بقلم: اللواء ركن (م) يونس محمود محمد في اجتماعهم بباريس، في الفترة ما بين 18 إلى 21 أبريل عام 2016م أصدر لوردات الحرب، وثعالب السياسة، أو من يسمون أنفسهم (قوى نداء السودان)، أصدروا بياناً يعبر عن توحدهم من جديد في هذا الكيان، الذي يضم جبريل، ومنّي، وعقار، الصادق المهدي، الشيوعيين، وآثروا أن يجعلوه (مغلقا غير قابل للإضافة، نادي خاص بالعضوية) مع وجود إمكانية التنسيق من الخارج، (مناولة من بعيد مع الآخرين)، والمقصود بالأمر واضح أنه (المؤتمر الشعبي) وذلك لكره الصادق المهدي له، لأسبابه الخاصة التي فرضها على اللوردات. البيان أيضاً خرج من ضئضئ الصادق المهدي، من خلال القالب الخيالي الذي صُبّ فيه، فمن غيره يتصور الأحداث بما يهوي هو، وليس واقع الأحداث كما هي؟ ومن غيره يقفز هكذا ويتجاوز عقبة (حكومة) عمرها 26 عاماً، وينفذ مباشرة إلى صياغة الدستور بعيداً عن أي أجهزة (ديمقراطية)، وعن فترة انتقالية عمرها أربع سنوات، ومجلس رئاسي مكون من عشرة أعضاء، مع تحديد الأسس والمبادئ لإدارة الفترة الانتقالية، وتفصيل المهام للحكومة، بما يحقق الأمن، والسلام، والتحول الديمقراطي. أما اللوردات، فتتبدى ملامحهم في فقرة واحدة، هي هاجسهم الذي يؤرقهم (عمليات القوات المسلحة)، ومرحلة ما بعد قوز دنقو، الذي وضع حداً لحركة كانت تسمى العدل والمساواة بقيادة جبريل، وما تمخض عن ذلك من انضمام أكثر من 35 قائداً ميدانيا بمن فيهم المستشار لرئيس الحركة (الفريق بشير) ورئيس أركان العمليات المشهور ب (جبل مون) الذين أشهدوا الملأ في المؤتمر الصحفي الذي عقدوه في فندق كورنيثيا، بأن الحركة فقدت قدرتها على القتال تماماً، ولم تتبق لها أي مقومات للبقاء، فضلاً عن فصول من الفساد، والظلم، والعنصرية، داخل حركة ترفع شعار العدل والمساواة، وعجزت أن تحقق شيئاً من ذلك في داخل صفوفها، وكذلك اللوردان مناوي وعقار، تراجعت قدراتهم أمام ضربات القوات المسلحة، وتضاءلت أمامهم فرص تحقيق أي عمل عسكري ذي قيمة، يرفع أسهم التفاوض ويعلي سُقوف المطالبات كما يأملون. ولذلك أنصب كل همهم في (كيفية لجم خيول متحركات القوات المسلحة)، وقوات الأمن التي تتعبأ لمزيد من بسط السيطرة، ونظافة جيوب العمالة والارتزاق، مع اعتبار المتغير في دولة جنوب السودان، الذي وعد د. رياك مشار بأنه سيوقف دعم حكومة سلفاكير لهذه الحركات، ومنعها من استخدام أراضي دولة جنوب السودان منطلقاً لعملياتها التخريبية. ولكن برغم إعلانهم وقف إطلاق النار من طرف واحد لمدة ستة أشهر، تقديراً للظروف الإنسانية، وتمكين المساعدات الإنسانية من الوصول للمتضررين، وإعلاناً بأنهم مع السلام، وأن الحرب لن تحل المشكلة، إلا أنهم ذيلوا هذا البيان بإيضاحات ربما (لرفع الحرج) وذلك بقول جبريل "إن النظام لو اختار الحرب برضو بلقانا جاهزين!!!"، جاهزين وين يا جبريل بعد قوز دنقو تاني في جاهزية؟! وحتى مناوي كمان يقول "إن الحكومة طرف معروف بالخداع والمؤامرات ولا يلتزم !!!"