزب المؤتمر الشعبي"المؤقر" ، فالراحل وحد يمثل حالة خاصة تتجاوز الحزب والجماعة. الأحزان التي عمت السودان وكثير من دول العالم الاسلامي لرحيل العالم الجليل الورع الشيخ حسن الترابي ، وعبرها عنها بجلاء الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية ، وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي لم يتمالك نفسه ولم يستطع حبس الدموع ،وكذلك ما عبره عنه العلامة يوسف القرضاوي وطارق السويدان الذي قال " افتخر كوني تتلمذت على يد الشيخ الترابي ، وغيرهم كثر ، هذه الاحزان ستتحول الى دعوات صالحات للراحل . خسارة رحيل الشيخ الترابي في هذا الوقت الذي أمس مايكون فيه السودان لجهد المخلصين ستكون لها اثارا سلبية مالم ترتفع همة من يقودون الحوار ، وبخاصة الذين يخلفون الترابي في الزعامة ، وعليهم أن يتذكروا أن الرجل كرس جهده ووقته حتى فارق الحياة من أجل غد زاهر ووحدة واستقرار للسودان ، وهو قد كرر انه يريد أن يطمئن على السودان قبل أن يتوفاه الله ، لتكون أمنيته أمانة في عنق جميع الأحباب والمريدين قيادة وقاعدة حتى تتنزل هذه الأماني لواقع يعيشه الناس. وبعيدا عن مالات الحوار الوطني ، تبقى هناك مشكلة كبيرة داخل المؤتمر الشعبي ، فالكاريزما التي ظل يتمتع بها الراحل ، تصعب مهمة خلفه مهما كانت إمكانياته ومقدراته ، فهل يستطيع المؤتمر الشعبي أن يكون على قلب رجل واحد بعد رحيل الشيخ الترابي الذي كان يمثل حالة نادرة من إتقان المواقف واتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب ، فهو رجل يقدر لكل موقف مالاته اللحظية والمستقبلية . لعل عودة د. علي الحاج من المانيا تسهم في تدبير الشأن الداخلي للمؤتمر الشعبي ، في وجود د. الشيخ ابراهيم السنوسي ، خاصة أي تصدع يصيب المؤتمر الشعبي سينعكس سلبا على الأوضاع السياسية في السودان. العجيب أن أعداء الرجل الذين ظلوا يتربصون به في كل مرقد ، حتى مع موته مارسوا أبشع أنواع العداء ، وكل مارس الامر بحسب قامته القصيرة.. ولن يأتي أحد ليقول أن هناك اسلامي فرح بموت من يخالفه الفكر . اللهم نسألك بجلالة قدرك أن ترحم الشيخ حسن الترابي بواسع رحمتك اللهمّ أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنّة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النّار، اللهمّ أنزله منزلاً مباركاً، وأنت خير المنزلين. اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين، والشّهداء، والصّالحين، وحسن أولئك رفيقاً. اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة، ولا تجعله حفرةً من حفر النّار. اللهمّ افسح له في قبره مدّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنّة. وحار التعازي لجميع أفراد اسرته ولكل من يحمل فكره ، ولكل من أعجب بطرحه ، ولك عاشق حرية ، بل لكل أهل السودان . ولانقول الا مايرضي الله انا لله وانا اليه راجعون . مصطفى محكر.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.