اقتربت الحكومة السودانية كثيراً من تحقيق هدفها الاستراتيجي في إقليم السودان الغربي في دارفور والرامي إلى بسط سيطرتها وسيادتها بالكامل على الأوضاع سواء في معسكرات النازحين، أو على أي صعيد خاصة صعيد العمل الإنساني . وبحسب أنباء واردة من ولاية جنوب دارفور فان حكومة الولاية هناك بدأت باتجاه ضبط الأمور فيما يخص معسكرات النازحين الأشهر في دارفور وهو معسكر كلمة . وتفيد الأنباء أن خطة ترحيل المعسكر وتوزيعه على عدد من المعسكرات القريبة من الدن والقرى قريبة التحقق، وذلك بعدما ثبت للحكومة السودانية – بأدلة ملموسة وقاطعة – أن معسكر كلمة صار مرتعاً خصباً لممارسات مختلفة مخلة بالأمن والاستقرار ومخالفة للقانون. في ذات المنحي فان المنظمات الطوعية الأجنبية العاملة في المجال الإنساني في دارفور تبدو غير راضية عن ما تقوم به السلطات السودانية هذا بالتأكيد يرجع الى أن هذه المنظمات تشعر بأنها ليست كما كانت في السابق تلعب وترتع تحت ستار العمل الإنساني، وتدبيج التقارير المفبركة وتساهم في البلبلة والدعايات المفرضة، وقد رأينا كيف قررت الحكومة السودانية قبل نحو عام ونصف طرد (13) منظمة أجنبية كانت تعمل في المجال الإنساني بضروبه المختلفة في دارفور وهو القرار الذي كان أبلغ دليل على أن هذه المنظمات بالفعل كانت تعبث بأمن البلاد، وفي ذات الوقت لم تكن تؤدي عملاً انسانياً فاعلاً له أثر كبير على أرض الواقع حيث لم يقع أي تأثير لطرد هذه المنظمات ولم تحدث فجوة أو ثغرة والآن وحين طردت الحكومة السودانية مسئولي (5) منظمات فقد فعلت ذلك كما استطاعت (سفاري) أن تستوثق من واقع ممارسات خاطئة وعبث أمني يقوم به هؤلاء الخمس المطرودين وان لم يكن قرار طردهم صحيحاً – ومستنداً على وقائع مثبتة – فقد كان إمامهم الحق في إثبات عكس ذلك للصحف والوسائل الإعلامية المختلفة. أن من حق الحكومة السودانية بالطبع ضبط إيقاع العمل الإنساني في إقليمها وهذ امر – بداهة يقع ضمن نطاق صلاحياتها السيادية، كما أن من حق الحكومة السودانية (وضع القواعد) لوجود المنظمات على أرضيها. وفوق كل ذلك فان مسئولي الأممالمتحدة، في مقدمتهم هولمز وكيل الأمين العام الإنساني لينبقي أن يتم بالتعاون مع الدولة والأ يمس سيادتها وأمنها واذا رفضت الدولة هذه المنظمة او تلك فهي إنما تفعل ذلك لأسباب وتقديرات خاصة بها وهذا ما يجعل من تصريحات هولمز وغيره مجرد تصريحات جوفاء ففي النهاية فان دارفور في حاجة إلى تنمية بأكثر مما هي في حاجة إلى اغاثات وأطعمة جاهزة ومن الخير للمنظمات الدولية وبدلاً من إهدار الأموال والجهود في هذا العمل الاغاثي أن تعمل على دعم مشروعات التنمية والبني التحتية والخدمات بحيث يسهم ذلك في توطين الاستقرار وتشجيع النازحين على العودة إلى قراهم وقد رأينا كيف تقاعست هذه المنظمات عن ذلك في الإقليمالجنوبي – لحوالي ست سنوات مضت – ولم تقم بالمشاركة في مشروعات تنموية مؤثرة وخدمية مؤثرة بحيث تصبح ذات فائدة عظيمة الآن الأمر الذي أدي لظهور نقص حاد في الغذاء، وبات يهدد بالنزوح واللجوء من جديد. أن فلسفة المنظمات الأجنبية القائمة على إعطاء الغذاء الجاهز، والعلاج المتحرك، ومن ثم كتابة التقارير، والتدخل في شئون الدولة هذه أمور أصبحت من الماضي وما من دولة ذات سيادة تحترم سيادتها ترضي بوضع كهذا، ومن المؤكد أن إستراتيجية الحكومة السودانية الجديدة الخاصة بحل أزمة دارفور قد دارت عجلتها وهي واصلة لا محال لمبتغاها وعلى المجتمع الدولي دعمها في هذا الاتجاه بشتى السبل.