، لكن للحقيقة يا مناوي من هو المخادع الذي وقع من وراء رئيسه اتفاقية أبوجا، ثم لم يلتزم بها، وخرج للتمرد بعد فشله في أداء مهام الوظيفة؟ إنّ عملية الخداع التي تحاول قوى نداء السودان أن تمررها على الحكومة، حتى توقف عملياتها أن تستكمل أهدافها هي عملية مكشوفة، وأن الحكومة قد أوقفت عملياتها من جانب واحد لمرات عدة، إبداءً لحسن النوايا، وتهيئة لأجواء التفاوض، ولكن (تلاميذ قرنق) تعلموا منه الغدر، فيخترقون الهدنة طمعاً في استغلال غفلة من القوات المسلحة لإحداث اختراق كبير في ميادين القتال، كما كانت نوايا جبريل في استهداف وضرب نيالا بأكثر من 300 عربة مسلحة وقعت كلها بحمد الله تحت أيدي قوات الدعم السريع. كما أنّ البيانات والتصريحات المرفقة مع وثيقة قوى نداء السودان بباريس تفسر بعض غموضها، وتفضح بعض أجندتها, إذ أصدر حزب الأمة (تخصص بيانات) يدعو فيه أهل السودان للتظاهر، والإضراب، وإسقاط الحكومة، والإمساك بها، وتوثيقها بالحبال، وانتظاره حتى يأتي من الخارج ليقوم بواجب الذبح، وابتدار المرحلة الجديدة، التي بالطبع هو سيدها، "من خلال مجلسه المتوسط في طاولة الاجتماع، وكذلك الصورة التذكارية" هو واسطة العقد. إن لوردات الحرب يخطئون تماماً، وهم يضعون رهانهم على حزب الأمة، الذي لن ينكر أن له اتصالات مع هذه الحكومة سابقة وآنية أثناء وجوده في الخارج، وأنه ليس جاداً تماماً في إنفاذ المتفق عليه، وإلا فلهم أن يحصوا عدداً مجمل الاتفاقات، والتجمعات، والعهود، والمواثيق، التي كان الصادق المهدي طرفاً فيها خلال هذه السنوات، ستجدونها كثيرة، بل ومتضاربة، ومع ذلك لم ينفذ منها شيئاً، وكم هي نداءاته، ورجاءاته، ومطالباته، للشعب السوداني عموماً والأنصار (حزبه) خاصة، أن يثوروا على هذا النظام، وأن يعلنوا الإضراب والعصيان المدني، وأن يقاطعوا الانتخابات، واستفتاء دارفور، ولكن لم يجبه أحد من كل هؤلاء طوال هذه الفترة، التي عارض فيها من الداخل ثم خرج، ثم عاد، ثم خرج، ثم عاد، ثم خروجه هذا، ألا يثير كل هذا تساؤلات اللوردات!! الاحتمالان.. إما لأنه لم أحد يسمع إليه أو يثق فيه. والثاني: إنه يخاطب أقواماً آخرين في ظنه الماضي وحكايات (إشارة السيد) غير مبال بالمتغيرات التي طرأت على وعي الناس خلال هذه العقود، وانتشار التعليم، والجامعات التي يزايد فيها بدم طالب قُتل أثناء نزاعات طلاب حركات دارفور العنصرية، وقطاع الشمال الشيوعى، بعيداً عن أعين الأمن وتدخلاته، يريد أن يزايد بدم طالب، ويستغله، لإهراق مزيد من الدماء حتى تسقط الحكومة، ويتلقف ثمراتها وهو يتنقل بين الفنادق والمطاعم في القاهرة، واسطنبول، وباريس. أما لوردات الحرب، فإنهم هناك لتسوية أوضاعهم المالية، والتربيت على ممتلكاتهم، وضِياعهم، وأرصدتهم، فمالهم والموت جوعاً، أو بالرصاص، أو بالمرض، ما دامت (أسرهم) بعيدة عن حسيس الحرب وويلاتها. أليس ذلك كذلك حضرات اللوردات؟ أما عمليات القوات المسلحة، فمنتهاها أهدافها المرصودة إن شاء الله. والحكومة ليست (جُباً) يخدعه هؤلاء الأجباب.