يجهل قطاع عريض من المواطنين الجنوبيين المقيمين فى الشمال السوداني حقيقة ما سيؤول اليه وضعهم القانوني فى الشمال إذا ما جاءت نتيجة الاستفتاء لصالح الانفصال عقب استفتاء التاسع من يناير 2011 ،وهو جهل دون شك خطير ،و ناجم عن (خداع مريع) تخادعه به الحركة الشعبية حين تلمح باستمرار الى ان بوسع المواطن الجنوبي أن ينعم بجنسية الشمال و ينال حقوق المواطن كاملة ، وفى الوقت نفسه يظل صاحب مواطنة و حقوق مماثلة فى الجنوب .و لعل ما زاد طين هذا الفهم بلاًّ أنه و حين قال وزير الإعلام السوداني د. كمال عبيد حقيقة مآلات أوضاع الجنوبيين فى الشمال بعد الانفصال فان ثورة واسعة النطاق ثارت ضد تصريحات الوزير و اعتقد البعض – ومن بينهم هؤلاء المواطنين – ان ما قاله عبيد كان مجرد تطرف غير محكوم بقواعد وحسابات واقعية. لهذا فان من الضروري هنا ان نشير الى أوضاع المواطنين المقيمين فى الشمال وبمجرد ظهور نتيجة الاستفتاء بالانفصال سوف تتغير تماماً ، حيث يفقدون الجنسية السودانية تلقائياً و هذا بنص قانون الجنسية السوداني المستند الى الدستور السوداني الانتقالي 2005 المستند بدوره الى القانون الدولي فى هذا الصدد ، حيث لا يحمل مواطن لدولة اخري جنسية اى دولة اخري الا بقانون و تصديق من السلطة المختصة و يستوي فى هذا المضمار كافة مواطني الجنوب ، سواء من صوت لصالح الوحدة او الانفصال ، وسواء كان المواطن المعني انطبق عليه حق التصويت المنصوص عليه فى قانون الاستفتاء 2005 أم لا . ومن المهم هنا الإشارة الى مسألة بالغة الأهمية ،وهو ان تعريف المواطن الجنوبي عقب ظهور نتيجة الاستفتاء بالانفصال سوف يشمل كل مواطني الجنوب على نحو شامل بحيث يمكن القول ان المواطنين الجنوبيين الوحدويين الذين يعترف القانون بوجودهم فى الشمال هم سكان أبيي من دينكا نقوك ، فهؤلاء وحدهم الذين يطلق عليهم وصف مواطنين جنوبيين فى الشمال ، أما بقية المواطنين الجنوبيين فهم سوف ينطبق عليهم وصف (رعايا دولة الجنوب) و من ثم يسري عليهم القانون السوداني فى هذا الصدد . هذا هو الواقع الذى لا مجال لمداراته او إخفاؤه و لئن أصدرت السلطات السودانية على لسان قيادة الدولة الرئيس البشير تطمينات واضحة بالمحافظة على هؤلاء المواطنين الجنوبيين و حمايتهم و أملاكهم فهذا أمر (سيادي خاص) له دواعيه الاجتماعية ومرتبط بأخلاق السودانيين بصفة عامة، ولكنه ليس حقاً خالصاً يتمسك به مواطني الجنوب و قد ورد ذك فى حديث لوزير الدولة بوزرة مجلس الوزراء د. محمد المختار ،و الذى يعتبر احد المشاركين بصورة فاعلة فى مفاوضات نيفاشا و بنود الاتفاقية وكان الرجل دقيقاً جداً فى إشارته هذه ، كما ورد ذات الشئ فى حوار أجرته صحيفة السوداني السوداني مع وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين ، الذى أكد ان منسوبي الجيش من مواطني الجنوب سوف يمنحوا حقوقهم عقب ظهور نتيجة الاستفتاء اذا أدي الاستفتاء الى الانفصال ، بما يؤكد أنهم لن يكون لهم مكان فى ذلك الحين لأنهم باتوا رعايا لدولة اخري . تري ، هل وعي المواطنون الجنوبيون هذه الحقائق و المخاطر المترتبة عليها أم أنهم فى غمار سكرة التطلع لدولة جديدة ناموا علي دعوة الحركة بنيل (مقعدين) مقعد فى الشمال و آخر فى الجنوب ؟