رداً على مطالبة الحكومة السودانية لبعثة اليوناميد بتسليم المشتبه بهم فى أحداث معسكر كلمة للنازحين بولاية جنوب دارفور و هم ستة، خمس شيوخ وأمراة لمخالفتهم القانون السوداني - وفقاً لما ارتكبوه بالمعسكر- قالت البعثة ، انها (و مع تقديرها) للأجهزة العدلية فى السودان إلاّ انها لا تستطيع تسليم المتهمين للسلطات السودانية الا بضمانات) ! لأن مهمتها الاساسية هى حماية المدنيين ! و إمعاناً من البعثة فى التغول على سيادة الدولة قالت ان من (الضروري) ان يمر الطلب الموجه من السلطات السودانية عبر الامين العام للمنظمة الدولية بان كي مون ليقرر الأخير ما اذا كان من الصواب تسليم المشتبه بهم للسلطات السودانية أم لا و فى حالة موافقته ما الذي يتعين على الحكومة السودانية القيام به (ليطمئن قلب الاممالمتحدة) ! و كما هو واضح فان الاممالمتحدة (شطحت) دون أدني شك فى تعاملها مع هذه القضية و من المؤكد انها (سياسياً و قانونياً) تجاوزت نطاق تفويضها ، فاليوناميد ،و مهما كانت طبيعة مهمتها فى اقليم دارفور فهي ليس بحال من الأحوال (جهة قضائية سودانية) كما لم يتم النص فى بنود اتفاق عملها فى الاقليم على ان يكون عملها فيه قدر من اعمال السيادة او مشاركة الاجهزة العدلية فى اختصاصها . وأياً كان الموقف الذى سوف تتخذه الحكومة السودانية حيال الامر ، فان من المستحيل تماماً ان ترضي بكتابة طلب للأمين العام ثم تنتظر موافقته ثم تستجيب لتوجيهاته ! اذا حدث ذلك ، وحتى لو فى اطار تراضي بين الطرفين فان مهمة اليوناميد تكون داخلت موحلة جديدة كلية لم تكن قد دخلتها من قبل و هي مرحلة أخذ سلطان السيادة السودانية و انتزاعه من يد الحكومة السودانية و وضعه فى يدها ، و هذا بالضرورة معناه ان السودان بات (تحت وصاية دولية) و هو ذات ما كان يشكل أساساً لفرض السودان وجود قوات دولية فى أراضيه . ان اليوناميد – حتى لو صرفنا النظر عن طبيعة تفوضيها – ليست مخولة باحتجاز مواطنين سودانيين سواء ارتكبوا جريمة او لم يرتكبوها ، ولو كانت هذه القوات بالفعل معنية بحماية المدنيين ، فأين كانت حين عاثت قوات عبد الواحد و الاشخاص المحتجزين فساداً فى معسكر كلمة ؟ و لماذا لم تحل بينهم و بين ارتكابهم لجريمتهم المروعة ؟و يا تري ما هى طبيعة المصلحة التى تكمن وراء كفالة حماية المشتبه بهم من حق السلطات السودانية المختصة التحقيق معهم و معاقبتهم؟ إن الأمر على هذه الشاكلة يبدو بمثابة انتهاك صريح للسيادة الوطنية و قد حفلت سجلات السلطات السودانية على مدي الثلاث سنوات الماضية بالعديد من حالات الانتهاكات و الخروقات من جانب اليوناميد ولكنها لم تشأ مطلقاً ان تتخذ حيالها اجرءً مع ان القانون يمنحها هذا الحق .و ما من شك ان الازمة فى طرقها للتفاقم بهذه المثابة و ليس من المستبعد ان يتسبب هذا الوضع فى إشعال ازمة تهدد بقاء اليوناميد فى الاقليم ، او تجعل من تحركاتها مربوطة و مقيدة بقرارات حكومية سودانية.