لم يخطر بذهني قط أن يواجه مقالي ليوم الأمس بمثل هذه العاصفة من الإنتقادات والتعليقات التي بلغ بأحدها أن قال لي (تفوووو عليك) !! بالطبع يمكن أن يكون أحدهم هذا واحداً من (كتيبة الردع الأليكتروني) لكن للأسف الشديد لم يقل له أحد من أبنائنا (القراء) إنك أسئت الأدب !! ماذا جاء في المقال : - وصلت الأمور الحياتية والمعائش بالمواطنين إلى (حتة صعبة) وأصبح سواد الشعب السوداني في حالة معاناة . - خرج الشعب إلى الشارع محتجاً بعد أن صارت الحياة لا تحتمل - تمت إجازة الزيادات الأخيرة مما جعل الحياة أكثر إستحالة - المواطنون براء من تهمة التخريب بل كان متعمداً من أجل تشويه صورة الإحتجاجات لتبرير التعامل القمعي معها - على الرغم من سلمية الإحتجاجات بعد التنبه لمن يقومون بدسهم إلا أنها قوبلت بإستخدام مفرط للقوة وإستخدام للرصاص الحي الذي أدي لقتل وجرح الكثيرين من أبناء هذا الوطن . - على الرغم من التوجيه الدائم للنظام من أجل الإصلاح وبسط الحريات ومحاربة الفساد إلا أنه لا يأبه لذلك وكمثال لذلك توجيهات أعلى السلطات التي لم تنفذ بشأن بعض قضايا الفساد - لا يمكن للمواطن تحميله ما هو فوق طاقته جراء هذه القرارات القاسية وهو يري من ينهبون مدخراته يسرحون ويمرحون دون محاسبة أو عقاب؟ - الأمور قد وصلت إلى مرحلة يستحيل معها المضي بذات النهج السابق وإلا لن تتوقف هذه الإحتجاجات - ويجب إعمال صوت العقل بدلاً عن (الكنكشة) وذلك بتبني تحولاً ديمقراطياً سلمياً سريعاً يجنب هذه الأمة الكثير من النوائب والشرور والفتن والمحن وذلك قبل أن تقع (الفأس في الرأس) - المجد والخلود للشهداء الشرفاء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل إنسان هذا الوطن العظيم هذه كانت النقاط التي أثارها المقال الذي وصف كاتبه (بالزبالة) كما وصفه (أحدهم) ولم يقل له أحد من الأبناء (القراء) إنك أسئت الأدب !! الأعزاء الكرام : لم أكن يوما أحيد عن قول الحق بل كنت وسوف أظل مجاهراً به دون خوف أو وجل ولست هنا في موقف أن أزكي نفسي فما أريد تزكية من أحد وما لهذا قد عملنا لكن لقد هالني كيف أن الكثيرين قد تغاضوا عما جاء في مقال يحمل هموم هذا الشعب بل وصوفوه بالهذيل وتم نعت كاتبه بأقذع الألفاظ على الرغم من أنه وعبر سنوات يحمل هموم وآمال وطموحات هذا الشعب . الأعزاء الكرام: لم تكن صدفة عندما قمت بإنشاء هذه الصفحة قبل سنوات في محاولة منى اتنوير الشباب وللإستفادة من خبرات فارق العمر فقد قصدت أن أساهم في تعليم وتنوير جيل تسلم إليه قياده هذه البلاد بعد أن تنتهي أيامنا فيها .. لقد قصدت أن أزرع فيه حب الوطن والوقوف ضد كل من ينتهك حقوقه ويسلب إرادته وينهب ثرواته . وكم كنت سعيداً وأنا أقضي 14 ساعة يومياً أقرأ فيها (كل) الردود والتعليقات وأعقب على ما تحتاج من تعقيب ورد على صفحة يفوق عدد قراءها المائة وخمسين ألفاً وكان من الممكن أن أعيش حياتي الطبيعية معطياً ذلك الوقت لأسرتي ولذاتي لكنني كنت ولا زلت أؤمن أن واجبنا هو تنوير هذا الجيل من فئة الشباب التي تحتاج إلى من يقف إلى جانبها تبصيراً وتعليماً وهداية . لم أحفل كثيراً بتلك التعليقات التي قالت بأن المقال (بارد) ولا يشبه كتاباتي .. ولم أحفل لتلك التعليقات التي قالت بأن كاتب المقال (كوز وعميل) لكنني حزنت كل الحزن وتألمت كل الألم لأولئك الأبناء الصغار الذين ساؤوا الأدب وإستخدموا قواميس الشتم والإساءة لمن كان يعتقد أنه في مثابة أبيهم ومعلمهم .. وهل هنالك ألم أكثر من أن يقول لي أحد الأبناء :تفووووو عليك !! ولعل ما يؤلم أكثر أن أحداً لم يعنفه على هذا السلوك المشين وسوء