القلق الذي أبداه (يورج شاربنتيه) مسئول العمليات الانسانية في السودان جراء ما وصفه طرد (5) مسئولين عن منظمات عاملة في دارفور بواسطة الحكومة السودانية يمكن القول انه قلق (في غير محله), فبعيداً عن أي دفاع عن موقف السلطات السودانية وهي تتخذ قرار الطرد وبعيدا عن أيه ملابسات رغم انها ملابسات وثيقة الصلة بأمن الاقليم وسيادة الدولة فان الطرد لم يشمل منظمات وانما شمل مسئولين عن منظمات. والفرق شاسع للغاية بين الاثنين ذلك علي الرغم من أن الحكومة السودانية سبق لها أن قررت طرد (13) منظمة دولية من دارفوي قبل ما يجاوز العام دون ان يلحق أي أذي بالعمل الانساني بدارفور بل دون أن تقع أي فجوة أو ثغرة جراء الطرد. ان طرد مسئولين عن منظمات هو عمل روتيني عادي متعارف عليه في العلاقات الدولية ويحدث في كثير من الاحيان أن يتم طرد مبعوث دبلوماسي ممثل لدولة ويحدث في كثير من الاحيان أن يتم طرد مبعوث للطرد تقوم باستبداله باخر وينتهي الامر. ان محاولة اظهار قرار الطرد وكأنه امر كارثي ليست فكرة سديدة فالسلطات السودانية لم تطلب حضور هذه المنظمات ولكن قبلت حضورها بشروط متعارف عليها دولياً ومسئولي هذه المنظمات ملزمون بأن يراعوا متطلبات ومقتضيات وجودهم وألا يتجاوزا الخطوط الحمراء المتعلقة بالسيادة كما أن دور هذه المنظمات هو (دور مساعد) وليس دوراً رئيساً, فهي تقدم المساعدة في الاطار المتاح المسموح به ولا يحق لها بحال من الاحوال ان تتعدي ذلك فوق كل ذلك فان الوضع الانساني في دارفور حالياً ليس فيه أي اختلال أو تراجع بدليل أن السلطات السودانية تعمل الان علي اعادة تنظيم معسكرات النازحين بداية بمعسكر كلمة بجنوب دارفور ليكون معسكراً امناً بالمواصفات التي توافق عليها باعتبارها الجهة المسئولة سيادياً. كما أن من المهم أن نشير الي ان مسئولي المنظمات المطرودين لم يدلوا بأي تصريحات ننفي مخالفتهم للقواعد التي عليهم العمل علي أساسها والتي بمقتضاها قررت السلطات السودانية ابعادهم فهم جميعهم (يعلمون) أسباب الطرد, ولو لم تكن الاسباب صحيحة لملأوا الدنيا ضجيجاً ولطالبوا بأن يعادوا مرة اخري. ان مجمل ما نود التأكيد عليه في هذا المنحني هو أن أزمة دارفور لم تعد أزمة حقيقية هي أزمة تتصل حالياً بالعمل الخارجي الذي ياخذ طابعاً استخبارياً الامر الذي يلحق أضراراً جسيمة بسيادة الدولة ويعطل التوصل الي حلول سياسية مستدامة وقد أعلنت الحكومة السودانية مؤخراً استراتيجيتها لحل أزمة دارفور والتي من بينها اعادة الامن وتفكيك المعسكرات, والحد من الانشطة غير السوية لبعض المنظمات الدولية مما يشير ال استحالة تراجع الحكومة عما قررته, وضرورة أن تلتزم هذه المنظمات بما تشير اليه الحكومة وتشترطه عليها!!