بقلم: د. محمد أحمد عبدالهادي رمضان قال صاحبي الإريتري: دخل الإسلام إريتريا منذ هجرة الصحابة رضي الله عنهم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة في عام 614م، ثم أخذ الإسلام ينتشر في مختلف الأقاليم، وكانت إريتريا أول موضع تطأه أقدام الصحابة خارج الجزيرة العربية، أما بعد رجوع الصحابة فلم ينته النزوح من مكة والمدينة، فقد قدم إلى إريتريا بعض الدعاة المسلمين وتزاوجوا مع الإريتريين وتناسلوا وتكاثروا وساهموا في نشر الإسلام، وأقاموا "الخلاوي القرآنية" وقاموا بدور في نشر اللغة العربية والفقه الإسلامي. وبعد ذلك كان انتشار الإسلام بواسطة التجارة ثم العلماء من أهل البلاد، خصوصاً في العهود التي ساد فيها الجهل وعمّت الأمية، فكانوا يقيمون الخلاوي لتحفيظ القرآن وتدريس العلوم الدينية وتعليم الناس مبادئ الإسلام. وبجانب القرآن الكريم كان يتم تعليم اللغة العربية والنحو "ألفية بن مالك" والفقه والحساب، وغير ذلك من العلوم في أمور الدين، في الخلاوي (الكتاتيب) في شرق إريتريا وغربها، وغيرها من المناطق التي يقطنها المسلمون، ثم يشدون الرحال إلى خلاوي شرق السودان ثم خلاوي "الشيخ القرشي"، وشمال السودان والجزيرة في معاهد وخلاوي أم درمان وأم ضوا بان وبربر.. إلخ، وبعد ذلك يسافرون إلى مصر للاستزادة من التعليم في الأزهر الشريف وغيره من مراكز اللغة العربية والدين الإسلامي. المصطلح الشائع استعماله في إريتريا مع أن مصطلح "الخلوة" هو الاسم الغالب إطلاقه على مكان تعليم القرآن في السودان إلا أن كلمة "قرآن" هي الكلمة الشائع استعمالها بين أهالي إريتريا في الإشارة إلى الخلاوي القرآنية، وتسمية الإريتريين الخلوة بهذا الاسم "قرآن" لكونها مكانا لتعليم القرآن قراءة القرآن وحفظه. وينادي الإريتريون شيخ الخلوة ب"سيدنا" و"شيخنا"، و"أبوشيخنا"، إذا ما كان طلاب الخلوة من أبناء الجبرتة، و"أبو" هنا للتعظيم وإذا كانت من تعلم الطلاب امرأة دعوها "شيخايت" وهو عرف درج عليه الآباء والأبناء في مخاطبة شيخ الخلوة احتراماً وتقديراً له؛ لكونه حاملاً لكتاب الله ومعلماً إياه، فهو سيد بتسويد القرآن له، أما الطلبة فيسمونهم "درسة أي الدارسون". يصطحب الأب ابنه إلى القرآن "الخلاوي" وهو يحمل هموم تربيته على القيم الإسلامية، ف"القرآن" في حس الآباء ليس هو محل لتعلم القراءة والكتابة فحسب، وإنما هو فوق ذلك بيئة مناسبة لتشكيل سلوك الأبناء وتوجيههم وجهة حسنة، تحفظ حياتهم من الانزلاق في الانحرافات الأخلاقية... وبالله التوفيق.