الآن لم يعد من حق أحد، حركة مسلحة، أو حزب سياسي أو قوى دولية أو جماعات ضغط أن تتحدث بإسم أهل دارفور. جاء الاستفتاء الاداري للإقليم وبغض النظر عن نتائجه ليؤكد على حقيقة جوهرية ومهمة جداً وما ينبغي –بعد اليوم– الاستهانة بها بحال من الأحوال، وهي أن اقليم دارفور يمتلك كامل إرادته وأن أهله وحدهم هم الأدرى بشعابه وأدرى بطبيعة قضاياه ومشاكله. إنتهت والى الأبد بعد عملية الاستفتاء الاداري الذي يجرى فرضيات الوصاية الكاذبة التى كانت تفرضها الجهات المغرضة على اقليم سوداني، كل ذنبه أنه وضع على صدارة أحداث العالمية لكي يخلقوا منه مأساة. لقد قضى الاستفتاء الاداري الذي جري في دارفور على: أولاً، الحاجة غير المبررة لقوات حفظ سلام دولية ظلت ومنذ اكثر من 8 أعوام تصرف الملايين من الدولارات ولا تؤدي أي عمل والاقليم من الأساس لم يكن أبداً في حاجة إليها. ثانياً، الحاجة غير العادلة أبداً لعرض ملف الإقليم على الطاولات الدولية، فليس هناك دليل على استقرار الاقليم أكثر من أن يمارس أهله حقهم في اختيار نوع الحكم الاداري لإقليمهم. ما الذي يجعل المجتمع الدولي مهموماً بإقليم تجري فه ممارسة ديمقراطية ويذهب أهله إلى صناديق الاقتراع؟ ثالثاً، ثبت الآن ان الحركات المسلحة في دارفور، حركات تمثل أشخاصاً فقط ولا تمثل أهل الاقليم. ولأن هناك عبث بإرادة اهل الاقليم، وإدعاء بأن لهم قضية لها خصوصيتها فإن الاستفتاء تكفل بهدم هذا الادعاء ومن ثم لم يعد بالإمكان القول -بعد الآن- إن اهل دارفور يعانون الأمرّين. رابعاً، أي عمل مسلح بعد عملية الاستفتاء والتي هي في جوهرها ترجمة عملية مباشرة لاتفاقية الدوحة يعتبر بمثابة عمل إجرامي موجّه ضد أهل الاقليم قبل ان يكون موجهاً نحو السلطة الحكومية المركزية في السودان، والواقع ان المجتمع الاقليمي والدولي عليه ان ينظر منذ هذه اللحظة إلى الفارق السياسي الجوهري ما بين أهل دارفور -كمواطنين سودانيين- وما بين الحركات المسلحة التى تحمل السلاح، إذ ان هؤلاء المواطنين البسطاء لم يفوِضوا أحداً ليحمل السلاح نيابة عنهم، كما لم يفوضوا أيضاً أي جماعة ضغط أو لوبي أجنبي ليتحدث بإسمهم. وعلى ذلك فإن قضية دارفور تحولت الآن من قضية (رأي عام) دولي وإقليمي تُنقل ملفاتها بين ردهات وقاعات المجتمع الدولي والاقليمي إلى قضية بناء وتنمية وترسيخ للإستقرار، وهذا ما يحتم على القوى الاقليمية والدولية مهما كانت مصالحها أو نواياها ان تدعم هذا الخيار السوداني في التنمية والاستقرار وتقديم الخدمات وإعانة سكان المعسكرات في العودة إلى قراهم فوراً. وإذا لم يتفاعل المجتمع الدولي والاقليمي مع هذه الحقائق الماثلة، فإن الازمة سوف تتحول من مجرد نشاط مسلح ليست لديه رؤى أو آفاق أو أطروحات موضوعية، الى عمل حربي مسلح يطيح بآمال أهل الاقليم بما يترتب عليه: أولاً، تورط القوى الدولية بشكل صريح في زعزعة استقرار وأمن الاقليم. ثانياً، تشجيع الحركات المسلحة المتورطة في صراعات دول الجوار -كمرتزقة- على ممارسة أنشطتها السالبة والمهدرة للأمن و السلم الاقليمي والدولي. ثالثاً، الاستهانة التامة بإرادة أهل الاقليم -أكثر من 4 مليون مواطن- بما يعني أن الاقليم تحول إلى ورقة دولية للمغامرة وممارسة الضغط وليس تعاطفاً مع أهل الاقليم بحال من الأحوال. رابعاً، عبث المجتمع الدولي بالمال العام الدولي بإصراره على إبقاء قوات حفظ السلام (اليوناميد) بغير حاجة، وبعدد هائل وصرف مالي ضخم، في الوقت الذي فيه يحتاج الاقليم حقيقة إلى تنمية وخدمات. وعلى كل فهذه هي إرادة أهل دارفور مهما قيل عنها، إرادة استطاعت ان تضع حاجزاً قوياً بينها وبين حملة السلاح وأن تمارس دورها في ترسيخ أمن واستقرار الاقليم وأن تؤكد للعالم أنها الإرادة الحقيقة لأهل دارفور.