جدلية التفاوض ونظرية الشكوك ظلت حاضرة في كافة المراحل التي شهدت جولات للتفاوض مابين السودان ودولة الجنوب ممثله في الحركة الشعبية لتحرير السودان،وذلك منذ أن دخلت الحكومة السودانية "حكومة الانقاذ" في مشروعها الحاضري والذي وضعت على رأسه تعزيز السلام في السودان ومع كافة دول الجوار وحينها أقدمت على خطوة لتعزيز هذا السلام بمحاولة وقف نزيف الدم والأرواح بين أبناء الوطن الواحد السودان الكبير قبل الانفصال ،وجلست الحكومة مع المتمردين من الجنوبيين لوقف ذلك النزيف في مسعى منها إلى تحقيق ما عجزت عنه الحكومات السابقة بالسودان،وقد فعلت حكومة الانقاذ ذلك بعد أن قررت أن تدير نقاشا وحواراً طويلاً عبر طاولة التفاوض التي تعتبر الأشهر والأكثر جولة شهدتها جولات التفاوض حول القضايا السودانية مفاوضات "نيفاشا" والتي ولدت من خلالها دولة جنوب السودان من خلال أحد بنود الاتفاقية الهامة" تقرير المصير" وهو ليس قرار إتخذته حكومة الانقاذ كسابقة ولكنه قد تم من قبل الأحزاب السياسية الشمالية السودانية وقتها في التجمع الوطني الديمقراطي. ولكن منذ ذلك الوقت ظلت تلك المفاوضات تواجه نظرية الشكوك من قبل الساسة في إرسال رسالات اللوم والتخذيل على المفاوضين السودانيين باعتبار أنهم هم السبب فى ميلاد دولة الجنوب التى ما أن ولدت من رحم السودان الاب او الام كشرت عن أنيابها وأظهرت العداء الأكبر له ولكون أن الحكومة ظلت ترضخ لضغوط المجتمع الدولي وتقدم الكثير من التنازلات. وإستمرت الانتقادات للمفاوضين السودانيين ،إلا أن حكومة الانقاذ والمؤتمر الوطني الذي قدم هؤلاء المفاوضين ظلت في طور الدفاع والمواجهة المباشرة مع منتقديه من القوى السياسية المعارضة وهي التي ظلت ترسل تلك الاشارات "بالتخذيل" للوفد المفاوض في كل خطوة أو تقدم حدثاً في طاولة التفاوض. وأخيراً خلال جولات أديس أبابا لمناقشة القضايا الخلافية بين السودان ودولة الجنوب والتي آخرها إتفاق النفط،هذا التقدم وجد معارضة من بعض القوى السياسية لكونه تنازل كبير ويعطي فرصة أكبر للتدخل في السودان نتاج لكونه جاء عبر ضغوط.إلا أن المؤتمر الوطني ظل في مرحلة دفاع عن كافة الخطوات التي تحدث في طاولة التفاوض وما نتج عنها. وفي ندوة عن مفاوضات أديس أبابا ومآلاتها نظمها المركز القومي للإنتاج الإعلامي والتي شهدت إنتقادات لاذعة للمؤتمر الوطني وللمفاوضين وللوساطة من قبل بعض القوى السياسية من بينها منبر السلام العادل وكذلك حزب الأمة القومي الذي إنتقد رفض الحكومة للحلول الداخلية للقضايا ورضوخها للحل الخارجي، إلا أن المؤتمر الوطني وعبر ممثله في تلك الندوة إستطاع أن يقدم مرافعة قوية في مواجهة كيل الانتقادات لحزبه ولوفد الحكومة المفاوض. وقال القيادي بالحزب صلاح بريمة وزير الصحة السابق بالشمالية ووزير التربية كذلك الأسبق بجنوب كردفان وأحد أبناء جنوب كردفان إن تلك القوى السياسية ينبغي عليها أن تساند موقف السودان ووفده المفاوض وتشجيعه بدلاً عن "التخذيل" وإرسال الإشارات السالبة بأن الوفد الحكومي قدّم تنازلات وانبطاحات في المفاوضات،مجدداً ثقة الحكومة والحزب في المفاوضين السودانيين والوساطة الإفريقية برئاسة ثامبو أمبيكي،فيما جدد رفض الحزب وقيادات المنطقتين "جبال النوبة والنيل الأزرق" التفاوض مع ما يسمى "قطاع الشمال" وقال إن التفاوض الحالي هو تفاوض بين أبناء المنطقتين بالتمرد. وقال بريمة إن القوى السياسية التي تنتقد التفاوض الحالي مع دولة الجنوب هي التي ساندت الحركة الشعبية لتحرير السودان في حق تقرير المصير بأسمرة وقتها "التجمع الوطني" مشيراً إلى أن المؤتمر الوطني لم يجد حرجاً في ذلك لكون