أضطر الناخبون السودانيين لحسم وحزم أمرهم تجاه مرشحي القوى السياسية الذين أعطوا أنموذجاً مؤسفاً للغاية عن التذبذب في المواقف والتخوف من الإختيار الشعبي، فقوى جوبا التي ما فتئت ومنذ اسابيع تملأ الدنيا ضجيجاً جعلت الناخبين السودانيين يزهدون تماماً في الوقوف خلفها أو مساندتها، فقد أدخلتهم – على أقل تقدير – في بلبة وإشاعات ومخاوف كانوا في غنى عنها، وقد نسىّ هؤلاء أن الناخب السوداني الذي سارع بالتسجيل للانتخابات بنسبة تفوق ال50% لأول مرة في تاريخه كان يفعل ذلك بحثاً عن استقرار وتداول سلمي للسلطة يجد فيه أمنياته وأحلامه ويختار من بين البرامج السياسية ما يروقه، ولكنهم لم يكونوا بمستوى طموح الناخب السوداني فلا هم وقفوا منذ البداية موقفاً موحداً، قرروا على ضوئه مقارعة خصومهم بشرف ورجولة، ولا هم خرجوا من السباق وهم قانعين بأنهم أقصر قامة من أن يدخلوا حلبة سباق لا يملكون له أدواته اللازمة. فمنذ أشهر والناخب السوداني في حيرة حين يُقال له أن قوى جوبا تود عقد اجتماع لتتخذ قرار حاسم، وتزداد حيرة الناخب حين يسمع عن هذه القوى وهي تلقي باللوم تارة على مفوضية الانتخابات وتارة تطالب بانسحاب مرشح الوطني، وتارة تطالب بالتأجيل، وتهدد بالمقاطعة!! كل هذا كشف عن أن هذه القوى عاجزة عن المنازلة وما طرحته من برامج لم يتعد (اسقاط المؤتمر الوطني)!! هذا هو كل هدفها المنشود. لقد كان في وسع هذه القوى ولا يزال أن تنال ما ترى أنها حقوقاً تستحقها بالوسائل السياسية الذكية اذ ما فائدة السياسي الذي يعجز عن نيل ما يراه حقاً ويريد من خصومه أن يمنحوه حقه؟ وهل من الممكن لسياسي ضعيف وعاجز كل أسلحته هي الشكوى والصياح والصراخ أن يحقق شيئاً للناخبين الذين سيمنحونه ثقتهم؟ ان هذه القوى المعارضة كانت تستحق الاشادة والاحترام اذا حزمت أمرها من أول يوم – قبل نحو من خمس أعوام – حين علمت بأن هنالك إنتخابات لا محالة قادمة تسبق عملية الاستفتاء وخاضت هذه الانتخابات بما هو متاح ومتوفر من مناخ وذلك لأنها لو كانت واثقة من جماهيرها وواثقة من برامجها فإن بإمكانها الفوز ومن ثم إهالة التراب على كل البيئة التي ترى أنها غير صالحة وتستحدث لنا بيئة جديدة. لقد قلنا مراراً أن الركون الى اسلوب (المطالبة) وكأن هذه القوى تجلس في (كافتيريا سياسية) تصفق بيدها أو تضغط على الجرس ليأتي لها (النادل) بما لذ وطاب، اسلوب لا يروق للناخبين السودانيين ولا يمت بصلة الى مقتضيات الرجولة والعرف السوداني ومن الأكرم الآن لهذه القوى أن تعترف للناخبين بأنها غير قادرة على العمل ومن ثم تدعم خصومها على أن تعد نفسها للدورة المقبلة بدلاً من أن تخلق كل هذه البلبلة وتجعل الناخبين بل حتى مؤيدي هذه القوى في حيرة من أمرهم!!