كل التحركات التي قام بها الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم والاعترافات المسبقة المبكرة التي حصل عليها في واشنطن وأوروبا وداخل أروقة الأممالمتحدة في نيويورك، والوعود التي بذلها وتلك التي بذلت له، والحراك المطول الذي امتد لحوالي الاسبوعين واثار ضجيجاً داخلياً واقليمياً ودولياً قالت الحركة الشعبية – ببساطة وبراءة شديدة – أنه (تصرف شخصي) من أمين عام الحركة وليس (عملاً سياسياً رسمياً) كلفته به الحركة. واذا قبلنا (تبرير الحركة هذا) وسايرناه، فمعنى هذا أن أمين عام الحركة من القوة والمنعة، بحيث يسافر كل هذا المشوار الطويل ويلتقي قادة ووزراء ومسؤولين كبار في أنحاء العالم (بصفته الشخصية) على طريقة لويس السادس عشر الذي قال مقولته الشهيرة أنا الدولة والدولة أنا، والآن أمين عام الحركة يقول لنا (أنا الحركة والحركة أنا)!! كما أننا لو سايرنا هذا التفسير المضحك والذي أورده قيادي بارز بالحركة هو العضو البرلماني (جاكوب دوانق) في حديث اذاعي له الجمعة الماضية فإن معنى ذلك أن الحركة ليس لديها قواعد تنظيمية ولا كوابح سياسية لقادتها بما في ذلك أمينها العام والذي بدلاً من أن يكون هو المعبر عن سياساتها (بدقة) ومن ثم هو (الأمين) على سلوكها السياسي ومواقفها اتخذ لنفسه حرية كاملة في التحدث باسم الحركة والتواجد داخل مقاعد الأممالمتحدة (في مقاعد الصحفيين) مع أنه ليس صحفياً!! ولو صح ما قاله جاكوب فإن الحركة (ان كانت تحترم نفسها) فإن عليها أن تحاسب أمينها العام على (تصرفات شخصية) محسوبة على الحركة، فقد فعلت من قبل ما هو أسوأ حين قررت فصل كل من تيلارا دينق ووزير الدولة الأسبق بوزارة الداخلية اليو أجانق لمجرد تحدثهما في أمور اعتبرتها خاصة ولا يجوز التصريح بشأنها بما يشبه ما قام به أموم الآن وهو قام باسوأ ما يمكن أن يقوم به قيادي بالحركة بدعوته الصريحة للانفصال بما يخالف المادة (7) من قانون الاستفتاء التي تحظر طرفي الاتفاق من الدعوة للانفصال. ان الأمر هنا إما أنه خطأ عالجه القيادي جاكوب بخطأ أكثر فداحة بادعائه أن (أموم يمثل نفسه فقط)!! أو أن الأمر (لعبة تقاسم أدوار وتمثيلية ساذجة). وفي الحالتين فإن مثل هذه التصرفات لا يمكن اعتبارها تصرفات مسؤولة، ولعل أبلغ درس وأكبر رسالة تسلمها أموم في جوبا بعد تحركاته هذه هو حضور نائب الرئيس علي عثمان والوفد الكبير الذي جاء بصحبته وشروعه في تنفيذ المشروعات الحيوية الداعمة للوحدة والتي (خرس) معها لسان أموم ولم يستطع – عقب اللقاء الكبير – الإدلاء بتصريحات – من أي شاكلة – للصحفيين والاعلاميين واكتفى بالصمت، فقد كان واضحاً أن الرجل الذي عرف عنه الاندفاع، والعجلة قد اصطدم بصخرة الشركاء في المؤتمر الوطني الذين فضلوا الأفعال على الأقوال، ويبدو أن أموم ولأشهر مقبلة لن يجد ما يقوله، واذا وجد، فإنه لن يجد صدى وقبولاً لما يقوله!!