أن هذه الأحزاب هي التي قررت مصير الجنوب،وأضاف بريمة أن الانتقادات التي ظلت ترد من منبر السلام العادل والأمة وغيره من الأحزاب هي من ضمن النظريات والشكوك التي ظلت تعتري كافة جولات التفاوض الخارجية، بحجة أن التنازلات التي تشهدها المفاوضات ليست في مصلحة السودان، وقال بريمة إن الوفد المفاوض هو وفد وطني وغيور على السودان ولم يساوم في قضاياه، وأضاف ينبغي علينا إسناده بدلاً عن التخذيل وإطلاق الإشارات "الانبطاحة"، وأضاف هناك رؤية وشروط وضعها أبناء المنطقتين لوفد التفاوض بأنه لا تفاوض مع ما يسمى "قطاع الشمال"، مشيراً إلى أن أبناء المنطقتين طالبوا بضرورة أن يكون التفاوض على أي متمرد على حده وباسم المنطقة فقط، وكشف عن مطالبه لوفد التفاوض بدعوة الوسيط أمبيكي بضرورة زيارة جنوب كردفان للوقوف على حقيقة الأحوال ولدحض دعاوى عرمان التي ظل يقدمها للوسيط أمبيكي، متوقعاً استمرار نظرية المؤامرة ضد السودان من قبل المجتمع الدولي مؤكداً أن أبواب الحوار والمشاركة مفتوحة لكافة أبناء السودان. وإنتقد بريمة محاولات التضليل بأن هناك ما يسمى بمشروع السودان الجديد تقوم به الحركة الشعبية قطاع الشمال،وقال إن هذه المشروع انتهى بانفصال الجنوب،مشيراً إلى أن مثل تلك الدعاوى قد تؤخر الجميع من الاستمرار في التنمية والتطور والتقدم. وكانت رؤية حزب الأمة القومي هي أن تتخذ الحكومة من الحلول الداخلية من قبل القوى السياسية قدراً أكبر من ما تقدمه الوساطة الافريقية بحجة أن أي حل يخرج عن وفاق القوى الداخلية لم يحدث أي نوع من العملية السلمية والاستقرار للبلاد وبل يفتح الباب لمزيد من الضغوطات على الحكومة لتقديم أكبر تنازلات،وأكد نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق أحمد إسماعيل أن اتفاق النفط الحالي قد تقدم به حزب الأمة منذ فترة وتم رفضه من قبل الحكومة والمؤتمر الوطني لكونه حلاً داخلياً فقط،مشيراً إلى أن المجتمع الدولي لم يتوقف عن تلك الضغوطات لطالما وجد أن هناك تنازلات تقدم مرة تارة أخرى،من قبل حكومة السودان وذلك لتحقيق هدفه في السودان.،مشدداً على أن المخرج الوحيد للسودان من الاستهداف الخارجي والتربص هو توحيد الجبهة الداخلية وإشراك كافة مكونات المجتمع السوداني في الحل. وطرح الفريق صديق كتيباً يحوي مشروعاً وطنياً يحتوي على الحل للقضية السودانية، وقال إن ما يمر به السودان هو نتاج لتباعد الخطوط بين مكونات المجتمع والسياسة، بجانب فشل الساسة في تحقيق وحدة الجبهة الداخلية، وأشار إلى أن كل دول الجوار تتربص بالسودان وتهدف إلى إخراجه من إطاره العربي الإسلامي. وقد وافق منبر السلام العادل حزب الأمة في طرحه في أن السودان يمر بضغوطات دولية بغرض تحقيق أهدافه، الا أن رؤية رئيس الحزب الطيب مصطفى كانت أكثر من ذلك بل هب في توجيه انتقدات حادة للمفاوض السوداني والحكومة في كونها ظلت تقدم العديد من التنازلات لصالح دعاة مشروع السودان الجديد "الحركة الشعبية "بشقيها بالجنوب وقطاع الشمال،وقال الطيب مصطفى إن المفاوضات الحالية باديس أبابا الهدف منها تحقيق المشروع الأمريكي بتحقيق مشروع السودان الجديد،وقال بعد انفصال الجنوب ظلت الحركة الشعببية قطاع الشمال تبشر به مسنودة بالمجتمع الدولي مطالباً بقطع الطريق أمامه بكل الوسائل بما فيه الحوار الداخلي مع الأحزاب الكبيرة المؤثرة بالداخل وقطع الطريق أمام الحركات والجهات التي تناصر القائمين على مشروع السودان الجديد. وصب جام غضبه على الوساطة الافريقية وحركات مناوي وعبد الواحد نور وقال إن هؤلاء من دعاة هذ ا المشروع نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 9/8/2012م