بعضهم يعتقد أن الجيش يقصف بالمنجنيق    الرؤية الاستثمارية الاستراتيجية: تحول الاتحاد إلى مؤسسة رياضية اقتصادية متكاملة    نادي الشروق الابيض يحتفل بتوزيع المعدات الرياضية    كلاسيكو ألمانيا يتلون بالأحمر    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    منظمة من أجل السودان تدعم القطاع الصحي بمعدات طبية بقيمة مليون دولار    شاهد بالفيديو.. في لقطة رومانسية خطفت الأضواء.. أحمد العربي يمسك بعروسته لينا يعقوب ويتغزل فيها بمقطع: (يا جميل يا منتهى الإلفة يا ذوق خالي من كلفة)    شاهد بالصورة والفيديو.. مواطن سوداني للبرهان: (إن الله إذا أحب عبداً حبب الخلق فيه رغم عن أنوفهم وأمضي ربنا بحبك ونحنا معاك والشعب كله معاك)    الهجرة الدولية: نزوح 1730 شخصاً من المزروب وأبوقمرة    ريجيكامب… بين الغموض والاختبار الحقيقي!    أسعار الذهب إلى أين؟    الشمالية تدشن قافلة لإعمار الخرطوم    بعد 6 أسابيع.. ديمبلي يخفف أزمة إنريكي    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي "تفضح" الراقص الشعبي "عكرمة" خلال حفل بالقاهرة    مباحث ولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    مباحث ولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي "تفضح" الراقص الشعبي "عكرمة" خلال حفل بالقاهرة    بعد أدائه القسم في «الشيوخ».. ياسر جلال يستعين ب مشهد كوميدي ل «مرجان أحمد مرجان»    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    شاهد بالفيديو.. الزعيم السياسي مصلح نصار عن علاقته القوية برئيس مجلس السيادة: (البرهان زي الدنيا ولا أشك في وطنية حميدتي)    عرض قدمه بوتين لترامب.. "إنهاء حرب أوكرانيا مقابل هذا الطلب"    ميسي يسجل هاتريك ويتوج ب"الحذاء الذهبي"    جواز السفر لم يعد حلما.. أميركيون يتخلون عن جنسيتهم    شاهد بالصور والفيديو.. بعد توقف دام لأكثر من عامين.. مطار الخرطوم يعود رسمياً للعمل ويستقبل أول طائرات ركاب    بالصورة.. الفنانة رؤى محمد نعيم تفاجئ الجميع وتلمح لإعتزال الفن (ربنا يسخر لى أي عمل أو شغل غير الوسط الفنى قولوا آمين)    رحيل ليونيل ميسي فجّر أزمة "ركلات حرة" في برشلونة    فينيسيوس يقتحم قائمة الأغنياء خلف رونالدو وميسي    حكومة الجزيرة تدعم مركز القلب بمدني بمولد كهربائي 550 KV    الوجه المظلم للأدوات الرقمية في العمل    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    القبض على الفنانة عشة الجبل    الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    ولاية الجزيرة تُصدر قرارًا بإيقاف التعاملات النقدية وتفعيل التحصيل والسداد الإلكتروني    هل يصل الذهب إلى 100 ألف دولار؟    محل اتهام!!    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    رحيل علي «كايرو».. نهاية حكاية فنان أثار الجدل وكسب القلوب    "الصمت الرقمي".. ماذا يقول علماء النفس عن التصفح دون تفاعل؟    بنك الخرطوم يعيد تشغيل فرع الكلاكلة: إيذانًا بعودة الحياة الاقتصادية    وفاة صحفي سوداني    لجنة أمن ولاية نهر النيل: القبض على مطلق النار بمستشفى عطبرة والحادثة عرضية    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة تهاجم الناشطة "ماما كوكي": (تسببتي في طلاقي وخربتي بيتي..ما تعمليني موضوع وتلوكيني لبانة وشريف الفحيل دفعتي)    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    حادث مرورى لوفد الشباب والرياضة    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين بين العقل والنقل في إرهاب باريس
نشر في سودان سفاري يوم 18 - 11 - 2015

أسوأ المخاطر التي تترتب على أي نظام، سياسي أو ديني أو اجتماعي أو اقتصادي أو غيره، ألا يجد التزاما من الذين يتراضون أو يتوافقون عليه، عندها سيتآكل ويتهاوى وتختلط التفسيرات والتأويلات والتماس الثغرات، وأكثر تلك الأنظمة تأثرا كارثيا بعوامل الانهيار هي الأنظمة الدينية، لأن فيها مساحة من التفسير يتزاحم حولها كل حافظ نص مبتسر، أو غير قادر على التعاطي الفكري مع مقتضياته.
الإسلام دين سهل ويسير للغاية، وليس بحاجة لتشدد أو غلظة، ذلك يتنافى مع روحه وجوهره »هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق« ولذلك فإن أولئك الذين يصيحون ويعلو صوتهم في المنابر إنما يجعلونه موضعا لخطاب لا يليق أو يتسق مع حقيقته، وبذلك يظل الخطر الذي يمكن أن يفتح الأبواب لريح فاسدة هم الدعاة، وليس من قبل المبالغة أنهم من الخطورة على الدين بأكثر من اللاهين في المراقص والخمارات.
