لا يتصور أحد حجم التحدي الكبير الذي واجه السودان وقد انفصل الجنوب وأصبح دولة وسارعت سلطات الدولة الجنوبية الوليدة بعد أسبوع واحد من تدشين قيامها في التاسع من يوليو 2011 للإعلان عن طرح عملتها الجديدة. طرح عملة جديدة في جمهورية جنوب السودان بهذه السرعة في ظل وجود كتلة نقدية من العملية السودانية كبيرة الحجم في الجنوب كان تحدياً اقتصادياً ومالياً لا يعرف فداحته ومخاطره سوى خبراء المال والاقتصاد. كان أفضل ما تحسب له البنك المركزي السوداني أنه طبع عملته الجديدة لمواجهة الطرح المقابل للجنوب لعملة جديدة. غير أن المهمة لم تكن سهلة فطريقة استبدال العملة الجديدة والمدى الزمني المحدد لذلك ووضع التدابير للحيلولة دون تدفق الكتلة النقدية المتداولة في الجنوب من العملة المستبدلة، كل هذه كانت تحديات غاية في الصعوبة. مصادر عليمة في البنك المركزي في الخرطوم قالت ل(سودان سفاري) الأسبوع الماضي أن العملة قد نجحت إلى حد كبير بهامش مخاطر قليل جداً وقد لا يذكر . ويفصل المصدر حديثه بان الكمية التي تم طرحها للتداول (محسوبة) وهي مطروحة في مقابل كتلة نقدية في جمهورية السودان هي الأخرى (محسوبة) ووفقاً لعملة الاستبدال الجارية وما تم استلامه فعلياً من جانب البنك المركزي من عملة قديمة مستبدلة وما تم طرحه فان المعادلة تبدو متسقة إلى حد كبير ولعل هذا ما حدا بالبنك المركزي في الخرطوم وبعد ما تأكد وتيقن من ذلك لتحديد سقف زمني ينتهي بانتهاء أغسطس الجاري. ويشير المصدر – بثقة كبيرة – إلى أن تحديد السقف الزمني لعملية الاستبدال لم يكن ممكناً منذ البداية ولكنه وبعد ما جرت العملية لحوالي أسبوعين صار من السهل معرفة ما تم وما هو متوقع أن يتم ولهذا جري تحديد الموعد. مصادر اقتصادية ذات صلة في وزارة المالية السودانية قالت لسودان سفاري من جانبها أن مراقبتها لحجم التداول النقدي وحركة السلع والبضائع والخدمات طوال الفترة المنصرمة مضي عادياً إلى حد كبير. صحيح أن قضية تحويل الرصيد في مجال الاتصالات شكلت مخاوف في وقت من الأوقات ولكن أمكن السيطرة عليها بعدة تدابير ووسائل ورقابة ضابطة. وهكذا يمكن القول أن إدارة العملة – مع الوضع في الاعتبار هامش المخاطرة – كأمر مسلم به في أي عملية استبدال حتى ولو جرت في ظروف عادية تمت بقدر معقول جداً من النجاح وتبقي بعد ذلك ضرورات سد المنافذ التي تهب منها رياح التلاعبات وهي منافذ محدودة خاصة وأن الكتلة النقدية المتداولة في جنوب السودان من العملة السودانية القديمة ليست بعيدة عن الرقابة والمتابعة قدر الإمكان!