تحليل سياسي مضت حوالي الست أشهر حتى الآن على إطلاق الحكومة السودانية لخطتها بشأن حل أزمة دارفور ، والتى باتت تعرف بإستراتيجية حل أزمة دارفور . فيا تري الى أى مدي نجحت هذه الإستراتيجية أو لاقت قبولاً دولياً ؟ لعل أول قبول دولي لاقته الإستراتيجية هو فى الاجتماع الدولي الذى انعقد فى نيويورك فى الرابع و العشرين من سبتمبر 2010 و الاجتماع المقصود هنا ليس هو الاجتماع الذى حضره الرئيس أوباما بجانب أمين عام الأممالمتحدة و الفريق كير و الأستاذ على عثمان وبعض القادة العرب و الافارقة ،وهو الاجتماع الذى نوقشت فيه قضية استفتاء جنوب السودان. الاجتماع كان بدعوة من الحكومة الهولندية وجهت فيه دعوة مباشرة للحكومة السودانية و بعض الدول المانحة و المنظمات الإنسانية العاملة فى دارفور . الحكومة السودانية انتهزت الفرصة وقامت بتوزيع نسخاً من الإستراتيجية الدارفورية على المشاركين فى الاجتماع ، وكانت النتيجة الجيدة ان المجتمعين أشادوا بما ورد فى الاستراتيجية وأقروا على وجه الخصوص البند المتعلق بالعودة الطوعية للنازحين من المعسكرات الى مدنهم و قراهم . ويشير مصدر دبلوماسي فى نيويورك الى ان إشادة المجتمعين بهذين البندين على وجه الخصوص وقبولهم لكل بنود الاستراتيجية لم ينطلق من منطق مجاملة دبلوماسية ، فالمجتمعين كانوا جميعهم من الخبراء المتخصصين فى الشأن السوداني ،والحكومة الهولندية الراعية للاجتماع درجت على عقد هذا الاجتماع سنوياً و تقوم بقياس ومتابعة الوضع الإنساني بموضوعية كبيرة لأنها فيما يبدو حريصة على إيلاء الوضع الإنساني أقصي اهتمامها . و كما قلنا فان قبول المجتمعين لهذين البندين بالذات مرده الى ان هذه هى جوهر الأزمة فى دارفور ،حيث يتم الصرف على العمل الإغاثي سنوياً بملاين الدولارات و هى أموال تمضي ولا تعود بأي نفع ، أما اذا تم التوجه باتجاه العمل التنموي (المشاريع الخدمية المنتجة) فان هذا قد يأتي بعائد ملموس و يساعد على الاستقرار خاصة فى ظل وجود قوات حفظ السلام التى اكتسبت خبرة جيدة فى حراسة المنشآت و متابعة تحركات المسلحين. أما فيما يخص تفكيك المعسكرات وتشجيع العودة الطوعية فهذه بمثابة حلول إستراتيجية تلقي بالعبء على كاهل المنظمات الإنسانية التى درجت على العمل فى هذه المعسكرات منذ سنوات بغير جدوي ، إذ يمكن القول ان إستراتيجية حل أزمة دارفور مضت بالاتجاه الصحيح وقطعت مسافة لا بأس بها، ومن المؤكد ان نجاحات عديدة يمكن ان تحرزها لو سارت بذات النهج .