لا ينكر احد بما في ذلك الحكومة السودانية نفسها ان لدارفور قضية وان هذه القضية تستحق الحل والمعالجة ذلك علي الرغم ان قضية دارفور هذه في مبتدئها –ومنتهاها –لا تختلف تماما عن قضايا بقية إقليم السودان المتمثلة في التنمية المتوازنة والاشتراك في السلطة المركزيةبنسبة معقولة ومعالجة قضايا الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومياه .الفارق الوحيد ان بعض أهل دارفور حملوا السلاح وخرجوا علي السلطة غير عابئين بمرتبات ذلك الخروج والتعامل بالسلاح .ومع ذلك فان مأتم بذله من جهود لحل الأزمة كان من الضروري –اذا كنا موضوعيين ومنصفين –ان يشكل جرا لحملة السلاح للعبور نحو شاطئ آخر ،هو شاطئ التفاعل مع الحلول والإسهام في تدعيمها اذا كان حلة السلاح هؤلاء بالفعل جادون في الحل وأجندتهم وطنية محضة لا أجندة خارجية . والآن وبعد مرور ما يقارب العشرة أعوام علي تفاهم الأزمة المتمثل في تشرد أهل الإقليم ووجود بعضهم في معسكرات نازحين والبعض الآخرين في معسكرات لاجئين وسقوط ضحايا وجرحي ،فان الإستراتيجية التي وضعتها الحكومة السودانية لحل الأزمة جذريا كانت ولا تزال جديرة بالاهتمام ،فهي خاطبت كل ملامح الأزمة ومسبباتها بموضوعية وصراحة تامة ومن المؤكد ان الحكومة باعتبارها الأكثر إدراكا لجوهر الأزمة وباعتبارها أيضا حكومة منتخبة تملك الحق في وضع المعالجات اللازمة التي تراها محفزة للحل .فعلي سبيل المثال فان تقسيم الإقليم لخمس ولايات هو خطوة نحو معالجات تتصل بشان تمكين أهل الإقليم من ادراة شئونهم في إطار النظام الفيدرالي –فالإقليم شاسع للغاية وربما يشعر بعض اهل الإقليم أنهم بعيدين عن مراكز الولايات او غير مشاركين او إن السلطة غائبة عنهم وهذه حقيقة لا سبيل لمعالجتها الا بمزيد من منحهم السلطات والصلاحيات عبر إكثار عدد الولايات حتى يتسع ماعون المشاركة وتتقلص المشاكل المحلية خاصة وان الإقليم أيضا تعيش فيه مئات الاثنيات والقبائل وكلها تري انها صاحبة حق في المشاركة في ادراة شئونها .ذات الشئ بالنسبة للاستفتاء فهو حق أصيل لأهل المنطقة ليقرروا موقفا واضحا بشان الإقليم الواحد او الولايات المتعددة لتنتهي هذه الظلامة حملة واحدة . المأساة التي نقصدها بشان ازمة دارفور تكمن في ان حملة السلاح جنحوا بمركب التمرد جنوحا يصل الي حد الجرم الوطني الفادح (الخيانة السياسة العظمي ).فقد ثبت أولا وصول أموال من إسرائيل لحركة عبد الواحد وقد ضبطت السلطات السودانية مؤخرا مبلغ (225)ألف جنيه سوداني قادمة من إسرائيل –عبر صرافة بأم درمان –لتمويل حركة عبد الواحد بالداخل !! هذا المال الإسرائيلي هو بمثابة (ثمن )لشراء أهل دارفور لان إسرائيل ليست منظمة خيرية !الآمر الثاني ثبوت قيام ناشطين من حركة عبد الواحد بأعمال تخريب تستهدف عقائد أطفال قصر بغرض تغيير ديانتهم الإسلامية لديانات أخري وهو أمر (ثابت بالدليل )والجناه في قبضة السلطات السودانية .هذا طبعا بخلاف تحركات ميناوي في كمبالا وتحركات خليل في الجنوب وليبيا وكلها تصب في ان كل واحد من هؤلاء القادة يبيع ذمته الوطنية للأجانب غير عابئ المستقبل وغير مدرك لنتائج ما يفعل وأهل دارفور يعانون الأمرين في إقليمهم .هذه في الواقع هي مأساة دارفور الحقيقية .باعها قادة التمرد بأثمان بخسة لأعداء في الخارج وحملوا علي ظهورهم (فواتير باهظة )لا يعرفون كيف سيكون سدادها !!