خلال زيارة وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف إلى الولاياتالمتحدة في الثاني عشر من شهر مايو الحالي وبعد إجتماعه الأول مع مسئولي الإدارة الأمريكية ظهر الخلاف واضحا بين موسكو وواشنطن بشأن الملف السوري ومصير الرئيس بشار الأسد إذ تتمسك إدارة الرئيس الأمريكي ترامب بقطع رأس النظام السوري وعشرون آخرين من أعوانه , بينما ترى روسيا عدم الإستعجال وإعطاء لجان التحقيق والمحادثات الجارية فرصة للوصول لحلول مرضية , وترى موسكو إن خروج الأسد من الحكم سيؤدي إلى الإنهيار التام وتكرار فوضى العراق وليبيا , وبعد اللقاء الذي تم بين وزير الخارجية الروسي مع الرئيس ترامب ابلغته الإدارة الأمريكية بقرارها الأخير بشأن الملف السوري الذي يتلخص في لاءات ثلاثة هي لا سلام مع الأسد ولا إستقرار مع الأسد ولا إعادة إعمار مع الأسد . لكنها أبدت مرونة في كيفية خروج الأسد وتوقيته . وتركت هذا الأمر لروسيا ووافقت الإدارة الأمريكية على رحيل الأسد إلى موسكو وتعهدت بعدم ملاحقته من المحكمة الجنائية الدولية إذا خرج , هذا ما كان من أمر لاءات إدارة الرئيس الأمريكي ترامب. فهل يتمسك الرئيس ترامب بلاءاته الثلاثة حتى تتحقق أم تتبدل الأحوال وتحرز روسيا نقاط جديدة في مواقع أخرى تجعل الإدارة الأمريكية تتراجع عن لاءاتها , وبخصوص استخدام اللاءات في السياسة نقول إن لاءات كثيرة أخرى سبقت اللاءات الأمريكية في مواضيع أخرى وسوف نستعرض بعضها لنعرف هل صمدت هذه اللاءات حتى حقتت أهدافها أم تلاشت ولم تحقق أي شئ , ودعونا نبدأ بلاءات مؤتمر القمة العربي الذي عقد في العاصمة السودانية الخرطوم عام 1968م بعد نكسة حرب يونيو 1967م بين دول المواجهة العربية مصر والأردن وسوريا وبين إسرائيل , وكان مؤتمراً مشهوداً إذ حضره جميع الرؤساء العرب وتم استقبال الرئيس المصري جمال عبد الناصر أحسن استقبال في العاصمة الخرطوم وعلقت الصحافة الغربية وقالت الشعب السوداني يخرج لاستقبال القائد المهزوم , وشهد هذا المؤتمر المصالحة التاريخية التي تمت بين الرئيس عبد الناصر والملك فيصل ملك السعودية بوساطة من الزعيم الرئيس السوداني الأزهري ووزير خارجيته محمد احمد المحجوب وسميت الخرطوم بعاصمة الصمود , وفي ختام إجتماعات الرؤساء العرب أصدر المؤتمر بيانه الختامي الذي شمل لاءات الرؤساء العرب تجاه إسرائيل وهي لا صلح مع اسرائيل ولا تطبيع مع اسرائيل ولا اعتراف باسرائيل , وإذا استعرضنا هذه اللاءات نجدها لم تصمد ولم تنفذ إذ دخل الرئيس المصري أنور السادات عام 1979م في محادثات مرثونية مع رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن في منتجع كامب ديفيد بأمريكا بوساطة من الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر إنتهت بمعاهدة كامب ديفيد وبموجب هذه الإتفاقية إنهارت لاءات الرؤساء العرب وحدث التطبيع والصلح والإعتراف بإسرائيل , تلى ذلك تطبيع العلاقات بين الأردن وإسرائيل وتم تبادل السفراء . ثم في العاصمة النيروجية أوسلو وفى عام 1993م جرت محادثات بين اسرائيل ووفد فلسطينى برعاية أمريكية في عهد الرئيس كلينتون , وكان يرأس الوفد الفلسطينى محمود عباس أبو مازن وبموجب نتائج هذه المحادثات ولدت حكومة السلطة الفلسطينية التي أصبح محمود عباس فيما بعد رئيساً لها . تلى