خاص : سودان سفاري قالت وزارة الخارجية الأمريكية – السبت الماضي – عبر الناطق الرسمي لها في مقرها بواشنطن ، أن واشنطن تتشكك في قدرة السودان على إقامة وانجاز الاستحقاق الإنتخابي المقرر له ابريل من العام المقبل 2010 . وعزت الخارجية الأمريكية عدم إمكانية السودان لإجراء الانتخابات إلى ما أسمته عدم وجود اتفاق على الأساسية للانتخابات والخلافات الناشبة بين طرفي اتفاق نيفاشا بشأن ترسيم الحدود . من جانبها رفضت الخارجية السودانية وعلى لسان متحدث بإسمها ، المزاعم الأمريكية ، وقال ناطقها الرسمي معاوية عثمان أن العملية الانتخابية في السودان بدأت ببداية فتح السجل الانتخابي وتسجيل الناخبين ، مشيرا إلى أن السجل الإنتخابي حتى الآن أنجز تسجيل ما يجاوز ال ( 10 مليون ناخباً ) في سابقة غير مسبوقة في التاريخ الانتخابي للسودان وفي الوقت الذي قامت فيه مفوضية الانتخابات العامة بتمديد فترة التسجيل لأسبوع آخر لقطع الطريق على أي احتجاجات أو انتقادات تطال العملية من قبل أي جهة . ومما لا شك فيه أن ما أوردته الخارجية الأمريكية مثير حقاً للدهشة، وقد أثار هذا الحديث الدهشة حتى في أوساط القوى المعارضة التي قال بعض قادتها أنهم حتى الآن لم يشككوا في قواعد العملية الانتخابية ، إذ أن هنالك قانون انتخابات اجازة البرلمان السوداني ولم ترد فيه مواد تخالف القواعد المتعارف عليها ، وكل الذي تنتقده القوى المعارضة يتركز فقط حول ما تزعم أنه غياب للمناخ الديمقراطي بما يشير إلى أمر فضفاض ومعتاد ومألوف في العادة في أي بلد تجري فيه انتخابات عامة حيث يتخوّف المتخوّفون ، ويتوجّس المتوجّسون لأن طبيعة العملية الانتخابية ، طبيعة تنافسية ، تحتمل الربح والخسارة ، والقوى السياسية المعارضة غالباً لا تحتمل الخسارة ولا ترضى بها . ولعل أكثر ما يثير الدهشة بشأن ما أوردته الخارجية الأمريكية أنها ظلت وطوال الأشهر الست الماضية وعبر موفدها الخاص ( سكوت غرايشن ) تدعو وتحث الأطراف المختلفة إلى الاهتمام العملية الانتخابية وضرورة إنجاحها بل أن واشنطن قطعت الطريق حتى على حلفائها في الحركة الشعبية وحذرتهم من مغبة التهريب من الانتخابات أو عدم خوضها ، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الأممالمتحدة ومن خلال إدارتها القانونية المختصة بقضايا الانتخابات في العالم أشادت قبل أيام قلائل بقانون الانتخابات السوداني ، وقالت أنه يحتوى على المعايير الدولية المتعارف عليها ، ومن المستحيل طبعاً أن تأتي هذه الإشادة بالقانون الانتخابي السوداني من المنظمة الدولية إذا لم تكن القواعد المتضمنة في القانون جيدة ومتفق عليها بين القوى السياسية السودانية ولهذا فإن حديث الخارجية الأمريكية – أن أردنا الإنصاف – لا يعدو مجرد ترديد لمقولات سياسية تتحدث بها بعض الألسن السياسية المعارضة ( المغلوبة على أمرها ) والتي تتكئ وتراهن على معطيات أخرى غير منظورة بعيدة كل البعد عن المعطيات السياسية الواضحة والمقبولة . أما فيما يلي الشأن الحدودي ، فإن قضية الحدود كونت لها لجنة وتمضي في عملها ولم يقل أحد من أطراف اللجنة حتى الآن أن اللجنة تعثرت أو وصلت إلى طريق مسدود . وعلى كلٍ، فإن المناخ المتوفر حتى الآن في السودان مواتي للانتخابات العامة وليست القضية هنا قضية قواعد أو حدود ، القضية قضية مصالح بعينها لا تزال تشد أنظار صناع القرار في واشنطن والتنازع القائم بين ما يمكن وصفهم بالصقور المتشددين داخل إدارة أوباما والملتزمين جانب الموضوعية منهم . لا أكثر ولا اقل !!.