لم يتبق من المهلة التي حددها مجلس السلم والأمن الأفريقي للفرقاء السودانيين (الحكومة وقطاع الشمال) للتوقيع علي اتفاق ينهي الأزمة في المنطقتين سوي أسبوعين فقط، حيث حدد مجلس السلم الثلاثين من أبريل الجاري كموعد نهائي للطرفين.. وبدأ الوسيط الأفريقي "ثابو أمبيكي" يائساً ومحطباً من تلكؤ السودانيين في المفاوضات منذ الجولة الأخيرة، حيث قال عبارات تفيض بالحسرة والأسف لإهدار الطرفين ما يقارب الثلاث سنوات في تفاوض عقيم لم يؤد إلي أي تقدم حتي علي صعيد جدول الأعمال، أي الاتفاق علي القضايا المختلف حولها، مع أن أي مزارع من (هبيلا) أو عامل ورنيش في (الخرطوم) إذا سألته عن القضايا التي أدت ببعض أبناء المنطقتين إلي حمل السلاح لرددها لك جهراً واقترح عليك حلولاً لإنهاء المأساة الإنسانية التي تعيشها المنطقتان، ولا تشهر بها النخب في الخرطوم وجنرالات الحرب في قطاع الشمال. الوسيط "أمبيكي" عبر جهراً عن خيبة أمله في الجولة الماضية، حينما غاب البروفيسور "إبراهيم غندور" رئيس وفد التفاوض عن أديس أبابا، وحضر في اليوم الأخير بعد انسداد دروب التفاوض وفشل الجولة وتأهب المفاوضين للعودة إلي الخرطوم والقاهرة وجوبا وكمبالا، حيث يتوزع منسوبو قطاع الشمال علي العواصم الأفريقية والأوربية.. وآثر الوسيط "أمبيكي" إيفاد موظفين عن مكتبه إلي الخرطوم للتحضير للجولة القادمة!! ولم يزر السودان كما كان يفعل من قبل.. فلماذا آثر أمبيكي الغياب هذه المرة؟؟ وما صحة الأنباء التي تقول إن الوسيط "أمبيكي" وصل العاصمة الكينية نيروبي ومكث عدة أيام في انتظار حصوله علي تأشيرة دخول إلي الخرطوم. وحينما فشل في ذلك بحث بمساعدة "عبدول" للترتيب لجولة المفاوضات القادمة، التي أصبح فشلها أمراً حتمياً وواقعاً، ولن يتحقق سلام في غضون أسبوعين من الآن ولو انعقدت جولة المفاوضات اليوم الاثنين؟! فالقضايا الخلافية العميقة وتبدد الثقة يجعل السلام في المنطقتين يحتاج الي معجزة (تتنزل)من السماء إلي الأرض، فالوسيط "أمبيكي" بات يائساً ومحطباً و(فتر) حماسه الشديد، وانصرف العالم عن قضايا السودان إلي نزاعات أخري في المنطقة، وغطي النزاع في دولة جنوب السودان علي ما يحدث في الشمال، وحتي قادة متمردي قطاع الشمال أكثر اهتماماً بتداعيات الأوضاع في الجنوب عما يحدث في السودان، وانصرفت الولاياتالمتحدةالأمريكية عن القضية السودانية ووضعتها كقضية (ثانوية).. أما الحكومة السودانية فانصرف جهدها إلي قوي المعارضة المدنية، واهتمت بأحزاب الأمة والشعبي والشيوعي وقوي التحالف، ولم تبذل أي جهد حقيقي في التواصل مع حاملي السلاح، مع أن القوي التي تستحق أن تقدم لها التنازلات وتسعي الحكومة للتفاهم معها هي القوي التي تحمل السلاح.. والادعاء بأن المعارضة هي من (يحرك المسلحين أدعاء لا يسنده منطق ولا عقل، والأخرى بالحكومة وحزب المؤتمر الوطني الإقبال علي التفاهم مع القوي التي تحمل السلاح جنباً إلي جنب مع القوي السياسية المعارضة.. وأن لا تتجاهل قضايا المنطقتين وتضعها في مؤخرة الأولويات حتي لا يسود الإحباط واليأس مناطق تشكل عمقاً حقيقياً لما تبقي من السودان، يجب أن نحافظ عليها ونعتبر من دروس انشطار الجنوب!. نقلا عن صحيفة المجهر السياسي 14/4/2014م