تبقى اربعون يوماً للتاريخ المعلن لختام عملية المشورة الشعبية بولاية النيل الازرق وطي ملفها نهائيا اذا لبت طموحات اهل الولاية او لم تفعل ليعاد النظر فيها كرتين حسب القانون ويتم هذا الاجراء عبر رئاسة الجمهورية او مجلس الولايات او محكمة التحكيم الدولية حسب ما تطمح الحركة إلا ان الواقع على الارض يقول ان المسيرة طويلة ولم تستبن خواتمها بعد، على ضوء ما رشح من مجريات الخلافات الناشبة بين طرفي نيفاشا حول تفسير بعض النصوص المهمة والحاسمة في القانون. ومنذ انطلاقة عملية المشورة الشعبية في يناير الماضي احتاجت الى اكثر من تدخل سياسي لشد عضدها، بعد ان حشد كلا الطرفين منتسبيه خلف تفسيره للقانون ، ووصف خبراء القانون (بعدم الوضوح ويعتريه كثير من اللبس ) مما وفر مساحات للجدل بين طرفي الاتفاق. الامر الذى حدا بكثير من مواطني الولاية بالمطالبة بحق تقرير المصير قفزاً على تقويم وتقييم الحزم الاربع المنصوص عليها في قانون المشورة الشعبية. اذا لبت طموح واشواق اهل الولاية او لم تلب، لتتم معالجة ذلك القصور حال الاتفاق عليه وفقاً لتوصيات رئاسة الجمهورية او مجلس الولايات، هذا هو الوضع القانوني بالنسبة للمؤتمر الوطني وجوهر الخلاف هنا مع الحركة الشعبية التي ترى ان عدم الاتفاق حول نتيجة المشورة الشعبية لا ينتهي الاحتكام حوله لمجلس الولايات وان سقفه مفتوح وبلا حدود ويتيح فرصة الى اللجوء الى محكمة التحكيم ب(لاهاي) لاصدار حكم نهائي في مسألة المشورة الشعبية . والى هذه اللحظات لم تتخط عملية المشورة اخذ رأي المواطنين التي حدد لها (116) مركزاً اربعة منها لم يكتمل اخذ الرأى فيها لاسباب مختلفة، وكانت الحركة طالبت بضرورة اكمال اخذ الرأى في تلك المراكز ومن ثم الانتقال الى المرحلة الثانية وهي مرحلة النخب التي لم تنطلق حسب الجدول المنصوص عليه ،بسبب خلاف جذري حول النخب، فالحركة وحسب افادات سيلا مون كنجي مقرر المفوضية البرلمانية للمشورة الشعبية بالنيل الازرق والقيادي بالحركة الشعبية ل (الرأى العام) ان هناك خلافاً جذرياً حول مصطلح النخب، الذي وحسب ورش العمل والدورات التدريبية التي انعقدت للتعريف بعملية المشورة الشعبية يقتصر دور النخب في مناقشة الآراء التي ادلى بها المواطنون وليس الادلاء بآرائهم، باعتبار ان آراءهم ادلوا بها من ضمن المواطنين عبر المراكز،بيد ان عبد الرحمن ابو مدين القيادي بالمؤتمر الوطني بالولاية له رؤية مغايرة لما ذهب اليه سيلا المقرر بالمفوضية، وذكر في حديثه مع (الرأى العام) انه لا يمكن صرف النظر مطلقاً عن أخذ رأي النخب التي نص عليها في القانون وضرورة استصحاب آراء كل الفعاليات السياسية والاتحادات المهنية والنقابات الفئوية وقال ان هناك اتفاقاً مسبقاً على تحديد (400) من النخب لأخذ رأيهم واتفق اسامة الهجا الخبير الاعلامي بالولاية مع ابو مدين فيما ذهب اليه وقال في حديثه مع (الرأى العام) ان اخذ رأى النخب مهم باعتباره رأي خبراء ومتخصصين. ودعا الهجا الطرفين الى تناسي انتمائهم السياسي الضيق والخروج من جلباب الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني الى جلباب الشعب الواسع باعتبارهم ممثلين للشعب والهدف الاول والاخير لكلا الطرفين جنى ثمار المشورة الشعبية في الحزم الاربع واستفادة اهل الولاية منها، واعتبر الهجا ان اي عدم اتفاق بين الطرفين في الولاية يقود مباشرة الى خلاف مع المركز وصراع قد يطول لذا المطلوب في هذه المرحلة تجاوز الخلاف غير المجدي لأنه ليس هناك منتصر او خاسر في مثل هذه الخلافات. والخاسر الاكبر سيكون مواطنو الولاية بسبب عدم اكتمال عملية المشورة التي طرحت لايجاد حل نهائي وتسوية للنزاع السياسي بين المركز والولاية. واعتبر ابو مدين ان الاتفاق الذي وصل اليه الطرفان حول مفهومي الفدرالية والحكم الذاتي لفك الارتباط بينهما واللبس الذي وقع ابان المرحلة الاولى لعملية المشورة خطوة جيدة تقود الى نصف الطريق ادى الى الاتفاق حول ادخال كافة المعلومات وتبويبها وتصنيفها لتحليلها. قانون المشورة الشعبية سكب مداداً كثيراً حول تفسيره اكثر مما سكب على صياغته لحظة التوقيع عليه، فهناك دائما ًتفسيران في خطين متوازيين احدهما تقوله الحركة الشعبية والآخر يدفع به المؤتمر الوطني، ويحتاج فض الاشتباك الى تدخل ارادة سياسية لاخضاع أمر تلبية الاشواق والطموحات الجامحة الى عقال القانون. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 18/5/2011م