في توقيت متزامن إرتكب الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية مذابح بشعة للغاية في ولاية أعالي النيل أعادت الى الأذهان مذابح رواندا التي جرت في تسعينات القرن المنصرم. وبحسب شهود عيان فإن الجيش الشعبي قام بمساندة مجموعة من قبائل الدينكا بأعالي النيل الذين قاموا بدورهم بتنفيذ المذبحة التي طالت عدداً من قبيلة الشلك. ويضيف الشهود إن المذبحة كانت من البشاعة بحيث بدت على نحو انتقامي متعمّد، توعدت فيه قبائل الدينكا مستقوية بالجيش الشعبي بالمزيد، وتقول مصادر بالجيش الشعبي نفسه، ان الحادثة أثارت قادة وضباط كبار بالجيش الشعبي ينحدرون من قبائل واثنيات أخرى مختلفة، كما أن توقيت الحادثة تزامن مع وصول الموفد الأمريكي الخاص الى السودان سكوت غرايشن وتزامن مع اعلان زعيم الحركة الفريق أول سلفاكير ميارديت عن اتجاه حركته لدعم توجهات المواطنين الجنوبيين نحو الانفصال. وقد نقلت بعض الصحف السودانية وبعض الفضائيات ووكالات الأنباء ومواقع الانترنت مشاهداً بشعة لعمليات القتل التي ارتكبت في منطقة تدعي (فينكانق) بأعالي النيل. وما من شك أن هذه الحادثة ضمن حوادث أخرى سابقة وأكثر دموية وبشاعة من شأنها أن تدفع بالمواطنين الجنوبيين للتراجع عن أي توجهات ربما تكون قد وقرت في نفوسهم بشأن الانفصال، فالجيش الشعبي بتصرفاته وسلوكه غير المنضبط، في ظل حالة التناحر والاقتتال القبلي القائمة الآن في الجنوب يصعب التعايش معه، اذا قدر للجنوب أن ينفصل وتسيطر على السلطة فيه الحركة الشعبية بمفردها، ومن المؤكد أن مواطني الجنوب الذين ربما خادعتهم الحركة الشعبية وأوعزت لهم بأنها سوف تسعى لجعل اقليمهم جنة على الأرض بدأوا يستشعرون خطل هذا الوعد وبدأوا يدركون أنهم موعودون بطغيان وتجبُّر سياسي غير مسبوق اذا ما سلموا أمرهم الى الحركة الشعبية، ولعله من سوء طالع قادة الحركة الذين كشفوا عن نواياهم الانفصالية صراحة على لسان زعيمهم الفريق كير مؤخراً، فإن الحادثة هذه وحدها قلبت الموازين، وبات مواطنو الجنوب أقل حماساً للقبول بحكم ديكتاتوري ملئ بالدماء والفوضى والجوع في الجنوب، وقد زاد سوء طالع الحركة الشعبية سوءاً على سوئه وصول الموفد الأمريكي الخاص والذي عُرف عنه تحلّيه بقدر من الفهم والمرونة جعلته لا يتورع عن ابداء امتعاضه بصورة أو بأخرى مما يجري في الجنوب، والمواقف (غير المشرفة) للحركة الشعبية التي لا هي نجحت في التأسيس لجنوب قوي قادر على إدارة نفسه كدولة مستقلة، ولا نجحت في تسويق نفسها كحاكم محتمل للسودان كله!! ويبقى من المهم ازاء جرائم الجيش الشعبي التي باتت في تصاعد متواصل أن يعاقب مرتكبي هذه الجرائم باعتبارها أكثر بشاعة من جرائم الحرب بل لا تبالغ ان قلنا انها ابادة جماعية تتم في جنوب السودان حيث تسيطر اثنيات بعينها على الأوضاع وتنوي التخلص من إثنيات أخرى!!