لننظر في الإرهاب الذي طال باريس أخيرا، هل الذين قتلوا وذبحوا وفجروا يحملون رؤية دينية تنطوي على اقتداء بمقتضيات الشرع في احترام الحرمات والنفوس؟ هل فكروا في التوجه بالدعوة بالتي هي أحسن الى المواقع العامة بسلاح الكلمة الحسنة والرقيقة التي تخاطب القلوب والعقول؟ هل فكروا في منح الأبرياء من غير الملة حقوقهم في الاختيار على قاعدة »إنك لن تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء«؟
حين خرجت صحيفة نصفية إيطالية في اليوم التالي لإرهاب باريس بمانشيت »المسلمون الأوباش« فإن الذي منحنا هذه النتيجة والصفة ليسوا هم ولكن أولئك الذين يزعمون أنهم يحملون راية الدين، وهي راية تلوثت بإجرام ثلّة أمعنت في الخطأ، وهو خطأ معقد نسبيا، يحتمل اجتهادات خاطئة وعقول مسلوبة وقلوب تائهة وضالة لطريق الحق الذي لا يمكن أن يمر عبر أرواح الأبرياء ودمائهم وأشلائهم.
حتى حينما أصدرت مجلة فرنسية رسومات هزلية لرسولنا الكريم بما يمكن تفسيره بأنه إساءة وسخرية، فإن رد الفعل بالقتل على من فعلوا ذلك ليس له سنده المنطقي الشرعي، فالرسول الكريم تمت إهانته والإساء اليه من كفار قريش ووصف »وحاشاه« بالكذاب الأشر والأبتر والساحر والمجنون، فهل تعامل صلى الله عليه وسلم برد الفعل وكمن وغدر بمسيئيه؟ الله كفاه المستهزئين ويمتد جوهر المعنى في النص »إنا كفيناك المستهزئين« الى قيام الساعة بما تنتفي معه غزوات هؤلاء الذين يقتلون أبرياء فرنسا وغيرها.
التعامل برد الفعل سلوك غير عقلاني، وإذا برر هؤلاء استهدافهم لأبرياء الغرب والمسلمين ومن ورائهم شيوخ الظلام والحجب بالانتقام لأخوانهم المسلمين في سورية أو العراق أو أفغانستان أو مالي وغيرها، فذلك يتناقض مع سماحة الدين فهل علموا أن من بين هؤلاء الضحايا من كان في طريقه لأن يهتدي؟ وهل يمكن الانتقام لدين كامل بممارسات إجرامية لا يوجد لها سند شرعي حقيقي. وحتى رسولنا الكريم عندما شجّت رباعيته في بدر كان ذلك في غزوة وحالة حرب ولم ينتقم بصورة وحشية مدمرة لما جاء به لهداية العالمين.
من أكثر ما تسبب بألم للرسول الكريم قتل عمه حمزة بصورة متشفية وقبيحة، ولكنه لم يتربص لقاتله وحشي أو أرسل أصحابه في إثره ليشفي غليله وغيظه، وإنما كان أن اهتدى وحشي وأسلم ولكن نفس النبي لم تألفه في حالة بشرية خالصة، ولم يبادر الى رفض إسلامه، وهكذا هناك مساحات راقية ومترفقة بالآخر لا يمكن لبعد الشقّة بيننا وبينها أن يمحوها إلا في نفوس متعطشة للدم وتعيش الوهم.
مشكلة الدين الأساسية في أولئك الدعاة الذين يفتحون منابرهم بالويل والثبور وعظائم الأمور لمن يدينون بالدين وتقوده خطاه الى المساجد ليجدهم يتحدثون عن الجحيم بدل النعيم، والشر بدل الخير، فينسجون صورة ذهنية معتمة في عقول أجيال تخربت رؤيتها وانفصلت عن توجيهات وتعاليم دولة المدينة التي قامت على السماحة والرفق.
أولئك الدعاة يجدون سهولة وراحة في سب أبناء الملة والدعاء عليهم لأنهم في نظرهم ضالون وفاسقون دون أن يبذلوا جهدا في مقاربات يسيرة معهم لتقويمهم، ودون جهد في الانفتاح على آخرين لا يعلمون عن الدين شيئا يهدونهم إن استطاعوا، أمامهم منابر مفتوحة يقذفون من خلالها حمما من الخطب المكررة والمحفوظة لا يمكن أن تنصر دينا أو ترتفع بقيمة إنسان.
لم يفلح الرسول الكريم في هداية عمه أبي طالب ولم يجد استغفاره له »استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم« فماذا كان رد فعل النبي وهو يلح في هداية عمه؟ تركه لمصيره، فهل ترك أولئك الدعاة غيرهم لمصيرهم؟ ثم ما أدراهم بأن ضحاياهم الذين يدعون عليهم أقرب الى الله منهم؟
الدين ليس بحاجة الى نصوص متصلبة وإنما مفتوحة تستكشف قيمه وأخلاقه، فالتدين لازم معنوي من لوازم الذات، ليس ما يمكن رؤيته في لحى مرسلة وأفواه كبيرة تلفظ ما تحفظه دون تدبر، فالله يحاسب بمقتضيات العقل وليس النقل، وقد وردت كلمة العقل في القرآن أكثر من ستمائة مرة تعظيما له، ولكن هؤلاء »على قلوب أقفالها«.
المصدر: السياسة الكويتية 18/11/2015م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.