الأدب البالغ ً ، لا غبار على أن يعطي رأيه مهما كان مخالفاً ولكن أن يسيئ ويسب ويشتم بمثل هذه الصفاقة فهذا شيئ يصيب بالغم والحزن فعلاً لأبناء ندخرهم من أجل التغيير . - لن أقف كثيراً عند عدم معرفة البعض بقراءة اللغة العربية كأولئك الذين فهموا أن المندسين هم بعض المحتجين مع (إنو عربي واضح) أن المندسين قد قامت السلطات بزراعتهم حتى يبدو الأمر تخريباً ، لن أقف في ذلك كثيرا على الرغم من أنه شئ مؤلم يدل على الجهل بالقراءة في جيل نحاول أن نستنهضه لإعمار هذه البلاد . - الأعزاء الكرام : إن من يعتقد أن العبدلله سوف يقوم بتحريض الشباب للخروج في هكذا تظاهرات عشوائية متفرقة ليحصدهم الرصاص لهو عابث يستهين بأرواحهم فما بمثل هذه المظاهرات العشوائية التي تفتقد إلى القيادة والتنسيق يمكن إزاحة هذا النظام ، إن التغيير لا يمكن أن يقوم به شخص واحد أو جهة واحدة بل هو يقع على عاتق الاحزاب التي تريد أن تجدها (مقشرة) لتعتلي سدة الحكم بعد أن نفقد خيرة الشباب ولعل ما نشهده اليوم من (هدوء في الساحة) رغم ما أزهق من أرواح طاهرة ذكية لهو دليل على ذلك . - الأبناء الإعزاء : إن الأمر يحتاج إلى الحكمة والروية والتعقل وليس إلى الإندفاع والتخبط بل يحتاج إلى التنسيق المحكم والتعبئة الشاملة التي نفتقدها والتي في عدم وجودها تصبح مجابهة هذا النظام نوع من الإنتحار ليس إلا وهذا ما لا يجب أن يوصي به أي عاقل حريص على مصلحة شباب هذا البلد . ما كان أهون على العبدلله أن يتبنى شحن الشباب للخروج في تظاهرات ولكن ما أفظع أن يراهم وهم أشلاء وقد تقطعت أوصالهم دون أن يفضى ذلك إلى نتيجة بعد أن تتوقف الإحتجاجات وكأن شيئاً لم يكن (وهذا ما حدث الآن) . - إبنائي الشباب : أقدر لكم إحساسكم العالي من أجل التغيير الذي ننشده جميعاً بعد أن ظل هذا النظام (يحكم على كيفو) ولكن مسئوليتي تجاهكم تجعلني حريصاً على أن لا القي بكم إلى التهلكة دون تبصر أو روية في ظل نظام باطش يعض على الحكم بالنواجذ ، إن المطلوب في هذه المرحلة هو تضافر كل القوى السياسية من أجل التغيير بتنسيق تام لإجبار النظام على التنحي أما التظاهرات المتفرقة هنا وهناك فهي لا تسقط نظاماً بل تزيد من سقوط المزيد من القتلي من الشباب الذي ندخره لإعمار هذا البلد . الأبناء الأعزاء : للاسف الشديد فقد سقطتم في أول إختبار بعد أن تأثرتم بالتعليقات التي دسها أفراد (كتيبة الجداد الأليكتروني) التي يستخدمها النظام في مثل هذه الظروف فكان أن كال البعض منكم مختلف ألفاظ السباب والشتم والتشكيك في موقفنا تجاه ما حدث وكان المفترض أن تكونوا أكثر وعياً وإيماناً راسخاً بإنحيازنا التام للمواطن السوداني ضد الظلم والإنتهاكات وهذا ما ظللنا عليه على الدوام . وأخيراً : هل أحتاج لتوضيح موقف؟ هكذا سألت نفسي .. أبعد كل ما قلت وكتبت زهاء العشرين عاماً فاضحاً للممارسات الخاطئة ومتصدياً لكل أنواع الظلم التي يمارسها النظام ؟.. أبعد ذلك أحتاج لتوضيح !! ولكن دعونا نوضح موقفنا بالوووواضح : - بالواضح : نحن نؤيد إسقاط هذا النظام الفاسد - بالواضح : نحن نستنكر ما تمارسه السلطات من قتل وعنف وتحجيم للمتظاهرين - بالواضح : نحن نرفض سياسات تكميم الأفواه التي تتبعها السلطات تجاه الشعب وكذلك الإعلاميين - بالواضح : نحن نسنكر الإعتقالات التي طالت النشطاء والمواطنين - بالواضح : نحن نؤمن على حق المتظاهرين من أبناء هذا الشعب في التعبير عن أرائهم والمطالبة بحقوقهم بحرية تامة - بالواضح : نحن ندعو لضرورة سرعة إطلاق سراح النشطاء المعتقلين ووقف أعمال العنف والانتهاكات ... والأمر لله من قبل ومن بعد ،،،،،،