نفى القيادي بالحركة الشعبية الدكتور لوكا بيونق خبرا تناقلته بعض صحف الخميس الماضي بخصوص مذكرة رفعتها بعض القيادات في الحركة الشعبية والجيش الشعبي لرئيس حكومة الجنوب الجنرال سلفا كير ميارديت. وقال دكتور بيونق إنه أجرى اتصالات مباشرة بالفريق فاولينو ماتيب، والفريد لادو قوري، وإسماعيل كوني بشأن ما ذكر حول رفعهم مذكرة لسلفا كير لحل حكومة الجنوب. وقال إنهم جميعا نفوا نفياً قاطعاً رفع مذكرة لسلفا كير بهذا الشأن. حتى هنا والكلام لا شبهة فيه. ثم قال الدكتور إن مثل هذه المعلومات غير الصحيحة تؤكد أن هنالك جهات في الشمال ترغب في زعزعة الاستقرار بالجنوب، وأعرب عن أمله في التزام كلي من الشمال بمساعدة الجنوب في الاستقرار. هذا الجزء الثاني من التصريح فيه المأخذ. فالدكتور بيونق ينفي خبرا صحفيا. وهو نفي اعتمد على معلومات استقاها الوزير من مصادرها. لكنه أضاف للنفي شيئا غير مؤكد، وهو الزعم بأن هناك (جهات في الشمال ترغب في زعزعة الاستقرار بالجنوب)، وهو استقراء (ناقص) من الوزير بيونق. الوزير افترض مصدرا واحدا للمعلومات الخاطئة عن المذكرة المرفوعة لسلفا كير واعتبره مصدرا شماليا. لكن المصدر قد يكون جنوبيا أو أي خصم آخر للحركة الشعبية، وما أكثر خصومها. الإجراء الصحيح هو نفي الخبر بعد الإشارة إلى الجهة أو الجهات الصحفية التي نشرته. فالخبر المكذوب في ظاهره يضر بالجهة إلى نشر عنها، وفي هذه الحالة هو الجيش الشعبي. وفي باطنه يضر الجهة التي نشرته. فأي ناقل إعلامي لا يسره أبدا أن يكذب خبر نشره لأن ذلك يطعن في مصداقيته. ورأسمال الصحيفة أو الناقل الإعلامي هو صدقها في الأخبار التي تنشرها. تكذيب خبر الصحيفة زلة. وتكذيبها في أيام متتالية ينزل بسمعتها إلى الحضيض. فإذا تكرر النفي أكثر من ذلك يعدم الصحيفة. إذ من الذي يشتري صحيفة تنشر الأكاذيب. لكن يبدو أن الوزير لا يعرف تلك الفنون الصحفية أو أنه لم يكن مهتما بالخبر ولا بالجهة التي نشرته بل انصب اهتمامه على تشويه سمعة الخصم السياسي للحركة الشعبية، وهو ما أشار إليه ب(جهات في الشمال ترغب في زعزعة الاستقرار بالجنوب). بمثل هذا النوع من السلوك يضيع المنتقد على الحركة الشعبية فرصة أتيحت لها لدق أسفين في مصداقية تلك الصحف متى ما ذكرها بالاسم من خلال تكذيبه لخبرها. هذا جانب. هناك جانب آخر. الصحافة تبحث عن الخبر المثير بينما الجهة السياسية تبحث عن الخبر الذي يضعضع الخصم. وليس بالضرورة أن يتطابق الهدفان. على سبيل المثال أي صحيفة مستقلة في الشمال قد تنشر خبرا (يضايق) حكومة الشمال أو (يبسط) حكومة الجنوب. الشيء المهم بالنسبة للصحيفة أن يكون الخبر مكتمل الأركان وعلى قدر من الإثارة. وبعد .. القفز لموقع الإدانة بلا معطيات مقنعة يضر بالمدين أكثر مما يضر المدان. والقفز للكلام قبل الترتيب الجيد له غالبا ما يقدم تصريحا فجا غير متكامل البنيان. ولذلك حتى (الشتيمة) تحتاج إلى حيثيات جيدة، وربما إلى بلاغة في التعبير لتكون مقنعة. نقلاً عن صحيفة الرائد 3/4/2011