ذلك فتح مكاتب تجارية ومكاتب إتصال اسرائيلية لم يعلن عنها رسميا في بعض دول الخليج وبعض دول المغرب العربي, واخيرا جاءت المفاجأة من حماس التي تدير قطاع غزة وأعلن خالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي لحماس من العاصمة القطرية الدوحة أعلن قبول حماس بدولة فلسطين على حدود عام 1967م وإعتبر الصراع مع اسرائيل صراع سياسي وليس ديني , واسقطت الوثيقة عبارة تدمير إسرائيل ويقول المراقبون أن وثيقة حماس الأخيرة التى تم الإعلان عنها في بيان خالد مشعل مطابقة لوثيقة منظمة التحرير (فتح) في عام 1988م التي عارضتها حماس وظلت تنتقدها بشدة , وقال أسامة القواسمى المتحدث بأسم فتح إن حماس إحتاجت لثلاثين عام لتخرج بذات مواقف فتح التي كانت حماس ترفضها وقال إن وثيقة حماس مطابقة لوثيقة منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1988م ويجب على حماس الإعتذار , واخيرا وبعد هذا السرد وتوضيح المستجدات نجد أن لاءات مؤتمر قمة الخرطوم تلاشت وأصبحت حكايات من الماضي , وبمناسبة إستخدام اللاءات في السياسة نجد أن السودان لم يكن غائباً وظل بعض المسئولين في الحكومة والأحزاب يطلقون اللاءات في خطبهم , السيد على عثمان محمد طه النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية قال في خطابه الذي القاه في إجتماعات المؤتمر الإسلامي في نوفمبر 2012م بعد تجديد العقوبات الإقتصادية على السودان وبعد قصف مصنع اليرموك للاسلحة في الخرطوم قال في ختام خطابه لا للامم المتحدة ولا لمجلس الأمن ولا للاذلال , أما على مستوى الأحزاب السياسية نجد أن الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل هو أكثر الأحزاب إطلاقا للاءات وقبل بداية اللإنتخابات التي جاءت بعد توقيع إتفاقية السلام مع الحركة الشعبية اطلق السيد حاتم السر القيادي في الحزب والمقرب من مولانا الميرغني اطلق أربعة لاءات قال فيها لا إعتراف بنتائج الإنتخابات ولا اعتراف باي حكومة أو برلمان تقرها الإنتخابات ولا مشاركة للحزب في الحكومة والأجهزة التشريعية ولا مشاركة في الانتخابات التكميلية التى تقرر إعادتها في بعض الدوائر , أما امام مسجد السيد على الميرغني في بحري وبعد أداء صلاة عيد الاضحي في 5/11/2012م قال في خطبته لا لمشاركة الحزب في الحكومة ولا للتدخل الأجنبي ثم لاحقا قال مولانا الميرغني لا مشاركة منفردة للحزب في الحكومة ولا عداء مع المؤتمر الوطني ولا تكتلات ضد اي كيان , والشاهد الأن أن الحزب الاتحادي الأصل شارك بقوة في الحكومة السابقة ويشارك حاليا في الحكومة الجديدة والمفاجأة ان السيد حاتم السر صاحب اللاءات تم تعينه وزيرا للتجارة بجانب اخرين قدمهم راعي الحزب لرئاسة مجلس الوزراء ونشير ايضا ان منصب المساعد الأول لرئيس الجمهورية اصبح حكراً للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل , وبهذا السرد تكون جميع اللاءات التي اطلقت منذ عام 1968م في مؤتمر الخرطوم العربي وحتى بداية شهر مايو الحالي لم تنفذ ودعونا ننتظر لاءات الرئيس الأمريكي ترامب التي أطلقها بخصوص الرئيس بشار الأسد التي قال فيها لا سلام مع الأسد ولا إستقرار مع الأسد ولا إعادة إعمار مع الأسد. الملحق العسكري الأسبق في اثيوبيا عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.