سياج من السرية التامة خيم على اجتماعات (الشريكين) بضاحية 0مكلي) الاثيوبية حول ترتيبات عملية اجراء الاستفتاء لجنوب السودان كآخر استحقاقات عملية السلام، وعلى مدى يومين من الاجتماعات المغلقة، عاد الوفدان دون الادلاء بأي تفاصيل حول النتائج.. اللقاء الذي جاء في اعقاب الجلسة الاخيرة لمجلس الامن الدولي التي ناقش فيها الاوضاع في السودان، مما حتم تحديد حوار بين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) باعتبارهما الحزبان المسؤولان عن تنفيذ الاستفتاء.. الداعم والمنظم للحوار هو الاتحاد الافريقي الذي يهدف بحسب مراقبين الى تثبيت ميثاق منظمة الوحدة الافريقية الداعي للحفاظ على حدود الدول الافريقية كا ورثت من الاستعمار، وتجنيب القارة توترات جديدة في المنطقة حال اختار الجنوب الانفصال وانتقال تلك العدوى الى دول الجوار السوداني، اضافة الى بروز دول جديدة في منطقة البحيرات العظمى ربما لم تكن المنطقة مهيأة لاستقبال ميلاد تلك الدول من واقع الازمات التي تعاني منها تلك المنطقة (اقتصادية وسياسية) كما ان اللقاء جاء في اعقاب اتهامات متبادلة بين الطرفين في اعقاب رفض المؤتمر لما سماه محاولات الحركة الترويج لانفصال جنوب البلاد، ووصف تصريحات امينها العام باقان اموم في هذا الخصوص بأنها مخالفة لاتفاق السلام لا سيما وان الرجل وصل العاصمة الاثيوبية اديس مباشرة من جولة امريكية حصل فيها عن دعم من مراكز اتخاذ القرار بالموافقة على نتائج الاستفتاء. رغم الصمت الذي لاذ فيه الوفدين بقيادة د. نافع وباقان أموم ورفضهما التصريحات، حول ماهية مخرجات الاجتماع، الا انه وفقاً لواقع القضايا التي تبدو معروفة فإن الموضوعات المطروحة على مائدة البحث كثيرة ومعقدة، وبحسب متابعين إن الطرفين ربما ناقشا في اللقاء 12 ملفاً تمثل جملة القضايا العالقة بين شريكي الحكم والمضمنة في اتفاقية السلام الشامل، ابرز تلك القضايا هي (النقاط المثيرة للجدل رغم تولي الحركة وزارة النفط المستحدثة من الطاقة، اضافة الى المياه والجنسية والعمل والديون وتقسيم الحدود بين الشمال والجنوب وحدود منطقة ابيي والاستفتاء ) كما تشتمل ايضا على قضايا حساسة اخرى تتعلق بأوضاع مئات الآلاف من الجنوبيين في الشمال والديون الخارجية وارث الدولة الحالية اذا ما حدث انفصال جنوب السودان، وهنا يقول المحلل السياسي والخبير في القانون الدولي د. صالح محمود أن المواضيع المتوقعة عموماً ستركز على الاستفتاء بان يكون في مواعيده، ويضيف) في تقديري اذا كانت نتائج الاستفتاء لصالح الوحدة لا توجد مشكلة، لكن التعقيدات تنشأ حال كانت النتيجة انفصالا يضاف الى ذلك قضايا ترسيم الحدود والتدخلات بين القبائل والديون الخارجية ونصيب الجنوبيين بالاضافة الى القضايا الامنية الاخرى. غير ان مراقبين آخرين يذهبون الى القول بأنه رغم وضوح القضايا المشتركة التي ربما كانت محل خلاف مستقبلا الا ان التعقيد المتوقع يتمثل في تباين وجهات نظر الجانبين، فالمؤتمر الوطني ما زال يعول على بقاء السودان موحداً ويواصل عبر الحكومة الحالية خلال الاشهر الخمسة القادمة العم لعلى جعل خيار الوحدة جاذباً ويرفض الاتهامات التي تقول انه يسعى لعرقلة الاستفتاءن وفي الجانب الاخر يرى قادة بارزون في الحركة الشعبية أن الانفصال قادم لا محالة بعد فشل شمال السودان في التهيئة لوحدة جاذبة مع جنوبه، واعدوا لهذا الامر من خلال جهات خارجية، وهؤلاء هم الذين يتهمون المؤتمر الوطني باجيج الصراعات القبلية بين كونات جنوب السودان لعرقلة الاستفتاء المرتقب.. لكن د. صالح محمود يقول : (في رأيي الشخصي ان الشريكين مسؤولان عن أي نتيجة تتعلق بالانفصال، وهنا لا يتحمل المؤتمر الوطني وحده وزر المسؤولية حسبما درج الناس الحديث عن ذلك، وانما الحركة الشعبية ايضاً لها النصيب الاكبر من المسؤولية، لأنهما ضيعا خمس سنوات في التشاكس وقفلا الباب أمام القوى السياسية الاخرى التي يمكن أن يكون لها رأي ايجابي، وبحسب صالح إن الوقت المتبقي ليس كافيا بكل المعايير لجعل الوحدة جاذبة. ووفقا للمراقب ان اللقاء عبارة عن امتداد للقاءات عديدة درج الشريكان عقدهما خارج السودان مثلما حدث في المفاوضات الخاصة بالبحث عن سلام، فعقب لقاء التأم بينهما في القاهرة بحثا فيه القضايا الخلافية وهو يعتبر الجولة الاولى من سلسلة لقاءات تعقد هناك سحب مسؤولين مصريين من المتوقع اعلانها عقب تشكيل الحكومة، كانت العاصمة الامريكيةواشنطن تحتضن اجتماعا في يونيو 2009م وصفه الكثيرون بأنه محاولة امريكية لتجميع خيوط اللعبة بين الطرفين والبحث عن دور أكبر في المرحلة المقبلة، وقال حينها رئيس وفد المؤتمر الوطني د. مصطفى عثمان اسماعيل ان الخرطوم ترى تغيراً أمريكياً تجاهها بحذر، وإن هذا التغير لم يترجم بعد الى خطة عمل وأفعال). نقلاً عن صحيفة الأخبار السودانية 27/6/2010م