هل بالفعل هنالك أمل كبير في وحدة السودان وان سحب وغيمات الانفصال الحالكة السواد بدأت تنقشع عن سماء هذا البلد المتجة نحو أخطر منعطف في تاريخه في يناير المقبل من العام 2011؟! الاجابة وان كانت قبل سنوات واشهر بل واسابيع صعبة بعد ما تبين أن للحركة الشعبية توجهات انفصالية شرعت فيها علناً الا أنها وعقب اللقاءات المشتركة العديدة التي جرت بين الشريكين الوطني والحركة واخرها في العاصمة المصرية القاهرة قبل اسبوع باتت اقرب الي السهولة فقد قال الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني الذي ترأس وفد الوطني الي ورشة القاهرة أن الامل في الوحدة بات كبيراً . ومن المؤكد أن د. نافع قال ما قاله من (تفاعلت مؤخراً في اذهان القادة الجنوبيين لم يكونوا يلقون لها بالاً قبل أسابيع جعلت موقفهم يبدأ بالتغيير باتجاه الوحدة. وبالطبع لسنا بصدد الغوص في هذه المعطيات والبحث في أذهان قادة الجنوب السوداني ولكن من المفروغ منه لكل متابع لطريقة تفكير الحركة الشعبية وممارستها السياسية أن الحركة تبدأ من (أعلي سقف) ثم تبدأ بالتدحرج والتراجع والنزول حتي تصل الي السفح!! هذه امور تشهد عليها مواقفا عديدة ليس اقلها مواقفها السابقة قبل نحو من عامين عند خروجها من المحكمة المركزية- لأسباب واهية بكل المقاييس – ثم عودتها بنتائج عادية لا جديد فيها. ثم تكرارها لذات الموقف حين قاطعت البرلمان ثم عادت لترضي بما رفضته. هذين نموذجين فقط يكفيان لقياس تيرمومتر الحركة السياسي فهي تأخذ الامور بأقصي حرارتها ثم تبدأ في افقادها الحرارة حتي تتلاشي وقد لاحظنا أن لهجة قيادة الحركة قد بدأت الان في التراجع فقد قالت ان ترسيم الحدود ليس مهماً الفراغ منه قبل اجراء الاستفتاء ثم عاد أمينها العام الاكثر اثارة للجدل باقان اموم ليقول بعد ورشة القاهرة ان الترسيم سيتم قبل الاستفتاء . كما كان صوت الوحدة غائباً تماماً في ألسن قادتها ولكن عادت نغمى الوحدة الان لتحتل المكان الابرز سواء علي لسان أيتم قرنق القيادي البارز ونائب رئيس البرلمان أو علي لسان وزير اعلام حكومة الجنوب أو علي لسان د. لوكا بيونق الذي تطرق قبل ايام وتحدث عن الاستفتاء حديثاً غير موفق. ان سر هذا التراجع هو نفسه سر الاندفاع منذ البداية فالرؤية الثاقبة غائبة والتكتيك هو سيد الموقف . بل يمكن القول أن أسباب تفضيل الحركة للانفصال تبدو معدومة تماماً وأقصي ما يقوله بعض قادتها في هذا الصدد هو أن الشمال لم يعمل علي جعل الوحدة جاذبة أو أن الشمال لم يتخل عن تشريعاته الاسلامية!! ولاشئ غير ذلك لهذا كان من الطبيعي أن تفرض حقائق الواقع نفسها فالحركة غفلت عن دورها القومي بارادتها وغفلت عن قطاع شمالها واستهانت به وتغافلت عن استحالة اقامة دولة جنوبية لا تملك اسباب البقاء والاستمرار حيث لا موارد حقيقية ولا داعمين دوليين جادين ولا حتي منظومة تنفيذية أمنية مبرأة من الفساد تكون أمينة علي اموال الدولة . ان هذه العودة (غير الطوعية) ليست سوي نتاج لعدم قراءة الواقع قراءة صحيحة وسوف تكشف الايام المقبلة الكثير مما سوف يدهش الكثيرين!!