لم يكن الجيش السوداني في حاجة مطلقاً للحديث عن الحال الذي وصلت إليه حركة الدكتور خليل، عقب شيوع أنباء – من المؤكد أنها في سياق حرب دعائية مقصودة – عن اعتزام الحركة شن هجمات عبر الولاية الشمالية. فقد قال المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد – الأربعاء الماضية – أن حركة خليل لم تعد لديها القدرة على شن هجمات من أي نوع ناهيك عن مهاجمة مناطق الدبة وولاية نهر النيل بشمال السودان. وقال الصورامي أن الجيش يطارد جيوب من الحركة في مثلث السودان وتشاد وليبيا وانها وصلت درجة ضعف بحيث لم تعد لها وجود يذكر. لقد كان هذا التصريح مجرد تكرار لواقع لم يعد خافياً على أحد، فحركة خليل نزفت الى درجة الموت عقب الانقسام الهائل بكل المقاييس الذي وقع فيها مؤخراً بخروج (شبه كامل) لقياداتها التاريخية المؤثرة الذين تقدمهم محمد بحر الدين وفق البيان الداوي الذي أدان زعيم الحركة وتقاعسه عن عقد مؤتمر عام لتجديد المؤسسات التشريعية والتنفيذية للحركة وعدم شفافيته المالية وقصره للأمور على أقربائه وعائلته. فوفقاً لمتابعات (سودان سفاري) فان حركة خليل في الواقع (ماتت اكلينكياً) سواء لضخامة عدد القيادات الذين انسلخوا منها بكل ما يملكون من تأثير في مفاصلة تاريخية لم تعرف لها الحركة مثيلاً منذ نشأتها، أو لضيق خياراتها بعد فقدانها آخر محطاتها ومنصات انطلاقها في ليبيا وقبلها تشاد. ومن السهل أن يدرك أي مراقب أن د. خليل نفسه، وفضلاً عن أنه ملاحق ومطلوب من قبل السلطات السودانية بما جعل من تحركاته صعبة وشاقة في أنحاء ضيقة من إقليم دارفور، فهو ملاحق ومطلوب أيضاً من قبل الثوار الليبيين، الذين انشغلوا عنه مؤخراً فقط جراء قيامهم بوضع لمساتهم الأخيرة للقضاء النهائي على ما تبقي من نظام القذافي وهي مسألة وقت لا تتعدي الأيام القلائل. د. خليل الآن أصبح ملاحقاً أيضاً من قبل قبائل دارفورية مختلفة جراء عمليات الإعدام والتصفيات التي قام بها مؤخراً لحوالي (18) قيادياً من الحركة، عقد لهم محاكماً ميدانية وقضي عليهم دون وجه حق. رجل بهذا القدر من الأعداء وضيق الخيارات، وصعوبة التحرك من الصعب تماماً أن نتصور أنه قادر على القيام بأي نوع من العمليات صحيح أن الرجل مغامر من الطراز الأول. وصحيح أيضاً أن وضعه المزري الحالي قد يزيد من وتيرة اندفاعه نحو القيام بأي عمل أخرق يتخلص به من حالة اليأس والبؤس الذي يحيط به إحاطة السوار بالمعصم. كل هذا صحيح، ولكن د. خليل لمي عد يملك ولو القدر القليل من القوة الذي يفعل به ما يريد. لقد فقد كل قوته التي تبقت له بعد مغامرة أمر درمان (مايو 2008)، ومغامراته في طرابلس وفقدانه أخيراً للجزء الأكبر من قادته في مفاصلة محمد بحر الدين الأخيرة! الرجل في الواقع يمارس عملاً دعائياً أدعائيا بديلاً عن الحركة والضرب والهرب وهي أمور سوف تتضح أكثر وأكثر مع مرور الأيام!