هذا موسم المعارضة السودانية تهب راكضة إلى ما تظن أنه حلم يتحقق لها وطريق ممهد أمامها لتقبع في كراسي الحكم التي تسعى وراءها منذ أمد وتنكبت كل الفجاج للوصول إليها وعادت بلا خف. انتعشت أوهام المعارضة السودانية بسبب الزيادات في الأسعار المنتظرة والقرارات الاقتصادية المرجوة. ولو أن هذه المعارضة تقوم على مبدأ وفكر وقيم لما قبلت أن تمتطي جوادا ليس لها وأن تسعى لهدف يبين مقدار بؤسها وتنطعها وخلوها من الوطنية والشفافية. سقوط الحكومة بسبب ارتفاع الأسعار يمكن أن يعني الكثير ومن هذا الكثير أن المعارضة السودانية بائسة وفاشلة وانتهازية وأنها أنفقت عمرها وسنواتها تتنقل من فشل إلى فشل ولو أنها كانت تقوم على رأي وفكر وفلسفة ومنهج لأبت إلا أن تسقط الحكومة بفعلها وقوتها لا أن تنال ما تجد على الطريق. وإذ تفشل المعارضة في كل مساعيها لإسقاط النظام فإنها أفشل وأكثر خيبة في ضلالها وهي لا تكاد تدرك أن الشعب السوداني إذا قرر وأراد وسعى وخرج وأسقط الحكومة فإنه لن يفعل هذا لأجل أن تحكم هي وتنصب أحزابها الهزيلة على سدة الحكم في البلاد لن تسقط الحكومة بهذه الإجراءات التي تقوم بها وهي تدرك أهميتها وتدرك الحاجة وتدرك ثقلها. بل الذي سيسقط هو المعارضة السودانية والتي أدمنت السقوط وهي تسعى لتأكل من كل فتات يتساقط لا هي تسقطه و لا هي تحسن تسقطه. لم يفشل الحزب الشيوعي السوداني في حكم السودان فقط بل سقطت المنظومة الشيوعية وهي تقوم على مساحة هائلة من الأرض وعدد كبير من الدول وكان حزبنا الشيوعي يقتات منها في كل شأنه فكره وحتى كوادره التي تتلقى العلم هناك ولا تعود إلا بجهل يبين في عجز سياسي يعقبه عجز أكبر. وانتهى شأن الحزب الأقدر على العمل السياسي بين أحزابنا السودانية إلى أن يقدم قيادة كل تأريخها في سجل جمعيات تعاونية ليحكم به في عالم الانفتاح. وما كانت الأحزاب اليسارية إلا مجموعات تقوم على تأريخها من الطغيان والديكتاتورية والفشل في كل دولة حكمتها من العراق إلى مصر ومن ليبيا وإلى غيرها من دول الحكم اليساري. هذه المعارضة السودانية هي من قدّم أكبر مشروع فشل اقتصادي شهد عليه عتاة الوزراء وأكابرهم في آخر حكومة تولوا شأنها. هذه المعارضة هي من قدّم الوطن فريسة لقرنق والحركة الشعبية أكلت أطرافها وقتلت بنيها وما كان عند الزعماء الذين يتسابقون إلى الجنوب غير غيبة من الوعي طالت والجنوب يلفظهم ويعود إلى ظهورهم في كل حين يسلقها بسوط الاستغلال البشع وهي تنوء بحملها وخزيها الذي يعميها عن الذي يفعل بها. ليس خيار الشعب السوداني أن يسلم مثل هؤلاء البلاد وليس هم من يخرجون بها إلى آفاق الاستقرار. عشنا ظلاما وجوعا ومسغبة أيام حكم هذه المعارضة وأحزابها واليوم نعاني أزمة من يستطيع أن يخرج بها هو من وفر الكهرباء والسدود والسلع والمياه. من يعالج أزمة السودان هم من عايشوا التحديات الجسام في بلد لم يهنأ وهو يواجه خيانة المعارضين وتربصهم. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 18/6/2012م